كرة القدم العربية وإشكالية التأهل للمونديال (4 من 4)
دعونا نستعرض بعض هذه المعلومات الرئيسية التي تتحدث عن كرة القدم في العالم بشكل عام. عدد اللاعبين المسجلين في العالم نحو 38 مليون لاعب، عدد الحكام والإداريين يقدر بخمسة ملايين، وعدد الأندية في العالم 350 ألفا، عدد الفرق خارج الأندية، فرق المدارس والمؤسسات والشركات والمصانع مليون و750 ألف فريق، عدد الدول المنضمة للاتحاد العالمي لكرة القدم ''فيفا'' 208 دول، وشاهد بطولة كأس العالم الأخيرة مليار شخص أي ما يعادل 15 في المائة من عدد سكان العالم، يبلغ حجم الإنفاق السنوي على كرة القدم ما يقرب من 250 مليار دولار. هذه الأرقام بلا شك تبين أهمية هذه اللعبة وتجعلها الأكثر شعبية في العالم.
إن كرة القدم غزت العالم بفضل الحماس الكبير للناس لها لأنها تشكل نوعا من المتعة الحسية وتختلط فيها مشاعر الفرح بالحزن والحماس بخيبة الأمل حسب نتيجة المباراة وربما تشبع غرور البعض الذين يستمتعون بالنصر وهزيمة الآخر، ثم إن تاريخ كرة القدم يشير إلى أنها بدأت باستخدام أشياء تشبه الكرة ودون أي قواعد للعبة و يمكن لعبها في كل مكان وأي شخص يمكنه أن يلعب كرة قدم بجانب أنها أصبحت الآن مصدرا من مصادر الدخل التي تفوقت على كل مداخيل المؤسسات التجارية الأخرى لها صفاتها التي تصنفها كصنعة مبتكرة مهمة.
ولكن يجب أن نفرق بين رياضة كرة القدم كرياضة شعبية وكرة القدم كوسيلة من الوسائل التي يتخذها البعض ورقة اقتصادية وعليه نستعرض الأرقام المالية الكبيرة تحديدا في سوق كرة القدم في أوروبا يعني واحدة من أكبر الأسواق، أكثر من 14 مليار يورو هذه السوق تحتل الشركات الراعية النصيب الأكبر من تلك الأموال المتدفقة على الأندية، نشاهد ريال مدريد دخله 401 مليون يورو، أموال الدعم 139 مليونا، برشلونة 365 مليون يورو، مانشستر يونايتد 327 مليون يورو سنويا، بايرن ميونخ 289 مليون، آرسنال 263، أرقام ضخمة جدا تشكل مؤسسات كبرى.
ممّا ذكرته من خلال كل الإحصائيات يتبين أن كرة القدم أصبحت تعتمد على لغة المال وعلى لغة الأرقام والحسابات التي تكاد تفوق ميزانيات الدول.
فمنذ أعلن ''فيفا'' استضافة جنوب إفريقيا كأس العالم بدأ البلد حملة تطوير لبنيته التحتية وأخرى لتحسين صورته العالمية. قدرت قيمة الحملة بنحو 40 مليار دولار فقد كلف بناء الملعب الذي سيستضيف المباراتين الافتتاحية والنهائية مثلا 423 مليون دولار، أنفقت هذه المبالغ في بلد يعاني ما يقارب 40 في المائة من سكانه الفقر المدقع، لكن الكل هنا يجمع على أن هذه المبالغ لم تهدر إذ سيستعيد البلد ربعها تقريبا أثناء تنظيم الكأس بينما قد يستعيد المبالغ الأخرى من خلال ارتفاع معدلات السياحة التي يتوقع ازدهارها والبنية التحتية التي ستبقى ذخرا لأبناء مانديلا. فمن خلال تنظيم كأس العالم سيتسمر أربعة مليارات من البشر طواعية أمام الشاشة الصغيرة ناظرين إلى ما يجري قرب رأس الرجاء الصالح وتلك فرصة لأن تغير جنوب إفريقيا صورتها النمطية هذه حيث الجريمة والإيدز إلى صورة براقة مثل هذه، وتلك فرصة يصعب أن تأتي دون سحر معبودة الجماهير.
كانت كرة القدم لعبة شعبية، وهي لعبة يمارسها الجميع ويشاهدها الجميع وفيها جوانب تربوية توعوية ثقافية بروح رياضية في الأداء والممارسة، الآن أصبحت الأمور تدار بشكل تجاري، حتى أن مشاهدة كرة القدم أصبحت بثمن والذي لا يملك هذا الثمن عليه أن يجلس في حافة الطريق لينتظر خروج المشجعين ليستفسر منهم عن نتيجة المباراة وقد قال أحد ملاك القنوات الفضائية على الهواء مباشرة إن كان هنالك عاشق لكرة القدم ولا يملك حق الاشتراك في القناة الفضائية عليه أن يبحث عن معشوقة أخرى يشاهدها.
ولا نغفل هنا أيضاً الجانب الاجتماعي الذي يفترض في كرة القدم هذه اللعبة الشعبية أن تنمي الروح الرياضية وروح التنافس وأن تسهم أيضا في إيجاد أو خلق جيل لديه قدرة على تحمل المسؤولية ومعرفة قواعد المنافسة والتحلي بالروح الرياضية في كل ممارسات الحياة وجوانبها المتعددة ومراحلها المختلفة.
ومن هنا يجب علينا أن ننظم تفكيرنا بحيث يجب أن تحقق كرة القدم الأهداف المرجوة واستخدامها كورقة اقتصادية نقارع بها جميع الدول حتى تكون لنا هويتنا وشخصيتنا العربية.
ولنبدأ في مشوار العمل من أجل التأهل إلى نهائيات المونديال وبدءاً من المونديال القادم في البرازيل في 2014.
وحتى تكون بدايتنا صحيحة وعلى أسس علمية بحتة يجب أن نضع في حسباننا أن مناهج التربية الرياضية والتدريب الرياضي والنظم الإدارية الحالية كلها مبنية على مرتكزات أوروبية أو أمريكية لتناسب هذه الدول وفق مرئيات أهل تلك الديار وعبر دراسات حسبما يحتاج إليه الرياضيون في تلك الدول، ونحن علينا أن نعيد التفكير في هذه المناهج وأن نجعلها تواكب ظروفنا واحتياجاتنا لأن عملية إعادة برمجة هذه المناهج المراد منها أن تبنى عليها أسس الوصول لمراميها وأن تجعل خصائصها أقدر على تحقيق غاياتها بأفضل الأساليب وتحديد خطواتها التي تسير بها نحو تحقيق أهدافها بأقصر الطرق وأيسرها وأن يبنى تطوير المناهج الرياضية على واقعية تطوير البنية الرياضية ودراسة المناهج القائمة إن كانت هنالك مناهج قائمة والكشف عن السلبيات ومواضع القوة والضعف فيها وضرورة تحسينها بحيث تواكب إمكاناتنا في العالم العربي، وأن تتم عمليه التطوير نحو أهداف التطوير المستمد من واقع نعيشه ونلمسه ونحس به في كياننا ووجداننا بعيداً عن التقليد والتمسك بالنظريات التي لا تفيدناً وتصعب علينا عملية التطوير لذاتنا وفق تربيتنا وموروثاتنا وبيئتنا.
ومن هذا المنطلق يجب أن نحدد الأهداف، ففي ضوئها يتم تخطيط تطوير البنية الرياضية ببرامجها وأساساتها بطريقة مرنة تتكيف مع المتغيرات العديدة التي يشهدها مجال التطوير في العالم أجمع، بطريقة شاملة بحيث يتم تطوير كل العناصر المشاركة في منظومة كرة القدم إدارية أو فنية أو طبية بما يتلاءم مع مفهوم البنية المعرفية وعلى أساس متكافئ متوازن يأخذ بكل عنصر بما يستحقه من عملية التطوير، وأهم من كل ذلك أن يكون التطوير عملاً تعاونياً حتى يصبح مسؤولية الجميع.
إن واحدا من أهم الأهداف الاستراتيجية في عملية التطوير التي نقصدها هو تطوير الإنسان بصيغة تصل به إلى درجة أقرب للكمال الإنساني والتي تتطلب معرفة وثيقة بطبيعته وتكوينه ونموه الفكري وأن نحدد أكثر الأساليب ملاءمة في تعليمه وفق مراحل النمو والتي لكل منها خصائصها الذاتية.
إن عملية تطوير البرامج والمناهج الرياضية التي نتحدث عنها والتي تتميز بمفهومها الخاص عن الإنسان والحياة والمعرفة والأهداف الواضحة والصريحة المبنية على استثمار الإمكانات البشرية فمن دون العنصر البشري المؤهل بدنياً وفكرياً لا يمكن أن نحقق أهدافنا، وأن نستغل الإمكانات المادية ونوجهها التوجيه الصحيح لأنها أساس العمل المتكامل ودون المال لا يمكن أن تتحقق تلك الأهداف.
ومن أهم الأشياء التي يجب ألا نغفلها هو استشراف المستقبل، فالإنسان تواق لرسم صورة ولو تقريبية للغد، ويعلم العاملون بشؤون التخطيط أن معرفة الصورة التي يمكن أن يكون عليها المستقبل تجعل التخطيط أقرب إلى الواقع بل ربما تقلل نسبة الخطأ فيه ولأن الاستشراف لا يعتمد على الحدس أو التخمين أو البداهة ولكنه يستخدم نظريات علمية حديثة تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل لأنه من المهام الأساسية في التطوير وأيضاً في تحقيق الأهداف وهذا ما ينقصنا في عالمنا العربي لأننا دائماً لا نأخذ بأسباب السلوك الإيجابي مع المستقبل ولا نستخدم الأساليب العلمية للاستطلاع والتحكم والتوجيه والانطلاق إلى استشراف مستقبلي يوضح لنا معالم أهدافنا، ولا بد أن نبني دراساتنا المستقبلية على أساس التطوير الذاتي المستند على واقع الأمة وفق التفكير العلمي ودراسة الاحتمالات والسلاسل الزمنية وأن نجعل من الدراسات المستقبلية عنصراً من عناصر التطوير مصحوبة بعملية التحليل والاستنباط قبل بدء التخطيط لوضع البرامج الرياضية في كرة القدم بالتحديد.
وعليه وحتى تكون خطواتنا واثقة وموزونة يجب أن تبرمج كالآتي:
- أن نضع برنامجاً قصير المدى يستهدف تأهل منتخباتنا العربية لكأس العالم 2014.
- برنامجاً متوسط المدى ويستهدف التأهل لكأس العالم 2018.
- وبرنامجاً مستقبلياً يستهدف المحافظة على الإنجازات المكتسبة وتحقيق كأس العالم خلال أعوام 2014 - 2022 - 2030.
مع أمنياتنا ودعواتنا الصادقة بأن يحظى العالم العربي بشرف تنظيم قطر لكأس العالم 2022.
وحتى نسهم في وضع برنامج تأهيل المنتخبات العربية أقترح البدء بالخطوات التالية:
أولاً: يتم اختيار عناصر المنتخب من الآن من الشباب في أعمار (18-22) - (17-21) - (15-17) وفق المواصفات والاحتياجات التي تنقص اللاعب العربي وسببت عدم ظهور المنتخبات العربية بصورة المنتخبات المنافسة في المنافسات القارية ومنافسات كأس العالم في كل درجاته من ناشئين وشباب وكبار مثل:
1- التكوين البدني المتكامل.
2- المهارة الفنية العالية.
3- الاستعداد الفكري والنفسي.
ثانيا: أن يتم هذا الاختيار حسب المعايير العلمية لاختيار الرياضيين.
أ) تشكيل جهاز إداري خبير متفرغ تتوافر فيه مواصفات الإداري المتعلم الدارس الملم بواجباته المتمتع بشخصية قوية مؤثرة يتصف بالذكاء وحسن التصرف وأن يتخلق بأخلاق المعلم يعرف كيف يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه ويتعامل معها، ووضع برنامج تدريب وتأهيل بدني وفني ونفسي طيلة أيام العام.
ب) تشكيل جهاز فني متطور يتعامل وفق تخطيط فني وبرمجة علمية حديثة لرفع الكفاءة الفنية في الأداء لدى اللاعبين والنهوض بمستواهم بصورة توصلهم للعالمية بأقرب الطرق.
ثالثاً: توفير كل الوسائل والاحتياجات والظروف الفنية والنفسية والبدنية والمادية لأعضاء المنظومة العاملة لإعداد المنتخب كافة من إداريين وفنيين ولاعبين.
رابعاً: وضع برنامج مشاركات لمباريات ومنافسات ودية وتنافسية عبر دورات تنظم مع المنتخبات العالمية لإكساب الجميع الخبرة وتنمية روح التنافس والدخول في جو المباريات العالمية.
خامساً: تشكيل طاقم طبي متمكن ضمن هيكلة متكاملة يقوم بالإشراف على الناحية الصحية ومتابعة برنامج التغذية المعد ومراقبة أثر التمرين في جسم اللاعب وتقييم الحالة النفسية للاعبين ودراسة العوامل المؤثرة في اللياقة البدنية وتجنبها والاهتمام بها، وأن يقوم بدوره الكامل في نشر الثقافة الصحية لدى اللاعبين والإداريين والفنيين.
وأن توفر له الإمكانات اللازمة من وحدة للعلاج والإسعاف متنقلة، كما يقوم فريق العمل الطبي بتوعية ومراقبة استعمال المواد التي تدخل في نطاق المواد المحظورة (المنشطات).
سادساً: يجب إشراك الأسرة وتفعيل دورها الذي يتركز في اهتمامها باللاعب وجميع النواحي العقلية والأخلاقية والاجتماعية وتنمية النواحي الشعورية وبناء شخصيته والعمل على ازدهارها ومراقبة التطور الذي يحدث له في النواحي الفسيولوجية الناتجة عن اختلاف مراحل نموه وخاصة في مرحلة المراهقة والمرحل التي تليها والتي يكون لها تأثيرات في سير عملية نموه الجسماني والفكري وربما تنعكس على تصرفاته، ودور الأسرة في التوجيه حيث إن لها تأثيرات أكبر وأعظم من أي تأثيرات أخرى بل إن تشجيع الأسرة للاعب يخلق دافعية أخرى لها مردود يفوق كل الدافعات الأخرى.
ثم نتابع بعد ذلك مراحل الإعداد للفترات المقبلة وفق تصور سنتعرض له في مقالات منفصلة لأنها تحتاج إلى كثير من الشرح والتفسير ولكن نوجز بعضا من الخطط الضرورية المستقبلية من أجل بناء قاعدة قوية تحمل الراية في السنوات المقبلة، خاصة أن المستويات الفنية التي ظهرت بها المنتخبات العالمية تشير إلى أن هذه المنتخبات لا تتفوق علينا بل ستكون بدايتها إلى استرجاع ماضيها يتواكب مع بنائنا مستقبلا جديدا، وحتى خروج المنتخبات الكبيرة من المونديال مثل البرازيل وإنجلترا وفرنسا يعطي رسالة أخرى بأنه لا يوجد كبير بل الكبير هو الذي يجتهد ويبذل ولا التاريخ ولا الاسم الكبير يمكن أن يشفع له داخل المستطيل الأخضر.
ولنستعرض معاً المراحل التي تساعد على تطوير المستوى:
1- الرياضة المدرسية
الرياضة المدرسية في كثير من دول العالم تشكل القاعدة الرئيسية والخلية الأولى في البناء الرياضي والرافد الأهم للأندية والمنتخبات الوطنية، بمعنى آخر، إنها المصنع الأول لنجوم كرة القدم بجانب أن التلاميذ يشكلون نسبة 33 في المائة إلى 35 في المائة من عدد سكان أي بلد فلك أن تتخيل هذا الحجم من العدد إذا وجد الرعاية الصحيحة والتعامل الجاد والتعاون المثمر بين الجهات التعليمية والجهات الرياضية في البلد، خاصة أننا يجب أن نضع في الحسبان أن هؤلاء التلاميذ يمضون نحو 12 سنة في المدرسة تتشكل خلالها شخصية إنسان المستقبل الواعد المحصنة بالعلم والمعرفة والتربية.
2- رعاية المواهب
إن تعريف اللاعب الموهوب ذلك الشخص الذي يمتلك قدرة واستعداداً طبيعياً للبراعة والابتكار في كرة القدم أو نحوها، وهو الذي يتصف بالامتياز المستمر في أدائه الرياضي وكما نعرف أن مصطلح موهوب يستخدم لوصف الفرد الذي يظهر مستوى أدائه استعداداً متميزاً في بعض المجالات التي تحتاج إلى قدرات خاصة سواء أكانت (رياضية، فنية، علمية، عملية) وليس بالضرورة أن يتميز هذا الفرد بمستوى عالٍ من الذكاء، بل قد يكون متوسط الذكاء، ولا يشترط أيضاً أن يتميز بمستوى تحصيل دراسي عام مرتفع بصورة ملحوظة بالنسبة لأقرانه. وعليه فإن فئة الموهوبين من اللاعبين في المدارس أو المجتمع هم ثروة وطنية وكنز لا ينضب، بل وعامل من عوامل نهضة البلاد في شتى المجالات، وهم أقدر العناصر البشرية على إحداث التطوير الرياضي في مجال كرة القدم ولذلك يجب العناية والاهتمام بهم وتهيئة الجو الملائم لهم للابتكار والإبداع في أدائهم الرياضي في كرة القدم وحل مشكلاتها فهذه الفئة التي تتمتع بمواهب وقدرات رياضية متميزة يجب أن تستغل استغلالاً تربوياً أمثل، ويتوقف ذلك على جدية العمل وآلية التنفيذ في سبيل اكتشاف الموهوبين وتوفير البرامج الملائمة لهم والتي تفي باحتياجاتهم.
إن رعاية الموهوبين من لاعبي كرة القدم توفر للرياضة نبعاً متدفقاً من النجوم المتميزة القادرة على العطاء والإسهام في تطوير كرة القدم، لأنه عندما تلبى حاجات الموهوبين وتنمى قدراتهم سوف يظهر الإنتاج الإبداعي والابتكار في الأداء والذي سيؤدي حتماً إلى إظهار ولائهم لمجتمعهم ووطنهم.
3- رعاية الناشئين
لا بد أن نعرف الناشئين بأنهم هم صغار اللاعبين الذين تراوح أعمارهم ما بين (6 و14 عاماً) وتندرج هذه السنوات تحت كل من مراحل الطفولة المتوسطة (7 إلى 10 سنوات تقريباً)، مرحلة الطفولة المتأخرة (11-13 سنة تقريبا)، ومرحلة المراهقة حتى سن 14 سنة وتمتد إلى عمر 15-17 سنة.
لذلك يجب مراعاة الخصائص السنية للناشئ إذ تتأثر طرق رفع المستوى الرياضي للناشئ بدرجة كبيرة بالتطور البيولوجي له وبمقدرته على التكيف والملاءمة لمتطلبات المستويات العليا ولذلك يلجأ المختصون في مجال رعاية الناشئين إلى بناء مرحلة إعداد الناشئين طبقاً لمتطلبات المستويات العالية مراعياً في ذلك النمو الطبيعي، التطور التدريجي لإمكانات الناشئ ومستواه واتجاهه المطور الذي سارت إليه المستويات العالية، وتختلف فترة تدريب الناشئين باختلاف تلك الخصائص الفردية للاعب ومميزات النشاط الرياضي الممارس.
ومن المعروف أن تدريب الناشئين يهدف في المقام الأول إلى تهيئتهم وإعدادهم للتقدم بمستواهم وفقاً لخصائص المرحلة السنية التي ينتمون إليها، وتنمية وتطوير قدراتهم البدنية والبيولوجية والنفسية، لذلك تحتاج إلى وضع برنامج يعد بطريقة علمية تشارك في إعداده عدة عناصر مهمة من عناصر التوجيه والتدريب والإدارة والإخصائيين النفسيين والأطباء حتى يوفر البيئة لإحداث تدريب الناشئين بصورة تحقق الأهداف المرجوة ويتطلب هذا تطوير فلسفة واستخدام أدوات البرنامج التي تشتمل على اعتبارات الدافعية وبرنامج واقعي يقدم للنشء والذي يجب أن يعتمد على الفهم السيكولوجي والفسيولوجي الواضح لاحتياجات وكفاءات النشء.
إن برمجة تدريب وتطوير مستويات الناشئين هي أن تنبثق عملية تدريبهم من خلال برامج عملية منظمة تنطلق من خطط طويلة ومتوسطة وقصيرة كما يقسم الموسم التدريبي إلى فترات، وتقسم الفترات إلى مراحل والمراحل إلى أسابيع والأسابيع إلى وحدات تدريبية لأن العمل بالأسلوب المنظم العلمي يضمن الارتقاء بمستوى الناشئين والوصول بهم إلى أفضل مستوى ممكن كما يهدف إلى تعليم الناشئ وإكسابه مختلف القدرات والسمات والخصائص والمهارات النفسية وتنميتها وإتقانها، وكذلك توجيه وإرشاده ورعايته بصورة تسهم في إظهار كل طاقاته وقدراته واستعداداته في منافسات كرة القدم، إضافة إلى مساعدة اللاعب الناشئ في تشكيل وتنمية شخصيته بصورة متزنة وشاملة لكي يكتسب الصحة النفسية والبدنية الجيدة.
وهنالك عوامل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها.
أتمنى أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع بصورة تساعد على ولوج الدول العربية في التنافس العالمي بصورة تؤهلهم فعلاً للمنافسة والفوز بالبطولات العالمية ولدينا كل المؤهلات الخاصة بذلك ولكن يجب أن نستغلها بالطريقة الأمثل.
في العدد القادم - بإذن الله - نستعرض مشاركة الحكم السعودي خليل جلال الذي رفع اسم العرب عالياً وتفوق على عدد كبير من حكام العالم.