مؤسسة الملك وأعياد الوطن
لا بد أن الكثير منا قد لمس التزامن الموفق في الإعلان عن إنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية مع ختام شهر رمضان المبارك، وإشراقة عيد الفطر، عيد أمة رسول الرحمة محمد بن عبد الله - عليه صلوات الله وسلامه. كما جاء ذلك الإعلان متزامنا مع العيد الوطني للمملكة العربية السعودية الذي بات في عهد الملك عبد الله مناسبة سنوية للاحتفاء بإنجازات إنسانية عظيمة قُدمت لخدمة الوطن والأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء. فالجهود التي بُذلت في خدمة الدين تضاعفت في عهده. إذ شهد المسجد الحرام مشروعات للتوسعة تعد الأكبر في تاريخه بما في ذلك سقيا زمزم التي شهدت تطويرا غير مسبوق، كما شهد المسجد النبوي الشريف توسعات ضاعفت ساحات الصلاة كي ينعم المسلمون بذكر الله في أجواء من السكون والطمأنينة.
وفي الأمس القريب تم إطلاق برنامج الملك عبد الله للابتعاث، وهو برنامج لا ند له في حجمه وتخصصاته في تاريخ المملكة وربما في تاريخ كثير من الدول الأخرى. وكنت قد كتبت في «الاقتصادية» منذ إطلاق ذلك البرنامج أكثر من مقال أشرت فيها إلى بعض الفوائد التي سيحققها، بإذن الله، وعلى رأسها مد جسور للتبادل الحضاري والثقافي مع مراكز المعرفة في العالم الجديد، والأهم من ذلك بناء كوادر سعودية مؤهلة قادرة على العمل في بيئة يعتمد نجاحها على المنافسة مع أطراف متعددة في كل المستويات. كما كتبت في 25/11/1426هـ أن هناك قرارات في حياة الأمم تترك بصماتها على مسيرتها، من بين تلك القرارات سيسجل التاريخ قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بوضع برنامج طموح للابتعاث للدراسة في الخارج في مرحلة تسير فيها المملكة نحو المزيد من البناء ورسم مستقبل واعد لأبنائها.
ثم توالت الخطى بوتيرة متسارعة، إذ أنشئت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وتضاعفت مخصصات التعليم وأعداد مؤسساته لحد أصبحت وسائل إعلامنا لا تخلو يوما من خبر عن إنشاء جامعة هنا أو مركز بحوث هناك. وقد تولد عن ذلك الإنفاق السخي حراك غير مسبوق على المستوى الوطني في مضمار العلم والبحث بدأت ثماره تظهر في أعمال رصينة أنجزها أبناؤنا وبناتنا في معامل ومختبرات مشهود لها بالكفاية. ومن ثم غدت أخبار الإنجازات العلمية في المملكة تأخذ حيزا مرموقا ضمن اهتمامات المجتمع بكل أطيافه وهو ما يعد تحولا يستحق التنويه.
وعلى الساحة العالمية أطلق - حفظه الله - مبادرات إنسانية عدة، من بينها حوار الأديان والثقافات، الصندوق العالمي لأبحاث الطاقة، مكافحة الإرهاب، وغيرها. كما أصبحت المملكة في ظل قيادته رمزا من رموز الوسطية والاعتدال، وداعية صادقة للمحبة والسلام بين شعوب الأرض.
ومن ثم فإن قرار إنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية جاء في وقت مناسب ومتناغم مع الخطوات الجبارة التي خطتها المملكة بقيادته، حفظه الله، في الميادين التي نصت عليها أهداف المؤسسة. إذ إن تلك المبادرات والأعمال الجليلة التي تبناها الملك تشكل للمؤسسة آفاقا واسعة ذات مصداقية للعمل الجاد ما يساهم في نشر القيم الكريمة للإسلام في أصقاع الدنيا، وخدمة الوطن.