27.1 .. رقم صعب للتعامل مع البطالة في السعودية

أعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، نتائج التعداد العام الأخير للسكان والمساكن لعام 1431هـ (2010)، الذي تم تنفيذه بمقتضي قرار مجلس الوزراء رقم (244) وتاريخ 26/10/1423هـ.
النتائج الأولية للتعداد الأخير لعدد السكان، عكست زيادة ملحوظة في عدد السكان في السعودية (المواطنين والمقيمين)، في حدود 20 في المائة مقارنة بنتائج التعداد السابق أو الثالث لعدد السكان، الذي تم تنفيذه في عام (2004)، حيث قد بلغ العدد الإجمالي لسكان المملكة وفقاً للتعداد الأخير (27.136.977) نسمة، يمثل (18.707.576) نسمة من المواطنين السعوديين، و(8.429.401) نسمة من المقيمين من غير السعوديين، في حين بلغ مجموع عدد السكان، وفقاً لنتائج التعداد السابق (22.678.262) نسمة، والذي يمثل (16.527.340) نسمة من المواطنين السعوديين، و(6.150.922) نسمة من المقيمين من غير السعوديين.
بإجراء مقارنة بسيطة بين نتائج تعداد السكان الأخير لعام (2010)، ونتائج التعداد السكاني السابق، الذي تم تنفيذه في عام (2004)، يتضح لنا ببساطة شديدة، أن نسبة النمو بالزيادة، التي رصدتها نتائج التعداد الأخير في عدد المقيمين من غير المواطنين، تفوق بكثير نسبة النمو بالزيادة، الحاصلة في أعداد المواطنين السعوديين، الأمر الذي يؤكده، أن نتائج التعداد الأخير عكست بنسبة نمو في أعداد المواطنين السعوديين، بلغت نحو 13 في المائة، أو ما يعادل نسبة نمو سنوي نحو 2.1 في المائة خلال الفترة (2004 إلى 2010)، في حين قد بلغت نسبة النمو بالزيادة في أعداد المقيمين من غير السعوديين خلال الفترة نفسها نحو 37 في المائة، أو ما يعادل نسبة نمو سنوي بلغت نحو 6.2 في المائة.
هذا الاختلال والتباين الديموغرافي، الواضح في نسبة النمو في عدد سكان المملكة، الذي عكسته نتائج التعداد السكاني الأخير، وبالتحديد بين نسبة النمو في أعداد المواطنين السعوديين خلال الفترة (2004 – 2010) مقابل نسبة النمو في أعداد المقيمين من غير السعوديين للفترة نفسها، ينذر بحدوث أزمة بطالة جديدة في بلادنا، قد يصعب على الأجهزة الحكومية المعنية بشأن السعودة في المملكة التعامل معها والقضاء عليها، ولا سيما في ظل ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والشابات السعوديين، إذ تشير الإحصائيات إلى أن معدل البطالة بين الجنسين بلغ 10.5 في المائة من إجمالي قوة العمل في المملكة، التي تقدر بنحو أربعة ملايين عامل، والتي تعد نسبة مرتفعة جداً بجميع المقاييس والمعايير العالمية والتنموية، بالذات في حجم وقوة ومتانة الاقتصاد السعودي، إضافة إلى قدرة القطاع الخاص والمدن الاقتصادية المختلفة على توظيف أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، بمن في ذلك القادمون أو الداخلون الجدد إلى سوق العمل.
رغم احترامي وتقديري الشديد للجهود الكبيرة، التي بذلتها وزارة العمل في الماضي ولا تزال في سبيل سعودة الوظائف، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص، إلا أن فشل تلك الجهود فشلا ذريعا، وعدم قدرتها على ترجمة أهداف السعودة، إلى واقع وحقائق ملموسة على أرض الواقع، أدى بنا إلى هذه النتائج المؤلمة، المتمثلة في عدم قدرة القطاعين العام والخاص على استيعاب نحو 448 ألف عاطل عن العمل من الذكور والإناث.
بصرف النظر عن تعريف البطالة في بلادنا، كونها هيكلية أم غير هيكلية، لا بد من وضع حلول قاطعة لها وملزمة التطبيق والتفعيل في القطاعين العام والخاص على حد سواء، بالذات في ظل تنامي عدد العاطلين عن العمل، إضافة إلى التنامي الواضح في أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، إذ تشير المعلومات إلى أن الجامعات السعودية، وفرت نحو 278 ألف مقعد دراسي جديد في 24 جامعة حكومية، في جميع مناطق المملكة لخريجي الثانوية العامة للعام الدراسي الجديد 1431/1432هـ، بزيادة قدرها نحو 12 في المائة، مقارنة بعدد المقاعد، التي أتيحت في العام الذي قبله، كما أن هناك أكثر من 80 ألف طالب وطالبة مبتعثون من قبل الدولة للدراسة في الخارج، وجميع هؤلاء في حاجة إلى تأمين وظائف لهم لدى تخرجهم في الجامعات سواء المحلية أم الأجنبية.
إن عدم التعامل مع مشكلة البطالة في بلادنا، ينذر عاجلاً أم آجلاً بحدوث مشكلات تنموية عديدة، قد تخلخل من قوة ومتانة وصلابة الاستقرار الاجتماعي، الذي تتمتع به المملكة، ولا سيما أن إحدى الدراسات، كشفت عن أن نسبة كبيرة من المسجونين لم تكن لديهم وظيفة ثابتة قبل محاكمتهم.
الخروج من مأزق تفشي ظاهرة البطالة في السعودية، يتطلب أولاً التعامل بحزم شديد مع مشكلة الإفراط في استقدام العمالة الوافدة، بما لا يضر بطبيعة الحال بمصلحة الاقتصاد السعودي، بالذات في ظل تزايد أعداد العمالة الوافدة من عام إلى آخر، وكما يقولون بداعي أو من غير داع، إذ تشير المعلومات إلى أن عدد تأشيرات الاستقدام، التي قد أصدرت خلال العام الماضي قد بلغ نحو 1.5 مليون تأشيرة، من بينها نحو 982 ألف تأشيرة استقدام تخص القطاع الخاص، كما أن الأمر يتطلب تفعيل القرارات الخاصة بالسعودة (توطين) الوظائف وفقما نص على ذلك نظام العمل، إضافة على تفعيل القرار الصادر عن مجلس الوزراء رقم 50 وتاريخ 21/4/1415، الذي ينص على أن تقوم كل منشأة تستخدم 20 شخصاً فأكثر بزيادة العمالة السعودية لديها بما لا يقل عن (5 في المائة) من مجموع عمالتها بشكل سنوي، والله من وراء القصد.

المزيد من الرأي