مأمونية الغذاء والدواء مسؤولية مشتركة

تشرفت بزيارة مقر الهيئة العامة للغذاء والدواء بدعوة من رئيسها الدكتور محمد أحمد الكنهل، بتاريخ 14 حزيران (يونيو) 2010، التي اطلعت من خلالها على الجهود والإنجازات الكبيرة، التي بذلتها الهيئة منذ إنشائها عام 1424هـ، في مجال ضمان سلامة الغذاء والدواء والأجهزة والمنتجات الطبية، من خلال اتباع سلسلة من الإجراءات النظرية والعلمية والعملية، التي تستهدف في نهاية المطاف، الارتقاء بسلامة ومأمونية استخدامات الغذاء والدواء في المملكة، بما في ذلك المستحضرات الحيوية والكيماوية التكميلية ومستحضرات التجميل والمبيدات والأجهزة الطبية المستخدمة في السعودية.
جدير بالذكر أن الهيئة العامة للدواء والغذاء أنشئت كهيئة مستقلة، بقرار من مجلس الوزراء السعودي لتتولي القيام بتنظيم ومراقبة والإشراف على الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والتشخيصية في المملكة، بما في ذلك وضع المواصفات القياسية الإلزامية لها، سواء تلك التي تستورد من الخارج أو التي تصنع محلياً، كما تقع على عاتق الهيئة مسؤولية توعية المستهلك في كل ما يتعلق بالغذاء والدواء والأجهزة الطبية وكل المنتجات والمستحضرات المتعلقة بذلك.
من بين أبرز أهداف إنشاء الهيئة كذلك ضمان مأمونية الغذاء والدواء للإنسان والحيوان على حد سواء، إضافة إلى ضمان مأمونية المستحضرات الحيوية والكيماوية، وضمان سلامة المنتجات الإلكترونية من التأثير في الصحة العامة، والمراقبة والإشراف على الإجراءات الخاصة بالتراخيص لمصانع الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، بما في ذلك ضمان دقة معايير الأجهزة الطبية والتشخيصية المستخدمة في المستشفيات والمستوصفات العامة والخاصة.
تحقيق أهداف الهيئة تطلب منها تنفيذ 18 مشروعاً رئيساً في مجال قطاع الغذاء والدواء والأجهزة والمنتجات الطبية، فعلي سبيل المثال في قطاع الغذاء تقوم الهيئة بتنفيذ سبعة مشاريع رئيسة، تستهدف جميعها الرفع من مستوى الرقابة على الغذاء، من بينها على سبيل المثال، مشروع برنامج تطوير الرقابة على الغذاء المستورد بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الفني GTZ، ومشروع مركز رصد الأمراض المنقولة بالغذاء والوقاية منها، الذي يستهدف رصد حوادث التسمم والعدوى الغذائية وغيرها من الأمراض المتعلقة بكل أنواع الأغذية المحلية والمستوردة.
بالنسبة للمشاريع المرتبطة بقطاع الغذاء، فلدى الهيئة خمسة مشاريع رئيسة، تستهدف مراقبة جودة فاعلية ومأمونية الأدوية المستوردة والمصنعة محلياً المتوافرة في الأسواق، التي من بينها مشروع النظام الإلكتروني لتسجيل الأدوية السعودية (سدر)، الذي يهدف إلى تسجيل المستحضرات الصيدلانية المخصصة للاستخدام البشري والحيواني في المملكة بصورة تسمح بمراقبتها قبل تسويقها وبعده، ومشروع نظام الاستيراد وفسح المستحضرات (فسح)، الذي يهدف إلى ضبط وتنظيم عملية استيراد والإذن بفسح المستحضرات الصيدلانية البشرية والبيطرية.
أخيراً على مستوى قطاع الأجهزة الطبية، تقوم الهيئة بتنفيذ أربعة مشاريع رئيسة للرقابة على الأجهزة والمنتجات الطبية بهدف حماية المريض والكادر القائم على تشغيلها، التي من بينها مشروع السجل الوطني للأجهزة والمنتجات الطبية MDNR، الذي يهدف إلى حصر المنشآت والمصنعين والوكلاء والموردين للأجهزة والمنتجات الطبية في المملكة، ومنذ بداية تنفيذ المشروع حتى تاريخه تم تسجيل 423 منشأة لكل منها رقم سجل وطني خاص بها، إضافة إلى إتمام تسجيل 16628 موديلا من الأجهزة والمنتجات الطبية على مستوى المملكة.
رغم حداثة عمر الهيئة قياساً بعمر الزمن، إلا أنها استطاعت أن تثبت كفاءة عالية وقدرة فائقة على تنفيذ المهام الموكلة إليها والأعمال المنوطة بها على الوجه المطلوب، كونها تمكنت خلال الفترة الماضية من خلال التعاون مع الجهات المعنية بالأمر في السعودية كوزارة التجارة والصناعة، ووزارة الصحة، والبلديات، ومصلحة الجمارك، وحرس الحدود، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس وغيرها، من منع دخول عدد كبير من المواد الغذائية والأدوية والمنتجات والمستحضرات الطبية إلى المملكة، بما في ذلك سحب عدد من المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية من الأسواق بعد ثبات عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي، إضافة إلى قيامها بالإعلان عن عدد كبير من المواد الغذائية والداوئية المخالفة للمواصفات، وتوعية أفراد المجتمع بأضرارها.
تمكن الهيئة العامة للغذاء والدواء من تنفيذ أعمالها وفق أفضل الممارسات العالمية الممكنة والمتاحة، أهلها لأن تكون عضوا ممثلاً للمملكة في قطاع الأجهزة الطبية، في فريق التجانس العالمي Global Harmonized Task Force ، الذي يضم في عضويته كلاً من الولايات المتحدة، وكندا، ودول الاتحاد الأوروبي، وأستراليا واليابان، ومن خلال عضويتها الفاعلة في ذلك الفريق تمكنت من الإبلاغ عن عدد من الأجهزة الطبية العالمية المخالفة للمواصفات والمقاييس العالمية المرتبطة بالأداء والتشغيل.
إن نجاح الهيئة العامة للغذاء والدواء في أداء أعمالها، سيظل أمراً مرهوناً بمدى تفاعل وتجاوب المستهلك السعودي مع رسائل التحذير وحملات التوعية التي تقوم بها الهيئة، بالذات تلك المرتبطة بالمنتجات الغذائية والدوائية، بما في ذلك الأجهزة والمستحضرات الطبية غير الصالحة للاستخدام الآدمي، وذلك من خلال الامتناع عن استهلاكها واستخدامها والبحث عن بدائل أخرى مناسبة أكثر سلامة وأماناً من حيث الاستخدام، ولا سيما أن المستهلك يعد خط الدفاع الأول للتصدي للسلع غير المطابقة للمواصفات، التي تباع في الأسواق، وأن عدم إقباله على استخدامها وإحجامه عن شرائها سيقلل بشكل كبير من انتشارها ورواجها.
إن مساندة وسائل الإعلام المحلية والكتاب ورواد الرأي في بلادنا الهيئة في هذه المرحلة، تعد أمراً ضرورياً ومطلوباً لإنجاح أعمالها وتحقيق أهدافها المرجوة، الأمر الذي يفرض الحاجة إلى عدم استعجال النتائج والحكم على أعمالها بشكل لا يستند إلى حقائق دامغة ووقائع ثابتة، الذي بدوره سيكون له مردوده الإيجابي في تحقيق الهيئة أهدافها السامية والنبيلة التي ننشدها ونتطلع إليها، بالذات تلك المرتبطة بتعزيز الوعي الاستهلاكي لدى أفراد المجتمع، والتحسين من نوعية المواد الغذائية والأدوية والأجهزة والمستحضرات الطبية التي تباع في الأسواق، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي