ملفات ساخنة أمام قمة مجموعة العشرين في تورنتو

تنطلق اليوم في مدنية تورنتو الكندية أعمال قمة مجموعة العشرين لمناقشة التطورات الاقتصادية العالمية, القمة الكندية هي الأولى لهذا العام وستليها قمة أخرى لقادة المجموعة في تشرين الثاني (نوفمبر) في كوريا الجنوبية.
ويعود تاريخ آخر اجتماع لقادة مجموعة العشرين إلى أيلول (سبتمبر) من عام 2009 في مدينة بيتسبيرج في ولاية بنسيلفانيا الأمريكية, وكانت هذه هي المرة الأولى التي يرأس فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما قمة مجموعة العشرين. وركزت قمة بيتسبيرج على مسألة تشديد البنوك المركزية الرقابة على المؤسسات المالية بجميع أنواعها. من جملة الأمور، ناقش القادة المبادرات التي طرحها الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي بخصوص وضع سقف لمكافآت مديري البنوك وربط المكافآت بأداء المؤسسات على المدى الطويل.

عضوية السعودية
تضم مجموعة العشرين كبريات الاقتصادات العالمية, وهي: الأرجنتين, أستراليا, البرازيل, كندا, الصين, فرنسا, ألمانيا, الهند, إندونيسيا, إيطاليا, اليابان, المكسيك, روسيا, السعودية, جنوب إفريقيا, كوريا الجنوبية, تركيا, بريطانيا, الولايات المتحدة, إضافة إلى المفوضية الأوروبية, ما يعني عمليا وجود تمثيل لبقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
السعودية هي الدولة العربية الوحيدة الممثلة في مجموعة العشرين وباستحقاق كامل. يحتل الناتج المحلي الإجمالي السعودي المرتبة رقم 23 على مستوى العالم, وذلك حسب أحدث إحصاءات البنك الدولي, وعليه يعد حجم الاقتصاد السعودي أكبر من اقتصادات: النرويج, النمسا, اليونان, الدنمارك, الأرجنتين, وجنوب إفريقيا.
تسيطر الدول الأعضاء في مجموعة العشرين على 90 في المائة من الناتج الإجمالي العالمي, فضلا عن 80 في المائة من التجارة العالمية وثلثي سكان العالم. ووقع الاختيار على كندا لاحتضان قمة مجموعة العشرين وذلك على خلفية احتضانها قمة مجموعة دول الثماني لهذا العام. تقتصر العضوية في مجموعة الثماني على الولايات المتحدة, كندا, ألمانيا, بريطانيا, فرنسا, إيطاليا, اليابان, إضافة إلى روسيا. وعلى هذا الأساس، تعد مجموعة العشرين مؤهلة أكثر من غيرها لمعالجة القضايا الاقتصادية العالمية, التي فرضت نفسها بشكل نوعي في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

تحديات متنوعة
تشمل الملفات الساخنة أمام القادة تحدي تعافي الاقتصاد العالمي بصورة دائمة من تداعيات الأزمة المالية, فضلا عن ضمان إصلاح القطاع المالي العالمي في فترة زمنية متوسطة. واندلعت الأزمة المالية بشكل رئيس بسبب المشكلات التي واجهت قطاع الخدمات المالية في الولايات المتحدة. كما يتوقع أن تعلن القمة استعداد دول المجموعة لضخ أموال جديدة في الاقتصادات العالمية لغرض تعزيز الثقة.
إضافة إلى ذلك، يتوقع أن يناقش القادة أمورا أخرى مثل الحفاظ على البيئة ومحاربة الفقر والمديونية في إفريقيا, وتعزيز الأمن الغذائي العالمي, وقضايا التعليم والمياه. وليس من المستبعد أن يتم الإعلان عن مبادرات جديدة لمساعدة الدول ذات الدخل المنخفض على التكيف بشكل أسرع مع تداعيات الأزمة المالية وتحقيق أفصل نسب النمو الاقتصادي, وبالتالي تعزيز فرص العمل لمواطنيها. وفي كل الأحوال، يتوقع أن تؤكد دول مجموعة العشرين مسألة مراقبة أوجه صرف الأموال والتأكد من عدم وجود سوء استغلال.

تعددت الأسباب
بالعودة إلى الوراء، كشفت الأزمة المالية عن أنيابها بشكل جلي في صيف 2008 عندما تبين قيام مؤسسات وبنوك استثمارية أمريكية بتقديم قروض لأفراد لا يتمتعون بملاءة مالية حسنة لكن لديهم الاستعداد لدفع نسب فوائد عالية وتحمل رسوم إدارية مكلفة. في المقابل، قدم الزبائن مساكنهم على شكل رهون عقارية مقابل القروض الممنوحة. بدورها قامت المؤسسات المالية المقدمة للقروض بتوريق, أي إصدار سندات مقابل القروض العقارية وبيعها للمستثمرين المحليين والدوليين لغرض مضاعفة العائد وربطها بإيرادات القروض العقارية. كما قامت بعض الجهات المالكة لهذه السندات برهنها لدى جهات أخرى من أجل الحصول على تسهيلات مصرفية, وعليه تورطت عدة جهات دولية عند حدوث المشكلة, ومن هنا عرفت الأزمة بأزمة الرهن العقاري.
وتبين لاحقا تورط مديري بعض البنوك في الأزمة بسبب جشعهم ورغبتهم في الحصول على مكافآت إضافية عن طريق إعادة طرح المستندات في إطار منتجات مالية جديدة. وما زاد من عمق المعضلة تورط بعض المؤسسات المالية العملاقة في الأزمة وفي مقدمتها شركة ليمان براذرز, التي تعد بدورها رابع أكبر بنك استثماري عقاري في أمريكا, فضلا عن شركتي فاني ماي وفريدي ماك اللتين كانتا تمتلكان نصف القروض العقارية في الولايات المتحدة.

ختاما يحسب لمجموعة العشرين اتخاذ زمام المبادرة بالتصدي للمعضلات التي صاحبت الأزمة المالية العالمية وعدم الوقوف موقف المفترج. ونعتقد أن بعض الخطوات النوعية التي اتخذها قادة مجموعة العشرين, وخصوصا تعزيز الإنفاق, أسهمت وما زالت في الحد من التداعيات السلبية للأزمة المالية. وكانت الولايات المتحدة سباقة بضخ مليارات الدولارات في اقتصادها الوطني بقصد إعادة الثقة بمختلف القطاعات الاقتصادية, خصوصا الخدمات المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي