هل آذيت شخصا ما؟

الشعور بالذنب جزء أساسي في كونك إنسانا يشعر ومسؤول، وهو أداة الضمير التي تعبر عن عدم الراحة وتأنيب الذات إذا فعلنا ما يتعارض مع قيمنا ومبادئنا، أو تجاوزنا حدودنا الاجتماعية المرتبطة بالأخلاق، ولهذا فإن الشعور بالذنب يساعد على استمرار موقفنا الأخلاقي في العمل والحياة، ولأنه يشعرنا بالألم الشديد فإنه يسيطر على انتباهنا حتى نفعل شيئا ما لإراحته، مما يجعلنا نتجنب كثيرا من المواقف المهمة مع بعض الأشخاص المبتزين عاطفيا ـــ مع أننا على حق ـــ خوفا من إيقاظ شعورنا المميت بالذنب، وهذا ما يشجع أولئك المبتزين على ممارسة مزيد من إرهابهم العاطفي علينا.
ولأننا اعتدنا على الوثوق بهذا المعيار النشط لسلوكنا، فنحن نؤمن بأن الشعور به في أي وقت يعني أننا تخطينا بعض الحواجز، وعارضنا بإرادة كاملة القواعد التي حددناها لأنفسنا عن الأشياء المقبولة في تعاملاتنا مع الآخرين، وهذا قد يكون صحيحا في معظم الأحيان، وتكون أحاسيسنا تلك استجابة طبيعية ومناسبة للقيام بارتكاب شيء ما مضر وقاس، لكنه ولسوء الحظ يمكن أن يعطينا في أوقات أخرى قراءة خاطئة عن معنى أفعالنا، مثل إنذار سيارة مفرط الحساسية؛ فبدلا من أن يحذرنا من الاصطدام تنتهي به شدة الإحساس إلى الانفجار عند مرور شاحنة بجانبه، وعندما يحدث هذا يكون ما نعانيه حينها ليس الإحساس الملائم بالذنب ولكنه إحساس خاطئ مرضي متضخم بالذنب.
يصب ذلك في مصلحة الأشخاص المبتزين عاطفيا، فهم يشجعوننا على تحمل مسؤولية كاملة عن شكواهم وشقائهم، فاعلين كل ما يستطيعون لإعادة تفسير الموقف ووضعه على خط إنتاج الشعور الخاطئ بالذنب، بحيث تضيء كل إشارات التحذير .. مذنب، مذنب، مذنب، طوال الوقت ودوما ما تنجح مخططاتهم لأننا جميعنا نريد أن نؤمن بأننا أناس طيبون، لكن ذلك الإحساس يهاجم شعورنا بأنفسنا كأشخاص ودودين ذوي قيمة، مما يشعرنا بالمسؤولية تجاه ألم الشخص الابتزازي، ونصدقهم عندما يخبروننا أن سبب بؤسهم هو عدم تأديتنا رغباتهم، وهي واحدة من أسرع الطرق التي يلجأ إليها المبتزون عاطفيا، لأن نظامنا الخاطئ بالإحساس بالذنب تم ضبطه على حالة طوارئ تجعلنا نتساءل دوما: هل آذيت شخصا ما؟
أحيانا نكون قادرين على اختصار دائرة رد الفعل على الشعور بالذنب من خلال القدرة على رؤية عدم وجود العلاقة بين الاتهام والواقع، لكننا في أغلبية الأوقات نقدم اعتذارنا أولا ثم نفحص منطق الشخص الابتزازي لاحقا، ولكن كثير منا يقع بسهولة في مصيدة الابتزاز العاطفي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي