الوزن المثالي

تحولت الإعلانات التجارية إلى أمر واقع يحاصر البشر من كل حدب وصوب ولم ينفع معها إغلاق أجهزة التلفزيون أو الراديو فهي تلاحقنا برا وبحرا وجوا.
قد يكون الكبار أقدر على التحكم في رغباتهم الشرائية أو السلوكية التي تحفزها الحملات الترويجية, وإن كانت مناعتهم تضعف أحيانا أمام لوح من الشوكولاتة أو قطعة مثلجات تمر كل 15 دقيقة أمام أعينهم, بينما يشاهدون فيلم السهرة. لكن الوضع مع الأطفال مختلف، فالأمر خارج عن حدود السيطرة بسبب ما يشاهدونه في كل ما يحيط بهم ويؤثر في أنماطهم الغذائية وبالتالي يحرضهم للإلحاح على أهاليهم لتأمين أصناف من الوجبات الغذائية دون أخرى كما وتعلمهم الملل السريع من وجبة معينة أو لعبة بمجرد ظهور أخرى. من ناحية أخرى قد لا ينال الملل فقط تفكير الأطفال, أيضا بدأت تتغلغل في عقول كثيرين من الكبار بعض الأنماط السلوكية التي قد لا تبدو متسامحة إلا مع نموذج الشباب الدائم الذي لا يقبل الترهل والتعب والوزن الزائد.
تلك الظاهرة الحتمية قد تحتاج إلى إعادة نظر أو ترتيب أوضاع كما يحدث في بلدان عديدة حول العالم, بالتأكيد لا ينتمي إليها عالمنا العربي. فبلدان مثل أوروبا وأمريكا وكندا وغيرها وضعت ضوابط فيما يتعلق بمواعيد العرض خصوصا في الأوقات التي تكثر فيها برامج الأطفال، حيث يتم منع الكثير من الإعلانات في فترة ما قبل الثامنة مساء. تشمل الضوابط أيضا المصطلحات المستخدمة في العرض، حيث يشترط أن يكون وصف المنتج بكلمات بسيطة خالية من أي مبالغات أو أسماء تفضيل , حتى لا يؤثر في قرارات المشتري ويضعف من تنافسية المنتجات الأخرى مثل: «أفضل كريم للقضاء على التجاعيد «أو «الشامبو الأول في العالم للقضاء على القشرة», «أرقى الخيوط وأفخم أنواع الحياكة», «أهم الخبرات العالمية» وغيرها كثير مما نستمع إليه أو نشاهده على مدار الساعة.
إذا يمكن القول إن الحملات الترويجية تقوم بدور المتحدث الرسمي عن نشاط الأفراد والمنشآت وهي وسيلة المستهلك للتعرف على السلع والخدمات، وقد وصفها كثيرون بأنها «غسيل للمخ» يستخدم آليات الصوت والصورة وربما الأغنية المشوقة وأساليب أخرى خفية لإقناع الكبار والصغار بأهمية السلعة. وقد يتكلف الإعلان مبالغ أكثر من السلعة نفسها كما هو حاصل في العطور وأدوات التجميل التي تتكلف عبواتها أكثر من 80 في المائة من سعر العطر أو الكريم.
قد تكون فكرة «الفنكوش» كما عرضها الفنان عادل إمام, مثالا ساخرا على قدرة الإعلانات على الترويج للأوهام. «الفنكوش» هو منتج وهمي لم يكن له وجود, ومع ذلك جندت له مبالغ ضخمة للإعلان عنه ووصف بالكثير من المبالغات من أنه يصلح للكبار والصغار وفي كل المناسبات وأنه اختراع العصر والأوان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي