كعكة عقود المقاولات الكبرى والمواطن
تقول وزارة المالية إن القيمة الإجمالية للعقود التي أجازتها خلال النصف الأول من هذا العام بلغت 71.5 مليار تقريبا، منها 60 مليار ريال للمشاريع الإنشائية. أي أن قطاع المقاولات يعيش مرحلة غير مسبوقة, تنفيذا وتشغيلا وصيانة, حيث تستأثر بنصيب الأسد من هذه المشاريع شركات كبرى، ليس من بينها أي شركة مدرجة في السوق المالية السعودية، أي أنها ليست شركات مساهمة عامة، بل إن منها شركات ذات مسؤولية محدودة عدد الشركاء فيها لا يزيد على 50، ورأسمالها قد يكون عند الحد الأدنى, وهو 500 ألف ريال سعودي.
ربما يسترعي انتباهكم وجود قطاع في السوق المالية السعودية باسم ''التشييد والبناء''، فيه 13 شركة، لكنها ــ وفق البيانات المنشورة في تداول - شركات صناعية في الأساس عدا مجموعة المعجل, وهي متخصصة في مقاولات النفط والغاز. ومع أن هيئة السوق المالية تهدف إلى زيادة عدد الشركات المدرجة في السوق, إلا أننا لم نر أيا من هذه الشركات الكبرى مدرجة في السوق. بالتأكيد إن طلب تحول شركات المقاولات الكبيرة إلى شركات مساهمة عامة أمر عائد إليها، لكن رؤية هذه الشركات في السوق أمر إيجابي, خاصة أن الكعكة كبيرة, وكبيرة جدا، ولا تخلو المجالس عن الحديث عن هذه الشركات والمشاريع التي تفوز بها.
اتسعت السوق المالية السعودية لعشرات الشركات المساهمة في قطاعات مختلفة ومتنوعة، منها ما تحقق خسائر متتالية، ومنها ما لا يزيد رأسمالها على ربح إحدى شركات المقاولات من عقد واحد فقط, لكن هذه السوق ضاقت بشركات المليارات. كما تزف بعض الشركات لمساهميها أخبار فوزها ببعض العقود، عسى يجبر ذلك ضررهم النفسي والمادي من الخسائر المتوالية؛ في الوقت الذي لا تمثل أرباح هذه الشركات منذ إنشائها نسبة تذكر مقارنة بما تحققه شركات المقاولات الموصدة أبواب أسهمها عن السوق.
لا نستطيع إلزام الشركات، التي تفوز بعقود حكومية بمليارات الريالات، أن تتقدم بطلب تحويلها إلى شركات مساهمة عامة, إلا أننا يمكن أن نرسم سياسات تحفز أو تدفع هذه الشركات إلى طرح جزء من أسهمها في السوق, وتشجيع إنشاء شركات كبرى منافسة تطرح أسهمها للاكتتاب العام, فكما أن هذه المشاريع وضعت لرفاه المواطن وتنمية الوطن, فإن تمكينه من حق التملك في هذه الشركات من خلال طرحها للاكتتاب العام يعزز رفاه المواطن ويسهم في تنمية الوطن, خاصة أن من هذه الشركات ما يحظى بالمشاريع عن طريق التعميد المباشر, نظرا للخبرات المتراكمة لديها في بعض المشاريع والثقة التي تحظى بها.
على سبيل المثال؛ قرأت قبل مدة قصيرة إعلانا من مستشفى الملك فيصل التخصصي، يشكر فيه شركتي سعودي أوجيه وبن لادن السعودية، على تبرع الأولى بـ 200 مليون ريال والأخرى بـ 100 مليون ريال. 300 مليون ريال سعودي لـ ''التخصصي'' من هاتين الشركتين جدير بالشكر والتقدير, إلا أن رؤية أسهم مثل هذه الشركات في سوق الأسهم هي الأكثر جدارة وتقديرا, فهما تقودان تنفيذ مشاريع ضخمة بمليارات الريالات، ومن المستغرب جدا أن تظلا وغيرها من شركات المقاولات خارج السوق في هذه المرحلة المزدهرة لقطاع المقاولات.