هل من مهام الأمانة رعاية الأنشطة الثقافية والترفيهية؟

منذ بدأت أمانات المدن رعاية الأنشطة الثقافية والترفيهية وكثير من معارضي هذه الأنشطة يرى أن هذا الأمر ليس من اختصاص الأمانات، وأنه هروب من مجالات عملها التي حددها لها النظام، والبعض طالب الأمانات بالتفرغ لإصلاح الطرق وردم الحفر بدلا من رعاية هذه الأنشطة، بل هناك من رأى أن الأمانات استولت على نشاط ليس من اختصاصها، هذه الأقوال نسمعها ونقرأها في كل عيد، دون أن نحاول الرجوع إلى الأنظمة التي تحدد مجالات عمل الأمانات، وهي أنظمة لو رجعنا إليها لوجدنا أن توفير الخدمات الثقافية والترفيهية لسكان المدن جزء من مهام الأمانات. المرسوم الملكي رقم م/5 وتاريخ 21/2/1397 هـ حدد وظائف ومهام البلديات والأمانات بـ 21 فقرة، الثالثة منها نصت على أن من مهامها ''المحافظة على مظهر ونظافة البلدة، وإنشاء الحدائق والساحات والمتنزهات وأماكن السياحة العامة وتنظيمها وإدارتها بطريق مباشر أو غير مباشر ومراقبتها''، ونصت الفقرة الـ 16 على ''تشجيع النشاط الثقافي والرياضي والاجتماعي والمساهمة فيه''.
وبالطبع هذا لا يعني إغفال مهام الأمانات الأخرى، لكن الاهتمام بالجانب الثقافي والترفيهي جزء من مهام الأمانات في توفير البيئة المناسبة للسكان، وإيجاد مجالات ترفيه تُغني سكان المدينة عن النزوح إلى مناطق أخرى أو إلى الدول المجاورة. وخلال الأعوام الماضية رأينا إقبالا كبيراً على الأنشطة الثقافية والترفيهية التي تقام خلال عيد الفطر في مختلف مدن المملكة، وازداد عدد هذه الفعاليات في مدينة الرياض على سبيل المثال حتى بلغ هذا العام أكثر من 200 فعالية للرجال والنساء والأطفال، كما ساهمت هذه الفعاليات في توفير أكثر من أربعة آلاف فرصة عمل خلال أيام العيد.
هذه الفعاليات المتنوعة التي تم توزيعها في أنحاء العاصمة بشكل يغني سكان الأحياء عن الانتقال إلى أحياء بعيدة عن سكنهم، أسهمت ليس في الحد من هجرة المواطنين خلال أيام العيد، بل جعلت من الرياض مدينة جذب سياحي، حيث وفد إليها كثير من سكان المناطق والمدن المجاورة رغبة في الاطلاع على فعاليات العيد. وكان دور أمانة منطقة الرياض والهيئة العليا للسياحة والآثار وهيئة تطوير مدينة الرياض بتوجيه من أمير منطقة الرياض ونائبه بارزاً في إنجاح فعاليات العيد. ويلاحظ أنه في كل عيد ترتفع الأصوات المطالبة بتمديد فعاليات العيد لأيام أخرى، وكان أمين منطقة الرياض واضحاً في بيان سبب عدم تمديد هذه الفعاليات، فالتكلفة عالية على الأمانة، إضافة إلى أن عدداً كبيرا من الذين يعملون في احتفالات العيد من المتعهدين أو أفراد ومنسوبي الجهات الأمنية يحتاجون إلى الاحتفال بالعيد مع أسرهم وذويهم. إن تجربة أمانة منطقة الرياض في رعاية أنشطة وفعاليات العيد الناجحة، تجعل من المناسب التفكير في إيجاد مجالات ترفيه أسبوعية موجهة إلى الأسر وكذلك إلى الشباب، بحيث توفر لهم أنشطة وفعاليات تشغل أوقاتهم، وتخفف مما نشهده من ازدحام مروري في شوارع مدينة الرياض في نهاية الأسبوع، كما ستسهم في تغيير سلوك يعانيه كثيرٌ من أرباب الأسر، وهو ارتباط الترفيه بالتسوق في المراكز التجارية، وإذا ما وفرت هذه الفعاليات الأسبوعية التي من المفترض أن يكون للقطاع الخاص الدور الأبرز فيها، سنجد أن ما يتوافر من وظائف مؤقتة خلال فترة العيد يتحول إلى وظائف دائمة، كما سنرى كثيراً من السلوكيات السيئة التي نراها في الشوارع قد اختفت، بعد أن وجد الشباب ما يشغل فراغهم ويوفر لهم الترفيه بعيدا عن الدوران في الشوارع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي