الأعمال الفنية المحلية .. تتجاهل الهزيمة وتستخف بالمشاهد!
في السنوات الماضية الأخيرة أصبحت هناك أشبه بحروب الفضائيات على عرض الأعمال الفنية في شهر رمضان، لدرجة أن المشاهد من الممكن أن يلاحظ الفرق بين طريقة عرض تلك الأعمال خلال السنة وطريقة عرضها في رمضان، حيث يخرج على المشاهد في الشهر الفضيل كل ما يمكن أن يتوقع من أعمال سواء جيدة أو غير جيدة، ناجحة أو فاشلة، وكأن هذا الشهر المبارك فرصة ذهبية للتسويق الفني، ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العربي أيضا، وذلك لأن كثيرا من الناس ربما لا يشاهدون برامج الفضائيات إلا في هذا الشهر نظرا لشدة الإعلانات والدعايات التي تعرض زخما من الأعمال الفنية، ولو سلط الضوء قليلا على الأعمال الفنية المحلية لوجدنا أن البعض منها ما زال لم ينضج فكريا، على الرغم من وجود رصيد سنوات طويلة على عرضه أثناء الشهر الكريم خاصة بعض الأعمال الفنية الكوميدية المحلية التي يبدو في عرضها استخفاف بعقلية المشاهد. والمشكلة الأكبر حتى أن مثل تلك الأعمال للأسف تعرض على مستوى واسع ليراها العرب خارج العالم العربي وفي العالم العربي، ولعل مثل هذا العامل هو من العوامل التي يجب أن تدفع إلى أهمية إتقان العمل الفني، والسبب الأول لأن المنافسة عالية جدا والعمل الذي يعرض، إن لم يكن بالصورة الممتازة التي يرجوها المشاهد وتغذي لديه الجانب العقلي وتشبع عنده الفكر الذي ينتظرها منه، فإن هذا العمل سيجد شهرته التي يركض خلفها مقدمو العمل، ولكن هذه الشهرة ستكون من الجانب السلبي؛ بمعنى أن هذا العمل الفاشل سيحظى بالقدر الأكبر من النقد اللاذع الذي سيكون على مقدار تفاهة هذا العمل وفوضويته وسطحيته وفقدان الفكرة، الذي يأتي من الاستنفاد الكامل لجمال العمل من خلال التكرار الممل للشخصيات والمواقف والدوران في حلقة مفرغة، والغريب أن الكوميديا الخليجية تظل تتفوق على الكوميديا المحلية على الرغم من التشابه الكبير بين دول الخليج وتوحد العادات والتقاليد والأفكار، إلا أن هناك كثيرا من المواقف الكوميدية الرائعة والأفكار المبتكرة التي نشاهدها في مسلسلات الكوميديا البحرينية والكويتية مثلا، ونفتقدها بشكل كبير في الكوميديا المحلية.
إن احترام عقلية المتلقي وأبعاد تفكيره هو من العوامل التي يبنى عليها سر النجاح دائما لإنجاز أي عمل أو حتى عرض أو بيع أي سلعة، ولكن التوقع المنخفض لمستوى قبول المتلقي هو الذي يخفض الكيفية التي يقدم بها الأداء، بل إن المشكلة الأكبر تكون عند تجاهل النقد المقدم تجاه العمل من خلال تكرار الأخطاء نفسها كل عام، مع أن من ألف باء الكوميديا الابتعاد عن التكرار في التقديم.
ربما ليس (كل) الكوميديا المحلية فشلت .. نجح مسلسل واحد إلى حد ما من وجهة نظري، ولكن هناك كثير من المسلسلات التي فشلت فشلا ذريعا ومع ذلك ما زال مقدموها يكابرون رغم الفشل والهزيمة!!