المزارعون أمام مجلس الشورى

قرأت في إحدى الصحف قبل عدة أيام أن رئيس اللجنة الوطنية الزراعية وعددا من أعضاء اللجنة، طرحوا عدة ملفات على رئيس وأعضاء مجلس الشورى تتعلق بهموم المزارعين، وكلي أمل من رئيس وأعضاء مجلس الشورى الذين سيدرسون هذه الملفات بهدف محاولة إيجاد الحلول المناسبة لعدة مشاكل وعقبات تعترض مسيرة العمل والاستثمار الزراعي. أرجو أن تتم دراسة الخلفيات وكافة الجوانب قبل إصدار أي قرار، وأن يؤخذ في الاعتبار أن المزارعين خاصة مزارعي القمح والشعير أخذوا قروضا ضخمة من الدولة تقدر بالمليارات وصرفوها داخل مزارعهم من مواد وآلات وحفر آبار على أمل أن يقوموا بتسديدها من إنتاجهم.
عندها صدر قرار وزارة الزراعة بإيقاف زراعة الشعير فجأة ودون سابق إنذار، وكذلك إيقاف زراعة القمح تدريجيا والاكتفاء بزراعة كميات بسيطة جدا حتى الوصول لإيقاف زراعته نهائيا، السبب كما هو معروف لدى الجميع محاولة الحفاظ على مخزون المياه الجوفية التي يخشى من نضوبها والتسبب في كوارث للأجيال القادمة. هذا الموضوع لا اعتراض عليه، ولكن مع الأسف أن هذا الهدف لم ولن يتحقق، وقرار إيقاف زراعة الشعير والقمح لن يوقف هدر المياه الجوفية، وذلك لعدة أسباب من أهمها، أن معظم المزارعين، إذا لم يكونوا جميعا، تحولوا بكل طاقاتهم إلى زراعة الأعلاف خاصة البرسيم، في محاولة لتعويض خسائرهم المادية، وهذا فيه استهلاك للمياه الجوفية ضعف ما كان موجودا في السابق، فالجهاز المحوري الواحد الذي يستخدم في ري البرسيم، يستهلك أربعة أضعاف ما يستهلكه الجهاز المحوري المماثل لري القمح والشعير، لأن زراعة القمح التي تنتج غذاء آدميا وغذاء حيوانيا، مدة زراعته كما هو معروف ثلاثة أشهر وفي الموسم الشتوي أيضا الذي ربما يتخلله هطول الأمطار والتي ستخفف استهلاك المياه الجوفية طوال السنة، بينما زراعة البرسيم تستهلك المياه الجوفية طوال العام خاصة في فصل الصيف والذي يكون فيه الري بمعدل 24 ساعة، لذا أنا متأكد أن الهدف الرئيسي من إيقاف زراعة القمح والشعير لم يتحقق بل استهلاك المياه الجوفية الآن أكثر بكثير مما كان عليه في السابق أثناء زرعة القمح، هذا من ناحية، الناحية الأخرى يجب علينا قبل صدور أي قرار يهدف إلى معالجة هذا الموضوع أن نتذكر أن الدولة قدمت لهؤلاء المزارعين مليارات كقروض وهي الآن ديون شبه معدومة لأن المزارع لا يستطيع ردها خاصة مزارعي القمح والشعير. لذا أقترح بل وأنصح أن يصدر تنظيم أولي سواء من مجلس الشورى أو البنك الزراعي أو وزارة الزراعة يتم خلاله السماح المؤقت بمواصلة زراعة القمح والشعير للمزارعين الذين عليهم قروض مالية وإعطاؤهم سعرا مجديا لمن يرغب في تسديد ديونه من خلال الإنتاج حتى يكتمل تسديد هذه القروض الضخمة، وكذلك تقديم برامج للخصم المجزي لكل من ينتظم أو يسدد مبكرا مثلما هو معمول به في صندوق التنمية العقاري، ويشترط أن يكون كامل الإنتاج لتسديد الديون، عندها يكون المزارع قد تخلص من القروض والدولة استعادت المليارات المعدومة بفترة تنتهي بانتهاء كل مزارع من مديونيته، ويكون الحصول على هذه الديون بمثابة دعم للمقترضين الجدد من أصحاب المشاريع ذات الجدوى.
أدعو لدراسة شاملة من مختلف الجوانب اقتصادية وعلمية وبيئية لوضع الزراعة في المملكة، فمن غير المنطقي أن تمنع زراعة القمح والشعير، بحجة المحافظة على المياه الجوفية ونفقد المليارات كديون معدومة، ويتم السماح بزراعة البرسيم الذي يستهلك المياه الجوفية بكميات هائلة ضعف ما يستهلكه القمح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي