تحويل العجز لفائض في ميزانية عُمان لعام 2010

تتجه عُمان لتحويل العجز المتوقع إلى فائض نسبي كبير في ميزانيتها العامة للسنة المالية 2010, وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط عن تلك المقدرة. وكانت السلطات قد افترضت متوسط سعر قدره 50 دولارا للبرميل لميزانية 2010, أي أقل بكثير من الأسعار الفعلية السائدة في أسواق النفط.
وتبين حديثا أن سعر النفط العُماني بلغ نحو 70 دولارا للبرميل في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2010. بل لدى الجهات الرسمية توقعات مفهومة بتراوح أسعار النفط بين 60 و80 دولار للبرميل للسنة المالية الجارية, أي أكثر من السعر الذي تم افتراضه عند إعداد الميزانية العامة.

أهمية القطاع النفطي

يعد متغير سعر النفط حيويا للاقتصاد العُماني لسبب جوهري هو أن إيرادات القطاع النفطي تشكل أكثر من ثلاثة أرباع دخل الخزانة العامة. وعلى هذا الأساس يعد الدخل النفطي المصدر الأول بلا منازع لتمويل مصروفات الدولة. وكما هو الحال مع أغلبية دول مجلس التعاون الخليجي، تشكل مصروفات القطاع العام أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي للعُمان.
ويكتسب موضوع ارتفاع أسعار النفط أهمية إضافية في ضوء تعزيز القدرة الإنتاجية للنفط في عُمان. تشير أفضل الإحصاءات المتوافرة إلى تنامي الإنتاج النفطي من 760 ألفا يوميا في عام 2008 إلى 810 آلاف يوميا في 2009, وأكثر من 850 ألف برميل في اليوم في 2010. وبذلت السلطات العُمانية في السنوات القليلة الماضية جهودا واضحة لتعزيز الإنتاج النفطي بدليل منحها امتيازا في 2005 لتحالف بقيادة شركة أوكسيدنتال لزيادة إنتاج حقل مخزينة من عشرة آلاف برميل يوميا الى150 ألفا يوميا في غضون خمس سنوات عن طريق استثمار مبلغ ضخم قدره مليارا دولار.
بيد أنه يتناقض الاندفاع نحو زيادة الإنتاج النفطي مع مزاعم الحديث عن التنوع الاقتصادي. بل من شأن تعزيز الإنتاج وضع الاقتصاد العُماني بشكل أكبر تحت رحمة التطورات في أسواق النفط. يقتضي الصواب توظيف الفوائض النفطية في مشاريع حيوية من شأنها إبعاد الاقتصاد عن القطاع النفطي.

الإيرادات والمصروفات

باختصار، قدرت الحكومة العُمانية الإيرادات بنحو 16.7 مليار دولار للسنة المالية 2010, ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 14 في المائة عن الرقم المقدر للسنة المالية 2009. بالمقارنة، تم إعداد إيرادات 2009 بزيادة 4 في المائة مقارنة بـ 2008. ويعود ارتفاع الدخل المتوقع بشكل جزئي إلى ظاهرة تنامي الإنتاج النفطي المشار إليها سلفا.
في المقابل، قدرت الحكومة المصروفات بنحو 18.7 مليار دولار للسنة المالية 2010 مشكلا زيادة قدرها 12 في المائة مقارنة بالأرقام المقدرة لموازنة 2009. تعد الزيادة النسبية للنفقات الحكومية لعام 2010 جديرة بالاهتمام نظرا لكونها النسبة المرصودة نفسها في السنة المالية 2009. وعلى هذا الأساس، تم تقدير عجز بمقدار 2.1 مليار دولار. حتى قبل الحديث عن تحويل العجز لفائض، تم اعتبار العجز الموقع للسنة المالية 2010 في غضون السيطرة بالنظر إلى تشكيله نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. بيد أنه تشير الأرقام المتوافرة إلى تسجيل فائض قدره 1.85 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2010, ما يشير إلى فرضية تحقيق فائض كبير نسبيا مع انتهاء السنة المالية.
مواجهة التحديات

استنادا إلى أحدث الإحصاءات، ارتفعت العائدات النفطية لعُمان بنحو 42 في المائة في الربع الأول من عام 2010 مقارنة بالفترة نفسها من 2009 نظرا لارتفاع أسعار النفط. من جملة الإيجابيات، توفر مسألة ارتفاع الإيرادات النفطية فرصة للجهات الرسمية لتعزيز النفقات العامة لمواجهة بعض التحديات مثل تحقيق نسبة نمو مرتفعة نسبيا للناتج المحلي الإجمالي. ومن شأن تطور إيجابي كهذا المساهمة في معالجة معضلة أخرى, وتحديدا توفير فرص عمل جديدة للداخلين الجدد لسوق العمل.
كما توفر القدرة على زيادة المصروفات على خلفية ارتفاع الإيرادات فرصة لمعالجة التداعيات المرتبطة بإعصار فيت, الذي ضرب عُمان بداية الشهر الجاري. وتسبب الإعصار الاستوائي في وفاة 16 شخصا وإلحاق أضرار مادية بجانب من البنية التحتية للسلطنة, فضلا عن تعطيل الإنتاج النفطي وشل حركة الطيران.
من جهة أخرى، لا تصطدم زيادة المصروفات بمعضلة التضخم بسبب تراجع ظاهرة الأسعار بشكل عام. في المقابل، كان التضخم العدو الاقتصادي الأبرز حتى النصف الأول من عام 2008, أي قبل بروز الأزمة المالية العالمية التي بدورها غيرت نوعية التحديات, حيث التركيز على الصرف. وعلى الرغم من تعزيز دخل الخزانة العامة، نعتقد أنه ليس من المناسب بالضرورة تبني متوسط متحفظ بشكل نوعي للنفط, لأن للأمر علاقة بمستويات الإيرادات والمصروفات. بمعنى آخر، من الأفضل الترتيب لصرف أموال عامة عند إعداد الميزانية العامة على مشاريع محددة بدلا من صرفها على أمور غير مخطط لها بالنظر إلى وجود خطر المساومة على النتيجة والنوعية. التخطيط السليم مسألة ضرورية عند إعداد الميزانيات العامة في عالم سريع التغيير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي