كل شيء للبيع ...

مجموعة من الوسائل يطبقها الناس في حياتهم اليومية تعتمد سياسات الحوافز والعقوبات لتشجيع أنماط اجتماعية أو أخلاقية أو اقتصادية. تلك السياسات تطبق على الكبار والصغار؛ فمن أجل الحد من حوادث السير على الطرق السريعة هناك غرامات تفرض على من يتجاوز سرعة معينة. في المقابل, من أمثلة التحفيز أن يغري الأهل أولادهم بلعبة أو نزهة إذا انتهوا من فروضهم بسرعة، وأن تلجأ بعض المدارس في أمريكا إلى أن تعطي دولارين للتلاميذ،عن كل كتاب ينهونه في أسبوع كأسلوب لتحميسهم على القراءة.
لكن بدأت تظهر نظريات عديدة تسعى إلى إعادة النظر في بعض الأساليب المستخدمة في التحفيز حتى لا يتم تفريغها من مغزاها الأخلاقي فتذهب بعض الدراسات إلى تفصيل مثال النقود مقابل القراءة، بأنه قد يؤدي إلى جعل الأطفال يقبلون على الكتب كوسيلة لكسب الأموال، ومن ثم تتراجع القيمة الحقيقية للقراءة. كما يعمل إغراء اللعبة أو النزهة على إنهاء الطالب واجباته ضد جودة الدراسة وإتقانها. وفي مقارنة عمليات التبرع بالدم في أمريكا التي تسمح بدفع مبلغ للمتبرعين بالحالة البريطانية التي تمنع أي حوافز مالية انطلاقا من أن التبرع هو قيمة أخلاقية أولا. وجدت الدراسة انتشار الدماء الملوثة في النموذج الأمريكي وخلصت إلى نتيجة أن تفريغ الأعمال من معناها الأخلاقي وتحويلها إلى سلع تباع وتشترى سيخفف إلى حد كبير من الالتزام الأخلاقي للبشر تجاه الآخرين.
وحتى على المستوى الأعم فيما يتعلق بتلوث الهواء الذي تحول بدوره إلى نوع من التجارة. فبدلا من اللجوء إلى مزيد من الصرامة في التعامل مع الشركات والمصانع التي تزيد من انبعاثات الغازات الضارة، نشأت أعراف جديدة تروج لنظام الحصص بحيث يمكن شراء الحصص المسموحة من الغازات الملوثة على مستوى دول أو مصانع، وهذا ما سيجعل المناخ محكوما بنسب متزايدة من التلوث طالما أن الأمر له علاقة بالربح و الخسارة.
أيضا نظام الحصص ظهر في طروحات جديدة من قبل بعض أساتذة القانون, بشأن تحويل المواطنة إلى سلعة ففي اقتراحاتهم حول الهجرة يروجون بأن يقام صندوق دولي يحدد لكل بلد حصته من المهاجرين استنادا إلى ناتجها القومي ومواردها، لكن في المقابل يستطيع كل بلد أن يبيع أو يشتري التزاماته. فإذا خصص للسويد عشرة آلاف مهاجر سنويا ولا تريدهم فبإمكانها أن تدفع لليونان مثلا مقابل السماح لهم بذلك. وطبقا لمنطق السوق الذي تروج له تلك الطروحات فالكل رابح لكنه في المقابل ينطوي على اعتبارات لاأخلاقية، حين تضيع في صفقات البيع والشراء حقيقة أن اللاجئين هم كائنات بشرية يتهددها الخطر.
لكن ابنة بيل كلينتون رئيس أمريكا السابق وابنة وزيرة الخارجية حاليا ابتكرت أسلوبا جديدا في نظام العقوبات فقد اشترطت في عقد زواجها أن مقابل كل خيانة يرتكبها زوجها سيدفع عشرة ملايين دولار. الأمر الذي سيجعل من الخيانة صفقة رابحة إذا تكررت عشرات المرات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي