في غياب المؤشر ستستمر الأسعار في الارتفاع
شهدت أسعار الأراضي خلال الأعوام القليلة الماضية ارتفاعاً كبيراً وغير مبرر أثّر بشكل مباشر في ارتفاع أسعار المساكن وتكلفة استئجارها، وامتد تأثيره بعد ذلك ليرفع من معدلات التضخم. فقد أوضح تقرير صادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة بلغ (126.7) في شهر آذار (مارس) من عام 2010م، بزيادة عن الشهر الذي قبله، وقد عزا التقرير ذلك إلى عدد من الأسباب من بينها ارتفاع الإيجارات.
إن المضاربة في الأراضي واستخدامها بوصفها وعاءً استثمارياً طويل المدى يؤديان إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير ومستمر، وهو ما قد يقود - لا سمح الله - إلى عدد من السلبيات الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع. وقد تأكد مفهوم الاستثمار في الأراضي بشكل أكبر بعد انتكاسة سوق الأسهم؛ فكانت الأراضي بالنسبة لكثير من المواطنين نموذجاً من النماذج الآمنة لحفظ الثروة وتنميتها بفعل تقادم السنين على الأرض ووصول التطوير ومرافق البنية التحتية إليها. فقد ارتفع متوسط أسعار الأراضي السكنية في مدينة الرياض خلال السنوات العشر الماضية إلى أكثر من (250 في المائة)، وزادت نسبة تكلفة الأرض من التكلفة الإجمالية للمسكن من قرابة (34 في المائة) لتصل إلى (48 في المائة) من إجمالي تكلفة المسكن. علماً بأن متوسط نسبة تكلفة الأرض حسب النسب العالمية في حدود (25 في المائة) من إجمالي تكلفة المسكن.
وتعد تكلفة الأرض أحد أهم العوامل الرئيسة المؤثرة في مقدرة الأسرة على الحصول على المسكن بتكلفة ميسّرة والقدرة على امتلاكه. وإذا لم يتم كبح جماح ارتفاع أسعار الأراضي فإن تكلفة امتلاك المساكن واستئجارها ستظل مؤثرة بشكل كبير في التضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف الإسكان أو ستؤدي إلى ظهور سلبيات إسكانية أخرى (مثل: المناطق الإسكانية العشوائية والخربة).
ومما يلفت الانتباه، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي، التفاوت الكبير بين أسعار المناطق المختلفة وحتى الأحياء المتجاورة في المدينة الواحدة من دون أي مبرر منطقي أو مادي ملموس. وإذا لم يتم تحديد العوامل المؤثرة في أسعار قطعة الأرض السكنية حسب الخصائص المختلفة (المشتملة على: الخصائص المكانية الخاصة بموقع الحي ضمن النسيج العمراني للمدينة وموقع قطعة الأرض في الحي، والخصائص العمرانية لأبعاد قطعة الأرض ومساحتها وعروض الشوارع الواقعة عليها، والخصائص الخدمية للمرافق والبنى التحتية المتوافرة، والخصائص الطبيعية لطبوغرافية الأرض، والخصائص الاجتماعية لسكان الحي، والخصائص الاقتصادية الأخرى المؤثرة في الحي، وغيرها)، والنسبة المئوية لتأثير كل عامل بشكل منفرد في السعر، وإيجاد مؤشر لأسعارها في كل مدينة من المدن السعودية مؤسس على نتائج دقيقة لدراسة ميدانية تراعي الشروط الإحصائية، فإن الأسعار ستستمر في الارتفاع وسيستمر تأثيرها السلبي في التنمية الإسكانية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية. كما أن استحداث مؤشر لأسعار الأراضي منطلقاً من قاعدة بيانات أساسية مؤسسة على نسب تأثير كل عامل من العوامل المختلفة في أسعار الأراضي؛ يعمل على ضبط اتجاهات الأسعار بأسلوب منهجي ودقيق يعمل على إيضاح القيمة الحقيقية لقطعة الأرض.