مساكن (XXXL)
لماذا نبني مساكن كبيرة الحجم، بل أكبر من مساكن بقية الشعوب؟ ولماذا يعتقد كثير منا أن المساكن الكبيرة هي التي تناسبنا «فقط»؟! ولماذا يُصر بعضنا على الاستمرار في بناء المساكن الكبيرة أو شرائها حتى إن لم يعد باستطاعتهم توفير قيمتها؟ ولماذا نعتذر لإصرارنا على كبرها بأعذار من مثل: إن عاداتنا وأسلوب حياتنا يختلف عن أسلوب حياة غيرنا من خلق الله؟ فهل أجسامنا أكبر؟ أم أن طريقة جلوسنا، أو مشاهدتنا للتلفزيون، أو أكلنا، أو نومنا، أو.. أو..؛ تختلف عن بقية خلق الله، ويتطلب لذلك فراغات بمساحات أكبر!
إن اختيارنا للمسكن يجب أن يكون بحجم يوافق حجم الأسرة ومتطلباتها الحقيقية، تماماً مثل حرصنا على اختيار الثوب ليكون بالمقياس المناسب، فقد دلتنا التجارب على أن الثوب الواسع أو الضيق لا يوفر للابسه الراحة في أي من الحالتين؛ لأن الثوب الواسع يعرقل حركة من يلبسه، وقد يسبب له التعثر والوقوع، ويشغله دائماً بجمعه والعناية به ورفعه عن الأوساخ والنجاسات. كما أن الثوب الضيق يخنق لابسه، ويشل حركته، ويجعله مثل المكفن وهو حي. وكذلك المسكن؛ فإن ضاق على ساكنيه لم يحقق لهم احتياجاتهم المعيشية الأساسية، وأصبحوا متزاحمين في الغرف محشورين فيها، وكأنهم سمك (الساردين) في علبته، وهو ما قد يشكل عامل طرد للصغار من أفراد الأسرة هرباً من التزاحم إلى خارج المسكن، وتعريضهم لقضاء أوقات أطول مع صحبة قد لا تكون صالحة وفي بيئة غير صحية أو غير آمنة. أما المسكن الكبير فإنه يستنفد طاقة الأسرة وجزءاً كبيراً من دخلها للعناية به وتشغيله وصيانته؛ لأنه يتطلب عدداً أكبر من الخادمات لتنظيفه وترتيبه، كما أن فاتورته الكهربائية تقصم ظهر رب الأسرة نهاية كل شهر، أما إذا ظهرت الحاجة إلى إجراء أعمال دهان أو صيانة أو تغيير فرش للأرضيات فالمبالغ المطلوبة تجعل الحليم حيران.
فلينظر كل منا حوله إلى الغرف والفراغات التي يستخدمها بشكل يومي في مسكنه، ويقارنها ببقية الفراغات والغرف التي لا تستخدم إلا في النادر، ولننظر أيضاً إلى طريقة توظيفنا للفراغ أو الغرفة المستخدمة بشكل يومي، وإلى طريقة انتفاعنا بها، ومقارنة طريقة الانتفاع بها مع مساحاتها؛ فهل يوجد توافق؟ أما أن المساحة تفوق الاحتياج الحقيقي؟.
إن تكلفة بناء المساكن ذات الحجم المناسب والعناية بها أقل من غيرها، وهو ما يمكن الأسرة من امتلاك المسكن في البداية، ويخفض عليها مبلغ ميزانية العناية به، ليمكنها من العيش باستمرار في وضع اقتصادي مريح.
لذا يتعين على المطورين العناية بتوفير مساكن بمساحات وأحجام متنوعة، مع قابليتها للنمو بيسر وسهولة؛ لأنها ترفع عن كاهل الأسرة الحاجة إلى دفع قيمة مساحات إضافية والعناية بها قبل ظهور الحاجة إليها، كما يتعين على المطورين العناية أيضاً بتوفير مساكن يمكن إعادة تشكيل فراغاتها الداخلية وتوزيعها، وإعادة تغيير مساحات غرفها ومواقعها حسب تغير احتياج الأسرة ورغبتها.
والأهم من كل ذلك أنه يجب على الأسرة الراغبة في بناء مسكن أو امتلاكه أن تجعل معيارها الحقيقي الحصول على الجودة وليس المساحة.