هوس كرة القدم والمونديال!
انطلقت في الأيام الأخيرة فعاليات كأس العالم من جنوب إفريقيا - رمز التحرر من العنصرية - ولأول مرة من القارة السمراء واتجهت أنظار العالم أجمع نحو هذا البلد الإفريقي رغم ما يعانيه العالم من مشكلات اقتصادية عصفت ببعض دوله حيث تهافت الملايين من سكان العالم ومنهم بالطبع المولعون بالساحرة المستديرة التي جذبت أنظارهم وملكت ألبابهم. وسارع الناس من هواة كرة القدم ونجومها الذين يشار إليهم بالبنان إلى شراء البطاقات التي تمكنهم من مشاهدة مباريات كأس العالم أو الاشتراك في القنوات الرياضية وغير ذلك من الوسائل والطرق التي تهيئ للإنسان متابعة المباريات من كثب بكل يسر ومتعة .
وبدأ المعجبون في التشجيع؛ فمنهم من يشجع ميسي أفضل لاعب في العالم ويتوقع له ورفاقه أن يحرزوا اللقب هذه المرة، ومنهم من يقف مع كاكا ونجوم السامبا فهم أكثر المنتخبات إحرازا للقب؛ فقد نالوا الكأس خمس مرات، وعيونهم على الكأس السادسة دون أدنى شك، وذهب فريق آخر من المشجعين إلى مساندة فريق الأسود الثلاثة ونجمهم اللامع واين روني بقيادة المدرب المحنك فابيو كابيللو ويرى أنهم قادرون على إحراز اللقب للمرة الثانية في تاريخهم المونديالي، ويرى آخرون أن نجوم الآزوري قادرون على الاحتفاظ باللقب للمرة الثانية على التوالي، يأمل البعض أن يحقق النجوم الإسبان اللقب الأغلى ولكن من يدري لعل الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن !
مما سبقت التوطئة له نجد أكثر الناس لا يعولون كثيرا على منتخبات القارتين الكبريين ( آسيا وإفريقيا ) وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على ضعف الثقة بهذه المنتخبات التي ما زال ينقصها كثير من الإمكانات والخبرات للحاق بركب أوروبا وأمريكا اللاتينية كرويا.
ونصل إلى سفير العرب الوحيد ( المنتخب الجزائري ) حيث تتعلق به آمال العرب والجزائريين خاصة ويتمنون أن يتعدى منافسات الدور الأول ويصل إلى الدور الثاني ليكمل مشواره في هذه البطولة العالمية ويرفع اسم العرب عاليا، فمن يدري؟!
إن هوس العرب بكرة القدم لم يشفع لهم عند منتخباتهم كي تقدم هذه المنتخبات التي تنفق عليها الدول كثيرا من الأموال وتسخر لها أجهزتها كافة وتذلل لها الصعاب، وهذا ربما لم ينفق مثله على التعليم والبحث العلمي أو على العلماء أنفسهم، فلماذا لم يبذل لاعبو كرة القدم كل غالٍ ونفيس من أجل إسعاد شعوبهم وأوطانهم؟! ولماذا لم تصل هذه المنتخبات العربية أو معظمها إلى كأس العالم باستمرار ولا تكتفي بمجرد الوصول، بل تنافس بكل قوة وبسالة وتحدٍ حتى تصل إلى الأدوار المتقدمة أو إلى المربع الذهبي والحصول على الكأس الأغلى ولو مرة في تاريخها، ثم تنافح عنها بعد ذلك ؟!
ثم نقول للاعبين: هل أصبح كل همكم الحصول على الأموال الضخمة والشهرة الواسعة من خلال الصفقات الكروية الكبيرة دون أدنى مسؤولية تجاه أوطانكم وشعوبكم ؟! أليس لهم حق عليكم ومن واجبكم أن تؤدوه لهم ؟!
إلى متى تظل منتخبات العرب راضية بالقليل، تهاب المنافسة في الألقاب القارية رغم مساندة الدول والشعوب لها ؟!
يقول الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر
وأخيرا تزامنت مباريات كأس العالم هذا العام مع الاختبارات النهائية لطلاب المدارس والجامعات في معظم الدول العربية وكان لهذا الأمر دور كبير في شغل كثير من الطلاب عن المذاكرة ومراجعة الدروس التي سيختبرون فيها وأثَّـر سلبا في مستوى تحصيلهم الدراسي فلماذا لم يراعِ صانعو القرار في بلادنا ذلك حرصا منهم على مصلحة أبنائنا وبناتنا، فهل يوجد أغلى منهم ؟!