البنوك السعودية .. أداء متماسك رغم الصعوبات

استمر القطاع المصرفي السعودي خلال الربع الأول من العام الجاري، في تحقيقه نتائج مالية متماسكة رغم الصعوبات والتحديات المالية والاقتصادية، التي يعانيها معظم اقتصادات دول العالم، بما في ذلك المصارف والمؤسسات المالية، نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، التي لا تزال تعصف بعدد كبير من المؤسسات المالية على مستوى العالم، إذ تشير المعلومات إلى أن نحو 50 مؤسسة مالية على مستوى الولايات المتحدة وحدها، قد تعرضت خلال الربع الأول من العام الجاري لصعوبات مالية متعددة، أدت إما لإفلاسها أو لانهيارها، مقارنة بنحو 140 مؤسسة مالية ومصرفية خلال العام الماضي.

#2#

على الرغم من الأداء المالي المتفاوت، الذي أظهرته البنوك السعودية خلال الربع الأول من العام الجاري، سواء كان ذلك على مستوى صافي الأرباح، أم على مستوى صافي الدخل من العمولات الخاصة، أو على مستوى الودائع والقروض وحجم الأصول، والذي بطبيعة الحال له مبرراته المحاسبية والمالية المنطقية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، انخفاض هوامش الأرباح نتيجة المنافسة الشديدة، واستمرار البنوك في انتهاج سياسية تحفظية في التعامل مع بناء المخصصات، بما في ذلك التوسع في حجم النشاط، الذي صاحبه ضرورة التوسع في شبكة الفروع وأجهزة الصراف الآلي، بما في ذلك حجم العمالة في عدد من المصارف، إلا أن القطاع المصرفي في مجمله، وكما أسلفت قد تمكن من تحقيق نتائج مالية متماسكة للغاية، ولا سيما حين النظر وربط هذا الأداء بالصعوبات المالية الكبيرة، التي تواجهها معظم المصارف على مستوى العالم.

#3#

التفاوت في الأداء المالي للبنوك السعودية، خلال الربع الأول من العام الجاري، لم يعقها من الاستمرار في ممارسة دورها التنموي ووظيفتها الأساسية في الاقتصاد، المتمثلة في استقطاب الودائع وإعادة ضخها في النظامين الاقتصادي والنقدي، وتوظيفها من خلال إقراضها مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، الأمر الذي يؤكده ارتفاع إجمالي حجم القروض للمصارف السعودية خلال الربع الأول من عام 2010، بنسبة بلغت نحو 1,7 في المائة (12,1 مليار ريال) لتبلغ نحو 741,4 مليار ريال مقارنة بـ 729,3 مليار ريال في الربع الأول من العام السابق.

بالرغم من الانخفاض الطفيف، الذي طرأ على إجمالي صافي أرباح البنوك السعودية خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو نسبة 2,7 في المائة، لتبلغ نحو 7,2 مليار ريال مقارنة بنحو 7,4 مليار ريال خلال الربع المقابل من العام الماضي، إلا أن القطاع المصرفي السعودي، لا يزال يتمتع بملاءة وبسيولة مالية عالية للغاية، حيث بلغ إجمالي رأسمال واحتياطيات المصارف التجارية العاملة في المملكة، نحو 189,6 مليار ريال بنهاية شباط (فبراير) من العام الجاري، كما أن متوسط نسبة كفاية رأس المال، لا يزال تسجيل مستويات مرتفعة بحدود 16,2 في المائة بنهاية الربع الثالث من عام 2009، مقارنة بالنسبة المطلوبة من قبل لجنة (بازل) الدولية، والتي هي بحدود 8 في المائة، هذا إضافة إلى أن نسبة القروض المشكوك في تحصيلها إلى إجمالي الإقراض البنكي بنهاية الربع نفسه لم تتجاوز نسبة 3,0 في المائة.

جدير بالذكر، أن انشغال البنوك السعودية في تحقيق نتائج مالية جيدة خلال الربع الأول من هذا العام للمؤسسين وللمساهمين، لم يغفلها عن القيام بدورها التنموي المهم في مجال سعودة وظائف القطاع المصرفي، إما من خلال الإحلال أو من خلال استقطاب كوادر جديدة من الشباب والشابات السعوديين والسعوديات للعمل بالقطاع، مما أسهم بشكل كبير في تحسين نسب السعودة بالبنوك السعودية، التي بلغت نحو 86,4 في المائة على مستوى القطاع بنهاية عام 2008، هذا إضافة إلى إسهام البنوك بشكل فعال في توسيع مجالات عمل المرأة في المصارف، حيث تضاعف عدد الإناث العاملات في القطاع المصرفي من 972 امرأة في عام 2000، إلى 3700 امرأة في عام 2008، في حين قد بلغ إجمالي عدد العاملين في المصارف بنهاية العام نفسه (ذكور وإناث) 37,091 موظف وموظفة.

كما تجدر الإشارة إلى أن البنوك السعودية، قد استمرت في تنفيذها لبرامجها الموجهة لخدمة المجتمع في مجالات متعددة من بينها، التعليم، والرعاية الصحية، ورعاية الموهبين، وتطوير قدرات الشباب والشابات الجدد للالتحاق بسوق العمل.

خلاصة القول، أنه وعلى الرغم من التباين، الذي عكسته النتائج المالية للبنوك السعودية خلال الربع الأول من العام الجاري، سواء كان ذلك على مستوى الأرباح الصافية من الأنشطة المصرفية المختلفة، أو على مستوى الدخل من العمولات الخاصة، بما في ذلك النمو في محفظة الإقراض، والأصول، إلا أن القطاع المصرفي في مجمله لا يزال يتمتع بمتانة مالية قوية للغاية، سواء كان ذلك بالنسبة لضخامة رؤوس الأموال والاحتياطيات أو بالنسبة لمتطلبات كفاية رأس المال من قبل لجنة (بازل) الدولية، الأمر الذي مكن البنوك السعودية، رغم تبعات الأزمة المالية العالمية، من الاستمرار في ممارسة أنشطتها المصرفية المختلفة بجدارة واقتدار، بمساندة وإشراف من كثب من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، التي أسهمت بفاعلية في تهيئة المناخ المصرفي المناسب، لعمل البنوك المحلية، من خلال توفير السيولة اللازمة، التي مكنتها من ممارسة أنشطتها المصرفية والائتمانية المختلفة بيسر وسهولة، بالشكل الذي يعود بالنفع وشمولية الفائدة على الاقتصاد الوطني والمواطن السعودي على حد سواء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي