إسلامية كانت أم تقليدية.. حذار من البطاقات الائتمانية!!

"بادر بالحصول على بطاقتك الائتمانية من بنك (س) وامتلك فرصة الذهاب لحضور مونديال جنوب إفريقيا"!! هذه هي أحدث الصرعات في الترويج للبطاقات الائتمانية.. قد تربح رحلة لجنوب إفريقيا من باب المقامرة.. ولكنك في الحقيقة قد تخسر الكثير الكثير من أموالك.

والحقيقة أن الخسائر في أموال العميل متحققة في امتلاكه بطاقة ائتمانية إسلامية أو تقليدية، لأن الأمر لا يتعلق بالحلال والحرام هنا، بل يتعلق بما سيترتب على العميل من التزامات مالية جراء حمله البطاقة. فالبطاقة مع حاملها يستطيع أن يستخدمها أينما كان وفي أي وقت طالما أن هناك اتصالا بالكهرباء والهاتف، لكنه مع حمله تلك البطاقة يحمل أوزاراً وتبعات أولها عند الراتب وآخرها عند بيع مقتنيات ثمينة لسداد المستحقات.

وقد وصل الأمر إلى إمكانية استصدار بطاقة ائتمان من بنك مع أن راتبك وأموالك مودعة لدى بنك آخر، مع ضرب التحاليل الائتمانية للعملاء بعرض الحائط، إضافة إلى امتلاك رجل الشارع عددا من البطاقات الائتمانية الصادرة عن عدد من البنوك.

لعل البعض يستغرب الحنق على البطاقات الائتمانية في هذا المقال، لكن بالتبصر بتفاصيل مساوئ البطاقات الائتمانية يدرك أن ما كتب هنا ليس سوى غيض من فيض.

البطاقات الائتمانية تشجع على السلوك الاستهلاكي الترفي وتتنافى مع التوفير:

تخيل أن تذهب إلى أحد المجمعات التجارية وأنت لا تحمل نقودا ولا يتوافر في رصيدك البنكي أي مبلغ يمكنك من شراء سلعة أعجبتك، في هذه الحالة ستكبح جماح رغبتك من أجل التوافق مع أوضاعك المالية أو بمعنى آخر "على قدر لحافك مد رجليك".

وفي المقابل تخيل لو أنك تحمل بطاقة ائتمانية.. في هذه الحالة ستعول كثيرا على بطاقتك من أجل الرغبة في امتلاك السلعة التي أعجبتك!! وعلى هذا المثال لك أن تقيس وتتخيل ماذا تفعل بطاقة الائتمان في السلوك الاستهلاكي.

البطاقات الائتمانية تحدث عدم توازن بين ما تملك وما أنت مدان به:

لكل واحد منا مركز مالي يحدده ميزان بكفتين، أولاهما تحتوي ما يملك من موجودات (أموال، أسهم ذهب أثاث... وما إلى ذلك)، والثانية تحتوي على ما عليه من ديون. وعند التعامل ببطاقة الائتمان تتضخم الديون بسبب السلوكيات الاستهلاكية الترفية مقابل عدم ارتفاع قيمة ما يملكه الإنسان من موجودات، وهو أمر يعمل على تقليص أحقيته فيما يملك. وكم من قصة سمعناها عن أشخاص اضطروا إلى بيع ما يملكون من أجل الوفاء بديون البطاقة الائتمانية.

البنوك تجني كثيرا من البطاقات الائتمانية والعميل يخسر كثيرا:

أول مصلحة يحققها البنك من البطاقات الائتمانية هي نتاج عملية إصدار البطاقات. فهو لا يصدرها بالمجان إلا في حالات ترويجية نادرة.

كذلك عندما يجددها بعد انتهاء مدتها فإنه يتقاضى أيضاً رسوم تجديد تتجاوز بكثير سعر تكلفة البطاقة.

إضافة إلى ذلك، يطلب البنك من العميل تسديد كامل المستحقات خلال فترة تراوح ما بين شهر و55 يوما بموجب فاتورة يرسلها للعميل، وإذا لم يستطع أن يفعل فالبنك يعتبر المبلغ قرضاً، ويبدأ بتحصيله من العميل على أقساط، ولكن برسوم تأخير عالية جداً، تصل إلى أكثر من 20 في المئة، وفي بعض الدول تصل إلى 55 في المئة سنوياً عند بعض البنوك.

وعادة فإن البنك يقدم البطاقة للقادرين على السداد، ويستطيع البنك إيقاف مفعولها متى شعر بعجز العميل عن دفع القسط الشهري، ويبدأ البنك بملاحقة المتأخرين، علما بأن عقوبات التأخير لا تتوقف بتوقف سريان البطاقة، بل تستمر حتى ينتهي التقسيط، ويبقى اسم العميل مسجلاً في قائمة العملاء غير القادرين على الوفاء بالالتزامات حتى يتم تسديد جميع ما عليه للبنك. أي أن البنك قادر على تحصيل حقه كاملاً وقادر على متابعة المطلوبين وإيذائهم في سجلاتهم المالية.

الفاتورة الشهرية .. طلاسم لا يفهمها حتى موظف البنك:

تشتهر فواتير البطاقات الائتمانية بالغموض والمراوغة، وهذا يجعل من استيعاب الفاتورة أمرا غاية في الصعوبة إلا على الراسخين في العلم.

فالهدف الأساس من الفاتورة هو إبراء ذمة البنك من حيث إنه أرسلها إلى العميل، مع التركيز على عدم فهم العميل لها، لأن عدم الفهم يعني الوقوع في الخطأ، وبالتالي يعني تحصيل رسوم أكثر مقابل كل خطأ يرتكبه العميل. فتجاوز الحد المسموح به تترتب عليه غرامة، وعدم السداد في الوقت تترتب عليه غرامة، وعدم معرفة مقدار ما يجب تسديده في الوقت المستحق تترتب عليه غرامة.. الشيء الوحيد الذي لا تترتب عليه غرامة، هو أن تسدد كامل المبلغ في الوقت المحدد، لذلك تحرص البنوك ــ ولاسيما التقليدية ــ على أن تموه على قارئ الفاتورة كامل المبلغ المستحق حتى يدفع العميل غرامة أو فائدة، كما بعضها يقوم بتحديد موعد السداد في وقت من المحتمل ألا يملك فيه العميل المبلغ المطلوب مثل منتصف الشهر مثلاً، لذلك أكثر ما يفعله العملاء البسطاء هو تسديد جزء من المبلغ ليبقى المتبقي تحت عداد الفوائد المتراكمة التي لا ترحم. في المحصلة النهائية هي دوامة ما لها أول من آخر، فعلى كل من لا يرغب في الدخول في هذه الدوامة أن يحرص على امتلاك بطاقة الصراف الآلي الخاصة به لأنها لا تسمح له أن يصرف أكثر مما يملك>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي