مستقبل العلاقات الإسرائيلية - التركية في ضوء حادث قافلة الحرية

بعد الموقف الرافض لأي تحرك لكسر الحصار عن غزة،أكدت إسرائيل أن هذا التحرك يناقض قانونها ويعد تدخلاً في شئونها، ولذلك أضافت الجهود التركية في التحضير لقافلة الحرية لغزة مزيدا من القلق والتوتر في علاقات إسرائيل بتركيا خاصة بعد الحوادث العديدة التي شهدتها هذه العلاقات منذ محرقة غزة في يناير 2009 وتصريحات ومواقف أردوغان،مما لقي ارتياحاً واسعاً في العالم العربي وترحيباً كبيراً بالدور التركي الذي يدعم الموقف العربي. وقبل الهجوم البربري فجر اليوم الأخير من شهر مايو 2010، كانت التحليلات تجتهد في بيان الحدود التي يحتملها توتر العلاقات بين إسرائيل وتركيا في ظل حقائق هذه العلاقات، لحيث كانت تركيا الدولة الإسلامية الأولى التي اعترفت بإسرائيل منذ قيامها، كما كانت ترتبط بإسرائيل بروابط استراتيجية، ولكن علاقات تركيا بإسرائيل بدأت بالتوتر الحاد منذ محرقة غزة ومساندة تركيا لعدالة القضية الفلسطينية.
والملاحظ على سلوك إسرائيل البربري أن إسرائيل تؤكد من جديد امتهانها لأحكام القانون الدولي، والإصرار على الحصار والتصدي لكسره مهما كلفها ذلك من تداعيات، فاعترضت قافلة الحرية بالبحرية العسكرية والطيران في أعالي البحار،وبهجوم مسلح مدروس على سفن مدنية تحمل متطوعين قاصدين لفت نظر العالم إلى جريمة الحصار التي استماتت إسرائيل في فرض الصمت عليها،فأصبح الحصار أداة للإبادة، رغم تكاثر قرارات المطالبة برفع الحصار وأبرزها قرار مجلس الأمن رقم 1860 لعام 2009.
والحق أن قسوة الهجوم والانتهاكات القانونية البشعة التي سببت صدمة هائلة للجماعة الدولية الأمر الذي عكسه البيان الرئاسي لمجلس الأمن وقرار مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم 1/6/2010، قد أتت بنتائج عكسية تماماً، ولكن يهمنا في هذه المقالة القصيرة بحث أثر هذا العمل البربري في العلاقات التركية - الإسرائيلية فالثابت أن الهجوم الصهيوني استهدف بشكل خاص السفينة التركية ولذلك كانت معظم الإصابات بين المواطنين الأتراك، انتقاما من الدور التركي من ناحية، واختبارا لرد الفعل التركي من ناحية أخرى.
ولكن هذا العمل دفع أردوغان إلى التعبير عن الغضب التركي الشامل خاصة التأكيد على نزع الشرعية عن إسرائيل، مما يجدد الاهتمام بجرائم إسرائيل في غزة وإعادة تقرير جولد ستون إلى الواجهة رغم مساعي إسرائيل وواشنطن لقبره. أما التطور الثاني في الموقف التركي فهو إعادة التأكيد على التزام تركيا بالقضية الفلسطينية والسعي لكسر الحصار على غزة.
ولكن تركيا التي عبرت عن غضبها بعدد من الإجراءات في علاقاتها بإسرائيل،لم تسترسل في مزيد من الإجراءات، ولكن الأرجح أن علاقات البلدين سوف تشهد تدهوراً مستمراً، خاصة أن الهجوم استهدف أساساً المواطنين الأتراك. من ناحية أخرى، فإن إصرار تركيا على تشكيل لجنة تحقيق وتحذيرها إسرائيل من تعويقها،وتحذير تركيا من محاكمة أي من مواطنيها تظهر أنه وإن لم ترد تركيا على إسرائيل بشكل يرضي شعبها الغاضب،ومصدر التوتر سوف ينصب على مزيد من السياسات المستفزة لإسرائيل مع المقاومة وسورية وإيران.
مهما بدا على السطح، فالمؤكد أن علاقات تركيا بإسرائيل قد تلقت ضربة قاصمة وفى كل الأحوال فإن تركيا ليست نادمة على دورها وليست قلقة من تورطها في قضية الحصار بأكثر مما يحتمله الموقف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي