كرة القدم العربية وإشكالية التأهل للمونديال (3 من 4)
لا بد لنا ونحن نواصل استعراض مشاركات الدول العربية في المونديال أن نشير إلى مشاركة المنتخب الجزائري في كأس العالم, وهي ثلاث مرات, كانت المرة الأولى عام 1982، والمرة الثانية عام 1986، والثالثة هذا العام في جنوب إفريقيا. أما أول بصمة حقيقية للكرة العربية فكانت في مونديال 1982 عندما شارك المنتخب الجزائري في مجموعة تضم كلا من ألمانيا والنمسا وتشيلي وكان في الترتيب الثالث. وفجر المنتخب الجزائري مفاجأة من العيار الثقيل في بداية مسيرته في البطولة، حيث تغلب على نظيره الألماني 2/1, لكنه سقط في المباراة الثانية أمام نظيره النمساوي 2/0، وعلى الرغم من فوزه في المباراة الثالثة على تشيلي 3/2 إلا أن ذلك لم يكن ذلك كافيا لعبوره الدور الأول بسبب نتيجة مباراة ألمانيا مع النمسا, التي أطاحت بالجزائريين من البطولة.
وبهذا، خرج من الدور الأول بفارق الأهداف، وأبدع نجومه رابح ماجر والأخضر بلومي وعصاد وغيرهم مستغلين في الوقت ذاته خبرة القدامى كمصطفى دحلب أحد أبرز لاعبي نادي باريس سان جرمان الفرنسي وقندوز وقريشي, الذين سطروا للكرة العربية تاريخا في بطولات كأس العالم, وكان بوسعهم الوصول إلى الدور الثاني لولا "المؤامرة" التي حاكتها ألمانيا والنمسا معا للإطاحة بمحاربي الصحراء من المونديال الإسباني، وهي تعمد النمسا خسارة مباراتها مع ألمانيا بهدف يتيم ليصعدا معا.
أما عام 1986 فقد كان في مجموعة البرازيل وإسبانيا وأيرلندا
وحقق خسارتين مع البرازيل 1/0، ومع إسبانيا 3/0 وتعادل مع أيرلندا 1/1، وهكذا خرج من الدور الأول أيضاً.
وكان المنتخب المغربي أول الفرق العربية التي تنجح في كسر قاعدة الخروج المبكر, حيث تأهل الفريق للدور الثاني بعدما تعادل سلبيا مع كل من بولندا وإنجلترا وفاز على البرتغال 3/1، لكنه واجه اختبارا صعبا في الدور الثاني فخسر أمام ألمانيا 0/1 وخرج من الدور الثاني.
أما مشاركة المنتخب الكويتي في البطولة نفسها فهي تعد أول دولة خليجية وخامس دولة عربية بعد مصر, المغرب, تونس, والجزائر, تصل إلى نهائيات كأس العالم، فقد أوقعت القرعة الكويت في مجموعة شرسة تضم تشيكوسلوفاكيا وفرنسا وإنجلترا, لكنه خرج من الدور الأول بعدما تعادل مع تشيكوسلوفاكيا 1/1 وأحرز هدف الكويت فيصل الدخيل وخسر أمام فرنسا 1/4 أحرز البلوشي هدف الكويت وأمام إنجلترا 0/1.
أما المنتخب العراقي ثاني دولة خليجية تشارك في المونديال فنال ثلاث هزائم متتالية بشرف أمام باراغواي 0/1 وبلجيكا 1/2 والمكسيك 0/1، ولولا قلة خبرة لاعبيه لتبدلت نتائج مبارياته الثلاث ولولا صافرة الحكم سيدني بيكون من موريشيوس التي ألغت هدفاً صحيحاً للمهاجم العراقي أحمد راضي لكان حديثنا هنا حديثاً آخر.
وفي مونديال 1990 في إيطاليا عاد المنتخب المصري للنهائيات بعد غياب دام 56 عاما، والمثير أن مشاركته الأولى أيضا كانت في إيطاليا, لكنه لم يغير ساكنا حيث خرج من الدور الأول بعدما تعادل 1/1 مع هولندا ومع أيرلندا سلبيا وخسر 0/1 أمام إنجلترا.
وشارك إلى جواره في البطولة نفسها المنتخب الإماراتي الذي أوقعته القرعة في مجموعة صعبة للغاية، وهي: ألمانيا الغربية ـ يوغوسلافيا وكولومبيا. وفي ملعب دال ارا في مدينة بولونيا في التاسع من حزيران (يونيو) خسر أمام كولومبيا 0/2 وأمام نجوم العالم فولر وماكاوس وكلينسمن خسر من ألمانيا 1/5 أحرز هدف الإمارات خالد مبارك، وخسر أمام يوغسلافيا 4/1 أحرز هدف الإمارات علي جمعة.
ومنذ بطولة 1994 أصبح المنتخب السعودي الزائر العربي الدائم في النهائيات, حيث أعلن المنتخب عن نفسه بقوة في البطولات الأربع الماضية، واستهل مسيرته في بطولات كأس العالم بشكل رائع عندما تأهل للدور الثاني في مونديال 1994 في الولايات المتحدة.
ونجح الفريق في استعادة توازنه سريعا بعد الهزيمة في المباراة الأولى أمام نظيره الهولندي 1/2 وتغلب على شقيقه المغربي 2/1 ثم على بلجيكا 1/0 لكنه خسر 1/3 في الدور الثاني (دور الـ 16) أمام السويد.
وفي مونديال 1998 في فرنسا خسر الفريق أمام الدنمارك 0/1 وأمام فرنسا 0/4 ثم تعادل 2/2 مع جنوب إفريقيا وخرج من الدور الأول.
ولم يختلف الحال في البطولة التالية عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان حيث مني الفريق بهزيمة قاسية 0/8 أمام المنتخب الألماني، ثم خسر أمام الكاميرون 0/1 وأمام أيرلندا 0/3.
وفي مونديال 2006 خسر المنتخب السعودي 0/4 أمام أوكرانيا و0/1 أمام إسبانيا، بعدما تعادل 2/2 في مباراته الأولى مع تونس.
برز في مشاركات المنتخب السعودي عدد من النجوم الذين سطروا تاريخا للسعودية بأحرف من ذهب أبرزهم: الدعيع, الخليوي, أحمد جميل, محمد عبد الجواد, فؤاد أنور, ماجد عبد الله, سعيد العويران, سامي الجابر, حمزة إدريس, فهد الغشيان, وآخرون.
وشهد مونديال 1994 مشاركة المنتخب المغربي للمرة الثالثة في تاريخه حيث خسر الفريق مبارياته الثلاث أمام بلجيكا 0/1 وأمام كل من السعودية وهولندا بنتيجة واحدة 1/2.
وخرج المنتخب المغربي من الدور الأول للبطولة التالية بعدما تعادل مع النرويج 2/2 وخسر أمام البرازيل 0/3 وفاز على اسكتلندا 3/0.
وكان المنتخب التونسي هو الفريق العربي الثالث الذي شارك في مونديال 1998 وتوالت مشاركاته في البطولتين التاليتين لكنه خرج من الدور الأول في البطولات الثلاث.
وخسرت تونس أمام إنجلترا 0/2 وأمام كولومبيا 0/1 وتعادلت مع رومانيا 1/1 في مونديال 1998، ثم خسرت أمام روسيا 0/2 وتعادلت مع بلجيكا سلبيا وخسرت أمام اليابان 0/2 في مونديال 2002، وتعادلت مع السعودية 2/2 وخسرت أمام إسبانيا 1/3 وأمام أوكرانيا 0/1 في مونديال 2006 في ألمانيا.
كانت مشاركات تونس في المونديال بديعة ورائعة قهروا فيها الكبار خاصة المكسيك وتعادلت معهم ألمانيا الغربية بشق الأنفس بل تفوقوا عليها في أغلبية أوقات المباراة ومَن مِن العرب ينسى: عتوقة, مختار نايلي, رؤوف بن عزيزة, طارق دياب, نجيب الإمام, كمال شلبي, مختار ذويب, رضا اللوز, عمر الجبالي, وبقية العقد الفريد.
أما المغرب وكان المغرب أول منتخب عربي يتأهل لنهائيات المونديال عام 1970 في دورة المكسيك، وأول من حجز للعرب والأفارقة مقعداً في الدور الثاني في هذا الحدث العالمي، بعدما تصدر المجموعة السادسة في مونديال 1986 في المكسيك، على حساب إنجلترا وبولندا والبرتغال، قبل أن يخرج من الدور الثاني على يد المنتخب الألماني الذي انهزم أمامه بهدف للاشيء، فيما حصد ثلاث هزائم في مونديال الولايات المتحدة 94 .
وفي مونديال فرنسا 1998 جمع أربع نقاط من فوز على اسكتلندا وتعادل أمام النرويج، وخسارة من البرازيل.
أما المنتخب السعودي الذي جاء في المركز الثاني، فقد كان حضوره لافتاً في أول مشاركة له في المونديال، حيث حصد ست نقاط في دورة 1994 في الولايات المتحدة.
وفي مونديال فرنسا 98 خسر من الدنمارك وفرنسا قبل أن يتعادل مع جنوب إفريقيا، ويعد المنتخب السعودي أول منتخب عربي يضمن التأهل للنهائيات للمرة الرابعة على التوالي لنهائيات كأس العالم.
وبذلك يكون الحصاد كالتالي: نجحت ثماني دول في تمثيل الكرة العربية في كؤوس العالم، وهي: مصر عام 1934 في إيطاليا، المغرب عام 1970 في المكسيك، تونس عام 1978 في الأرجنتين، الجزائر والكويت عام 1982 في إسبانيا، العراق والمغرب والجزائر عام 1986 في المكسيك، والإمارات ومصر عام 1990 في إيطاليا، المغرب والسعودية عام 1994 في الولايات المتحدة، السعودية والمغرب وتونس في مونديال فرنسا 1998، السعودية وتونس في مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002، السعودية وتونس أيضاً في مونديال ألمانيا عام 2006، في حين سيكون المنتخب الجزائري ممثل العرب الوحيد هذه المرة في جنوب إفريقيا 2010.
من كل ما ورد ذكره يتضح لنا أن العرب يمكن أن تكون مشاركاتهم إيجابية وفاعلة وألا تصبح المسألة مسألة مشاركة, بل يتم تغيير المصطلح للمنافسة, حيث يصبح الأمر واضحاً صريحاً يضع الحروف فوق النقاط والنقاط فوق صفيح ساخن اسمه المنافسة ومقارعة الكبار والوصول إلى الأدوار النهائية, بل الفوز بكأس العالم، الكيفية والطرق والحلول التي توصلنا إلى ذلك هو ما سنستعرضه في الحلقة الأخيرة.