صدمة التنمية .. الأرض!

لم نكن نتوقع أن يداهمنا اليوم الذي تدخل فيه التنمية المستدامة في المملكة في أزمة (الأرض).
مئات المشاريع الحيوية لحياتنا واستقرارنا، في الصحة والتعليم والإسكان والنقل والصناعة وغيرها معطلة، والمفارقة أن هذا الوضع في بلادنا التي لا تعاني شحا في الأراضي، أين ذهبت الأرض؟
في هذه المرحلة ومع توافر الموارد المالية وتوافر الإرادة السياسية لإنفاقها في كل ما ينفع الناس، نحن إزاء فرصة تاريخية للتوسع في مشاريع البنية الأساسية، ولكن، مع الأسف، أننا الآن مع تأزم وضع الأرض يبدو أننا دخلنا في نفق.. والحلول المطروحة قد لا تفيد في الخروج من هذا المأزق.
الحل الذي سيحدث انفراجا ويعيد الأرض للتنمية لن يتحقق إلا عبر صدمة للوضع الراهن، أي عبر إدخال آلية جديدة للرسوم أو الضرائب على (الأراضي البيضاء)، أي رسوم إضافية على الزكاة الشرعية، فالزكاة حق شرعي، والضرائب حق للتنمية وللاستقرار وللمصلحة العامة.
الآن الدولة لا تستطيع استعادة الأراضي من الناس، ولكن لها الحق النظامي والأخلاقي في أن تفرض ما تراه ضروريا للمصلحة العامة، وهذا الاتجاه (أي الضرائب) تعمل به جميع الدول، فالأرض أصول تستثمرها المدن لبناء المشاريع الأساسية، ولا تستخدم في المضاربات التجارية، وهذه الآلية تحقق الكثير من المنافع للناس وللدولة.
أولا، تبعد الأرض حتى لا تكون أداة مضاربة وتجميع للثروة بشكل يجعل الأموال (دُولة) بين التجار، وتحول الأرض إلى وعاء ادخاري جامد يعطل الاستثمارات. وتجميد الأراضي حتى ترتفع أسعارها يحولها إلى عائق كبير أمام تسريع الدورة الاقتصادية وهذا ما نشهده الآن، فقد عطلت الاستثمارات المجمدة في الأراضي المشاريع الحيوية للقطاعين العام والخاص.
الأمر المهم الذي قد لا نختلف عليه هو أن تجارة الأراضي ربما يكون من مصلحتها أن تفرض الدولة الرسوم أو الضرائب لأن هذا سوف يسرع تداول الأرض، والمبالغ التي تجمعها الدولة سوف تعيدها عبر شراء الأراضي المخصصة للمرافق في المخططات المعتمدة، وتسريع العملية في مصلحة تجارة الأراضي وفي مصلحة التنمية.. وإذا كان هناك من قد لا يعجبه هذا التوجه فنقول إن الظلم في الضرائب عدل في الرعية على السوية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي