الحوار مع الغرب.. هل نخاطب أنفسنا؟!
أحسنت السعودية وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين في انتهاج مبدأ الحوار محلياً وخارجياً وجعله طريقاً ومنهجاً لدراسة سلوكيات المجتمع وتقريب وجهات النظر بين طوائفه المختلفة واهتماماته وتعدد أنماطه الاجتماعية والعادات واختلاف القدرات الشخصية بين شخص وآخر, وانطلق الحوار الوطني ليكون حزام الأمان الذي نحاول أن يتعود المجتمع عليه ليكون قرير العين، ثم امتدت أفكار الحوار إلى الخارج وأصبحنا نطلب قنوات للحوار مع الآخرين مع الإقرار بالاختلاف بيننا وبينهم لإقامة جسور التفاهم والتواصل مع الحضارات والثقافات الأخرى ـ فعقد مؤتمر بإشراف الأمم المتحدة خاطبهم خادم الحرمين الشريفين، وتبع ذلك وسبقه الكثير من الندوات التي عقدت في الشرق والغرب، وقد اشتد في هذا العصر اختلاف الرأي وتزايدت فيه الاتهامات للإسلام والمسلمين, وتزيد نسبة هذه التهم عندما تحدث أحداث فردية مثل حادث الضابط نضال حسين في قاعدة فورت هود, ومع أن هذه تصرفات فردية يحدث مثلها كثير في القواعد العسكرية الأمريكية داخل أمريكا وخارجها إلا أن انتماء الضابط للإسلام جعله موضع تهمة من انتمائه لإحدى المنظمات الإرهابية المناوئة للغرب مثل ''القاعدة'' أو غيرها, وذلك إيحاء إلى رسم صورة نمطية سلبية عن الإسلام والمسلمين، وأصبح اللون والانتماء هو ما تطرحه وسائل الإعلام الغربية، فإن كان المنفذ شرق أوسطي أو أسمر أو غير ذلك من الألوان البشرية غير الشقراء قيل إنه عدو الحضارة للغرب وللإنسانية, ونسي هؤلاء أننا نتعرض باستمرار لمثل هذه الجرائم داخل دولنا الإسلامية وإننا مثلهم في التألم والحسرة لوضع مثل هذه الاعتداءات ـ ولكنني أعود إلى هذه المؤتمرات والحوارات وكأنها أصبحت حواراً دون هدف محدد بل أصبحت هذه الندوات والمحاضرات والمؤتمرات مع النفس وليس إلى نظرائنا في الغرب، وكأننا في واد وهم في آخر ونشعر بالفشل الذريع في سقوطنا في إمكانية إرسال هذه الرسائل إليهم في حين ينجح أعداؤنا من الصهاينة في إخضاع العقل الغربي لتأثير كبير يستوعب جميع الرسائل والمسائل التي تريد الصهيونية أن تصبها في عقله ويستوعبها بسرعة دون النظر إلى محتوى هذه الرسائل, بل إن العقل الغربي يستوعبها سريعاً ويبتلع الطعم. إن الأيمان بالاختلاف وقبول ذلك في الأنماط المجتمعية والدينية واحترام العقل والعقيدة الصحيحة وترسيخ القيم والأخلاق التي تنص عليها الأديان السماوية. إن الإسلام يعترف بالآخر ويقر بالاختلاف وينتهج أسلوب الحوار والمشاورة في الحوادث والأحداث وتنصحنا الأديان جميعاً بالسلوك السوي والإيمان القوي والاعتداد بالنفس والدين والإيمان بأننا لسنا وحدنا على هذا الكوكب وأن معنا آخرين وأن من حقهم علينا وحقنا معرفة نقاط الاختلاف والالتقاء ومحاولة ردم الهوة بيننا وبين من يختلفون معنا وتقريب وجهات النظر والإقرار بأن المصالح متشابكة, وأن العالم أصبح قرية صغيرة يعرف قاصيها ودانيها ما يحدث في الطرف الآخر، وعلينا بدلاً من أن نتحاور مع النفس أن نوسع أبواب الحوار مع الآخر, وأن نحصر أسباب الاختلاف والفرقة وسوء الفهم في محاور عديدة، ومن ثم البدء في نقاش هذه النقاط واحدة واحدة ومعرفة تفاصيل وجهات النظر الأخرى واحترامها ومحاولة تصحيحها وإن كانت لا تتوافق مع الرسالة التي نطمع في الوصول إليها، وأن هذا الكوكب يتسع للجميع وأننا ملتزمون بالعيش والتعايش، فهم في حاجة إلى مواردنا الطبيعية ونحن في حاجة إلى علمهم وتقنياتهم وتقدمهم العلمي والطبي, وأن نعرف عن قرب عقلية المتلقي وسلوكه وخلفيته وأخلاقياته ومبادئه وكيف نصل إلى قلبه وعقله. إننا جميعاً بشر أسوياء نطمع في سلامة مجتمعنا وتقدمه والحفاظ على المكتسبات الحضارية الهادفة مثل الطب والمواصلات والعلوم وتبادل المعلومات ـ والله الهادي إلى سواء السبيل .