خالد الملحم: عن «السعودية» بوضوح

كشف المهندس خـالد عبد الله الملحم مـدير عـام شركة الخطوط الجوية العربية السعودية «السعودية»، لبرنامج «بوضوح»، الذي بثته القناة السعودية الأولى مساء الثلاثاء 16 آذار (مارس) 2010، النقاب عن بدء تنفيذ خطوات برنامج تخصيص «السعودية»، الذي يستهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المختلفة، التي تقدمها «السعودية» لعملائها، من خلال إعادة هيكلة أعمالها وأنشطتها المختلفة، بإطلاق عدة شركات متخصصة في مجال الخدمات الأرضية، والخدمات الخاصة، والطيران الداخلي، والتدريب، حيث تتمكن هذه الشركات من تقديم خدماتها لـ «السعودية»، وللغير بأسلوب تجاري واستثماري متقن، يتيح لها الموازنة بين تكلفة ونوعية الخدمة المقدمة، والعوائد الاستثمارية المتحققة، بشكل يشابه إلى حد كبير الخطوات، التي تم اتباعها في وقت سابق في خصخصة وحدتي التموين والشحن.
أبان الملحم في اللقاء التلفزيوني المذكور، أن عملية الانتهاء من خصخصة أنشطة «السعودية» المختلفة ستستغرق ما بين 18 و24 شهراً، وبعدها ستتحسن خدمات «السعودية» بشكل ملموس وملحوظ، ولا سيما في ظل تمكن «السعودية» خلال الفترة المقبلة من التغلب على عديد من الصعوبات والمعوقات والمشكلات التشغيلية، التي تواجهها في الوقت الحاضر المرتبطة بتقديم خدمة النقل الجوي لـ 18 مليون مسافر سنوياً الذين من بينهم عشرة ملايين مسافر محلي.
من بين المعوقات التي يتوقع لعملية تخصيص «السعودية»، القضاء عليها بإذن الله تعالى، أو على الأقل التخفيف من حدتها، ارتفاع تكاليف الصيانة بسبب تقادم عمر الطائرات للأسطول الحالي، وارتفاع تكاليف قطع الغيار بمعدل 5 في المائة، عما كانت عليه في السابق، والتضخم في حجم العمالة، بما في ذلك ارتفاع تكلفة شراء الطائرات الجديدة إلى أضعاف مضاعفة عما كانت عليه في الماضي، وتبعاً لذلك فإنه يتوقع حين التغلب على تلك المعوقات وغيرها، أن تتمكن (السعودية)، من تقديم أفضل خدمات نقل جوي متاحة في العالم لعملائها، ولا سيما أن التغلب على تلك المعوقات، سيمكنها من زيادة الطاقة الاستيعابية لطائراتها من الركاب، وتسيير رحلاتها بشكل أفضل من حيث كفاءة التشغيل أو ما يعرف بالـ Operation Efficiency.
الأستاذ عبد الوهاب محمد الفايز رئيس تحرير «الاقتصادية» الضيف الآخر بالبرنامج أثار في مداخلة عددا من التساؤلات المهمة الخاصة والجوهرية المرتبطة بالتحديات، التي يمكن أن تواجهها «السعودية» في توجهها لتنفيذ برنامج التخصيص، التي من بينها على سبيل المثال، ثبات أسعار بيع التذاكر منذ 15 عاما وحتى الآن، والتحسين المطلوب إدخاله على بيئة الخدمات الأرضية المساندة، بما في ذلك التعامل مع مراكز التكلفة.
الملحم في رده على تساؤلات الفايز، لم يقلل من حجم التحديات، التي ستواجه الشركة في تحويلها من قطاع يدار في الوقت الحاضر بفكر حكومي، إلى قطاع سيدار في المستقبل القريب بفكر القطاع الخاص، لافتاً الانتباه إلى أن مراحل التخصيص المختلفة، ستتغلب على عدد كبير من المعوقات التي تواجهها «السعودية» في الوقت الحاضر، التي من بينها وفقما أشار الفايز، مشكلة تحرير الأسعار ونوعية وجودة الخدمات الأرضية المساندة التي تقدم للطائرات وللمسافرين، ولا سيما أن ثبات أسعار بيع التذاكر في الوقت الحاضر، يضعف من قدرة «السعودية»، على استغلال الطاقة الاستيعابية القصوى للطائرات من حيث عدد الركاب، بسبب تدني مستوى أسعار التذاكر التي تتقاضاها «السعودية» بالنسبة للمحطات الداخلية بالذات، كما أن ضعف مستوى الخدمات الأرضية المساندة التي تقدم للطائرات وللركاب على حد سواء، تضاعف من حجم تكاليف التشغيل، وبالتالي تضعف من قدرة «السعودية» على تقديم خدمات نقل جوى محلي منافسة أسوة بشركات الطيران العالمية.
خلاصة القول، إن استكمال برنامج تحويل بقية قطاعات الخطوط الجوية العربية السعودية إلى وحدات تجارية أسوة بوحدتي التموين والشحن، اللتين تم تحويلهما في وقت سابق، سيمكن «السعودية»، من تقديم مستوى خدمات نقل جوي محلي ودولي أفضل بكثير مقارنة بما هي عليه واقع الحال اليوم، خاصة أن «السعودية»، ستتسلم خلال هذا العام 26 طائرة جديدة من طراز إيرباص، ضمن صفقة 70 طائرة جديدة تعاقدت «السعودية» على شرائها قبل عامين، كما أن تزويد «السعودية» ببرنامج الحاسب الآلي سيليكت Desktop Select، سيمكنها من إنجاز أعمالها وخدماتها المختلفة، التي تقدمها للمسافرين على متن طائراتها، بشكل أفضل وأكثر كفاءة من اليوم، وخاصة أن النظام الآلي الجديد، سيخفف من حدة البيروقراطية في تنفيذ الأعمال، وكذلك من الاعتماد المكثف على العمالة البشرية، التي تعاني «السعودية» التضخم في حجمها في الوقت الحاضر.
إن نجاح برنامج تخصيص «السعودية»، يتطلب بكل تأكيد إعادة النظر في تحرير الأسعار والتحسين من مستوى الخدمات الأرضية المساندة في المطارات، التي تقدم للمسافرين وللطائرات على حد سواء، حيث إن عدم الالتفات والتعامل مع هذين العنصرين بالشكل المطلوب، قد يعوق من تحقيق مراحل التخصيص المختلفة لـ «السعودية» للأهداف المرجوة منها، حيث إن تحرير الأسعار سيعمل في مصلحة الجميع، وذلك سيمكن «السعودية» من تعزيز القدرة الاستيعابية للطائرات ببيع أكبر مساحة مقعدية ممكنة، وتحقيق عائد استثماري جيد للمستثمرين والمساهمين، وفي الوقت نفسه، هذا سيمكن المسافرين على «السعودية» من الاختيار بين بدائل متعددة لشراء التذاكر بأسعار أفضل مما هي عليه اليوم.
أتفق مع المهندس خالد الملحم، على أن مشروع خصخصة خدمات الخطوط السعودية مشروع استثماري كبير يحتاج إلى الوقت والجهد، وبالذات بالنسبة لـ «الخطوط السعودية»، التي تعاني في الوقت الحاضر عديدا من المعوقات التشغيلية، ومن هذا المنطلق وفقما أشار عبد الوهاب الفايز في اللقاء التلفزيوني المذكور، لا يتوقع لعملية تخصيص «السعودية»، أن تؤتي أكُلها وأن تحقق الأهداف المرجوة منها في يوم وليلة، حيث إن الأمر يتطلب من الجميع، الصبر وعدم استعجال النتائج، رغم ثقتنا الكبيرة بالمهندس الملحم وبقدراته الإدارية والفنية الفذة في إتمام برنامج التخصيص المذكور على الوجه المطلوب، وخاصة أن الجميع لديه سابق خبرة بالنجاح الكبير الذي حققه عندما كان يقود برنامج التخصيص في شركة الاتصالات السعودية، حينما كان يشغل وقتها منصب الرئيس التنفيذي، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي