«محاصرة» الاحتيال المالي.. مسؤولية مشتركة!

يعرف الاحتيال المالي أو المصرفي، وفقما ورد بدليل مكافحة الاختلاس والاحتيال المالي وإرشادات الرقابة الصادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي، على أنه أية ممارسة تنطوي على استخدام الخداع للحصول المباشر أو غير المباشر على شكل من أشكال الاستفادة المالية لمرتكب الجريمة، أو تسهيل ذلك لغيره لتؤدي إلى شكل من أشكال الخسارة للطرف الذي تعرض للاحتيال.
الاحتيال المالي والمصرفي، يعد من بين أحد أبرز التحديات، التي تواجه المؤسسات المالية والمصرفية على مستوى العالم، وتتسبب في هدر الأموال، وتلحق الأذى بعملاء تلك المؤسسات.
التطور المذهل الذي طرأ في مجال التعاملات الإلكترونية، بشكل عام، والذي طرأ على التعاملات المالية والمصرفية الإلكترونية، بشكل خاص سواء كان ذلك على مستوى العالم أم على مستوى المملكة العربية السعودية، أصبح يمثل تحديا وسلاحا ذا حدين بالنسبة للبنوك على مستوى العالم، بما في ذلك بالنسبة للبنوك السعودية، حيث في حين أن هذه التقنيات الحديثة توفر الراحة والسهولة والمرونة للعملاء عند إنجازهم تعاملاتهم المصرفية عبر القنوات المصرفية الإلكترونية المختلفة، التي توفرها البنوك السعودية مثل أجهزة الصراف الآلي، ونقاط البيع، والهاتف المصرفي، والإنترنت البنكي، إلا أنه من جهة أخرى وللأسف الشديد قد برع المحتالون في استخدام أحدث التقنيات لتعزيز قدراتهم الاحتيالية والنصب على الآخرين، وبالذات في ظل توافر الأجهزة الحاسوبية زهيدة الثمن وعالية القدرة لمساعدة المحتالين والنصابين على تنفيذ خططهم الاحتيالية المختلفة بسهولة ويسر، حيث قد سهلت على سبيل المثال تقنيات المستندات الحالية، مثل الماسحات البصرية وطابعات الليزر والناسخات والبرامج المختلفة في إنجاز العديد من أعمال التزوير والاحتيال، التي قد يصعب اكتشافها في معظم الحالات.
البنوك السعودية بتوجيه من مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، لم تقف مكتوفة الأيدي وصامتة أمام سوء استخدام المحتالين والنصابين للتقنيات الحديثة وتسخيرها لخدمة أهدافهم الاحتيالية، بل عمدت إلى استثمار أموال طائلة للتعضيد والتعزيز من قدرة أنظمتها الإلكترونية المختلفة سواء الداخلية أم التي لها علاقة بالتعامل مع العملاء Customer Interfacing، بالشكل الذي يوفر الحماية اللازمة والكافية للعملاء عند إنجازهم تعاملاتهم المصرفية باستخدام أي من القنوات المصرفية الإلكترونية المختلفة، أو من خلال استخدام البطاقات المصرفية، بما في ذلك البطاقات الائتمانية، كما قد أطلقت البنوك السعودية أخيرا المرحلة الثانية من حملة توعية مكثفة تحت عنوان: (مرتاح البال)، والتي ستستمر لمدة ستة أشهر، وحتى نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) من هذا العام، لتوعية عملاء البنوك وبقية أفراد المجتمع بالاستخدامات المثلى والآمنة للقنوات الإلكترونية المختلفة، بما في ذلك البطاقات المصرفية والبطاقات الائتمانية، مستخدمة في ذلك عددا كبيرا من الوسائل والأدوات الإعلامية المختلفة، لإيصال رسائلها التوعوية للعملاء، التي تلتقي جميعها في نقطة واحدة، وهي عدم التساهل تحت أي ظروف في التعامل مع البيانات المالية والمصرفية، وإفشائها للغير، بما في ذلك إفراط الثقة بالآخرين والتعامل مع المجهولين والغرباء بالرد على رسائلهم والاستجابة لنداءاتهم المزيفة التي تنطوي معظمها على عمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي.
إن نجاح مثل هذه الحملات التوعوية، سيظل أمراً مرهوناً بمدى تفاعل عملاء البنوك الكرام مع رسائلها والامتثال لتعليماتها وإرشاداتها، وإن كنا ولله الحمد في البنوك السعودية، قد لمسنا تفاعلا وتجاوبا كبيرا من عملائنا لرسائل التوعية الخاصة بالحملة الأولي، ونلمس حالياً تفاعلا وتجاوبا أيضاً كبيرا خلال الحملة الحالية، والتي تزامنت انطلاقتها لحسن الطالع، مع بدء موسم الإجازة الصيفية، الأمر الذي سيعززـ بإذن الله ـ تعالى من قدرات القنوات الإلكترونية المختلفة للبنوك، وسيجنب العملاء من أن يكون عرضة لا سمح الله لعمليات نصب واحتيال مالي ومصرفي، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي