تعزيز الشراكة بين أمريكا والبحرين
يؤكد بعض التطورات الحديثة نية الجانبين الأمريكي - البحريني في تعزيز العلاقات بينهما, خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والعسكري, ففي الأسابيع القليلة الماضية تم الإعلان عن توسيع الرقعة الجغرافية الممنوحة للبحرية الأمريكية في المنامة. وسارعت الولايات المتحدة إلى إظهار العوائد الاقتصادية للتوسعة عبر الكشف عن استثمار مبلغ قدره 580 مليون دولار في غضون خمس سنوات.
تحويل الميناء لقاعدة
يبلغ حجم المساحة الجديدة الممنوحة للقوات الأمريكية 70 فدانا مقارنة بـ 62 فدانا مساحة المنطقة المتوافرة لما يعرف باسم وحدة الدعم الإداري. المنطقة الجديدة هي ميناء سلمان الذي تمت الاستعاضة عنه بميناء خليفة شمال العاصمة. المساحة الجديدة محاذية للمنطقة التي تستخدمها قوات البحرية الأمريكية, وبالتالي تشكل حلقة تكاملية للوجود البحري الأمريكي. يشار إلى أن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية يتخذ من البحرين مقرا له.
تبلغ قيمة مشروع التوسعة 580 مليون دولار ما يعد رقما كبيرا بالنسبة لاقتصاد صغير نسبيا مثل البحرين. بالمقارنة، بلغت قيمة نفقات الحكومة البحرينية عام 2009 تحديدا 5.7 مليار دولار, كما بلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبحرين عام 2008, وهي آخر سنة تتوافر حولها إحصاءات دقيقة, نحو 21.8 مليار دولار. ومن شأن تنفيذ النفقات الإضافية للوجود العسكري الأمريكي المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي, وبالتالي مستوى الناتج المحلي الإجمالي للبحرين.
وفي كل الأحوال، يلعب الوجود العسكري الأمريكي, حتى قبل الكشف عن مشروع التوسعة، دورا مؤثرا في الحياة التجارية في البحرين. الرقم المشهور لمساهمة الوجود العسكري الأمريكي في البحرين, الذي يعود إلى عدة سنوات مضت هو 150 مليون دولار سنويا لتغطية نفقات المعيشة والإقامة في الفنادق والشقق المستأجرة والترفيه. ومن المؤكد أن يرتفع حجم مساهمة القوات الأمريكية في الاقتصاد الوطني البحريني بعد الانتهاء من مشروع التوسعة.
التجارة البينية
مباشرة بعد الإعلان عن برنامج تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في البحرين، نفذ وفد من مجلس التنمية الاقتصادية زيارة نوعية للولايات المتحدة تم خلالها تعزيز العلاقات التجارية مع عدد من الولايات. يعد مجلس التنمية الاقتصادية الجهة المنوط بها مسؤولية تطوير وتنفيذ المسائل الاقتصادية في البحرين. من جملة الأمور، وقع المجلس اتفاقية تفاهم مشتركة مع هيئة أطلانطا للتنمية. تحتضن مدنية أطلانطا عاصمة ولاية جورجيا المقار الرئيسة لبعض الشركات الأمريكية مثل كوكا كولا وشبكة سي إن إن للأخبار.
لا شك تقتضي مصلحة البحرين الاستفادة القصوى من اتفاقية التجارة الحرة التي تربطها مع الولايات المتحدة لأسباب مختلفة منها ميل الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة الجانب الأمريكي. يشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين دخلت حيز التنفيذ في بداية آب (أغسطس) من عام 2006.
تؤكد أرقام مكتب الإحصاء الأمريكي أن الولايات المتحدة هي الأكثر استفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع البحرين. وقد تمتعت البحرين بفائض تجاري 158 مليون دولار في 2006 لكن انخفض حجم الفائض إلى 33 مليون دولار في 2007. لكن انقلب الحال ابتداء من عام 2008, حيث تم تسجيل فائض بقيمة 291 مليون دولار لمصلحة الجانب الأمريكي. كما مال الميزان التجاري بقيمة 204 ملايين دولار لمصلحة الولايات المتحدة في 2009. وتشير آخر الأرقام المتوافرة إلى تمتع الولايات المتحدة بفائض قدره 113 مليون دولار في الأشهر الأربعة الأولى لعام 2010.
سلع قابلة للتصدير
كانت التوقعات الأولية تخمن حدوث زيادة نوعية في قيمة الصادرات البحرينية للولايات المتحدة وليس العكس. وتبين بعد أحاديث مع بعض المسؤولين الأمريكيين أن السبب الرئيس لهذا التطور يعود إلى توافر سلع قابلة للتصدير لدى الجانب الأمريكي أكثر مما عليه الحال مع الجانب البحريني. تصدر الشركات الأمريكية مختلف المنتجات للبحرين تشمل الأفلام والمأكولات والأجهزة والسيارات.
كما أسهم انخفاض قيمة الدولار الأمريكي في السنوات القليلة الماضية الأخيرة في جعل المنتجات الأمريكية الخيار المفضل مقارنة بالواردات من دول منطقة اليورو واليابان, فضلا عن بريطانيا. المعروف أن بعض العملات الصعبة الأخرى مثل اليورو شهدت ارتفاعا في قيمتها في الفترة التي سبقت الكشف عن أزمة مديونية اليونان.
بيد أنه من المتوقع أن تتعزز القدرة التنافسية للسلع والخدمات البحرينية مع مرور السنوات بشرط اكتساب المؤسسات البحرينية الطرق الكفيلة للوصول للمستهلك الأمريكي, الذي يتمتع بمزايا خاصة. من بين الأمور الأخرى، يهتم المستهلك الأمريكي بالقيمة والجودة والخدمة بعد البيع.
تهدف اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والبحرين إلى تحرير التجارة في السلع والخدمات وتشجيع الاستثمار عن طريق فتح أسواق البلدين أمام الأفراد والمؤسسات. بالنسبة للبحرين، من شأن الانكشاف على السوق الأمريكية المساهمة في حل بعض التحديات الاقتصادية من قبيل الحفاظ على بعض الوظائف, فضلا عن إيجاد فرص عمل جديدة, إضافة إلى جلب استثمارات من الشركات الأمريكية. الكعكة الأمريكية عبارة عن ناتج محلي إجمالي يزيد على 14 تريليون دولار ما يعد أكبر من اقتصادات ألمانيا والصين واليابان مجتمعة.