لماذا العادات السبع؟

كثيرا ما أسأل، لماذا أنت مغرم بالعادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية؟
دعوني أولا حتى لا نخسر بعض القراء الذين لا يعرفون هذه العادات أقول إن هذه العادات هي عادات في النجاح والفاعلية طورها الدكتور ستيفين كوفي ونشرها فى كتابه الشهير “العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية” The Seven Habits of Highly Effective People. وستيفين كوفي أكاديمي أمريكي مشهور، و من أكثر الكتاب المعاصرين شهرة في موضوعات تطوير الذات، وقد نشر كتابه هذا أول مرة عام 1989. والعادات السبع هي كالتالي:
1. كن مبادرا.
2. ابدأ والنهاية في ذهنك.
3. ضع الأول أولا.
4. فكر بعقلية: أربح ويربح الآخرون.
5. احرص على أن تفهم أولا ثم أن تفهم الآخرين.
6. التعاون الإنمائي.
7. اشحذ المنشار.
هذه العادات موجودة في كل منا بشكل مبدئي، ذلك لأنها جزء من تركيبتنا النفسية والعقلية وبالتالي فإن تنفيذها لا يحتاج إلى تكلف. إنها ليست تكنيكا مبتكرا ينبغي أن تتعلمه أو مهارة جديدة ينبغي أن تكتشفها، إنها في أصلها مبدأ للحياة وطريقة في التفكير ينبغي أن تنميها وتتعود عليها وتمارسها. إنها باختصار عادات فطرية للحياة الفاعلة والمؤثرة. إنها جزء من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، أو بتعبير آخر هي سنن كونية ركزها الله في هذا الكون تحكم تفاعلاته، فكما أن هناك سننا طبيعية مثل سنة الجاذبية وسنة طلوع الشمس من المشرق فإن هناك سننا اجتماعية تحكم حياة الناس وتضبط التدافع بينهم. وهذا ما حاولت أن أبينه في كتابي المتواضع (التغيير من الداخل) حيث اجتهدت في أن أبين أن هذه العادات مبثوثة معانيها في القرآن الكريم والسنة للنبوية ومارسها سلفنا الصالح ومارسها المبدعون من المسلمين والعرب وغيرهم على مر التاريخ، بل وعليها شواهد كثيرة من الشعر العربي والحكمة. هي إذن ليست بضاعة مستوردة وإنما إرث مهمل. وجد هذا الإرث غيرنا وصاغه إلينا في قالب قشيب جذاب وعلينا الآن أن نستفيد منه من غير تردد أو تحسس، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
كما تتميز هذه العادات بأنها بسيطة جدا وبعيدة عن التكلف الفلسفي والتعقيد الفكري، ولا تحتاج إلى كثير من الإقناع والبرهنة، فهي واضحة ومتحققة في حياتنا جميعا، وفي جميع مناحي حياتنا وأبعادها، بل هي تمس كل مكوناتنا الروحية والعقلية والجسدية. كما تتميز بأنها وحدة متكاملة ومتدرجة تنقلك من العطالة إلى الفاعلية الشخصية، ثم إلى الفاعلية الجماعية، وتشمل وسائل لضمان استمرارية الفاعلية على المدى البعيد أيضا. وبعد هذا كله، فإن هذه العادات على الرغم من بساطتها ومبدئيتها، فإنها لم تأت من فراغ. فلقد أمضى مؤلفها الدكتور ستيفين كوفي سنين عديدة وهو يبحث في عادات النجاح ومهاراته من الناحية العلمية بأن درس معظم الأدبيات والأبحاث المتعلقة بالنجاح على مدى القرن الماضي، كما صاحب وحلل شخصيات الناجحين والفاعلين على مدى 30 سنة، ثم خلص من ذلك كله إلى أن هذه العادات كانت موجودة في العدد الأكبر من هؤلاء الناجحين. وبعد، فإن لدينا مشكلة كبيرة جدا في الفاعلية والإنجاز لا ينكرها أحد، وأنا على يقين أن هذه العادات (وأمثالها) من أفضل وأقوى وسائل التعامل مع هذه المشكلة.
التحدي الذي أمامنا أيها الأعزاء، ليس في أن نقتنع أو نؤمن بأهمية عادات النجاح، فلا أظن عاقلا يجادل كثيرا في ذلك، التحدي الأكبر هو كيف نحول هذه المعاني من أفكار جميلة نوافق عليها جميعا إلى عادات نمارسها يوميا، ونربي عليها أبناءنا وطلابنا، كيف ننتقل من مرحلة التنظير إلى مرحلة التنفيذ، سر النجاح هنا أن تكون هذه وغيرها فعلا (عادات) وليست مجرد (أفكار)!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي