الإنترنت .. أساليب الاحتيال واختراق الخصوصية

لقد ازداد اعتماد الناس على الإنترنت في الثلاث سنوات الأخيرة بشكل كبير حتى أصبحت جزءا من أعمالهم اليومية – الروتينية – للتواصل الرسمي وغير الرسمي عبر البريد وبرامج المحادثة الصوتية، ولإجراء مختلف العمليات البنكية من تحويل وتسديد للفواتير وشراء وبيع للأسهم، ولإنهاء كثير من الأعمال الحكومية الرسمية وغيرها من الأعمال الأخرى التي باتت لا تخفى على أحد، والمستقبل يحمل في جعبته الكثير من الابتكارات والمزيد من الاعتمادية، لقد أصبحت كثير من بيوتنا تغص بأجهزة الكمبيوتر المحمول حتى يكاد يمتلك كل فرد من أفراد الأسرة حتى الأطفال كمبيوتره المحمول إضافة للهاتف الجوال المتطور الذي يوفر معظم خدمات الإنترنت، لقد اخترقت هذه التقنية كل حواجز الزمان والمكان لتجعل العالم بكل ما تعنيه الكلمة كالغابة الصغيرة التي تمتلئ بكل أنواع الثمار والزهور والكائنات الرائعة، إضافة إلى أنواع الأشواك والكائنات الشرسة والمخاطر المترقبة، وهذا يستدعي من الدولة وكل العقلاء نشر الوعي واتخاذ كل التدابير وتثقيف الناس بطرق الاستفادة المثلى من هذه التقنية الرائعة وطرق الحماية الذاتية من مخاطرها الكبيرة على كل النطاقات الاجتماعية والأخلاقية والعلمية وفي مجال الأموال وإدارة الأعمال العامة والخاصة. كثيراً ما أواجه الأسئلة من بعض الأصدقاء حول هذا الموضوع، ومن تلك الأسئلة: مع استخدامي لبرامج مكافحة الفيروسات «Antivirus» هل الإنترنت آمنة بما يكفي للدخول على حساباتي البنكية أو استخدام بطاقاتي البنكية للشراء عبر الإنترنت؟ هل يمكن أن يسرق أحد كلمة السر لبريدي الإلكتروني دون أن أشعر؟ هل من السهولة أن يدخل «الهكرز» على جهازي ويطّلعوا على ملفاتي وكل ما أقوم به من أنشطة عليه؟ هل يمكن أن يراقبوني عبر كاميرتي وجهاز «المايكرفون» المدمجين في جهازي؟ هل يمكن أن يقع أبنائي ضحية احتيال عبر الإنترنت؟ والحقيقة أن ذلك ممكن ويسير، بل يزداد الأمر خطورة مع أساليب النصب والاحتيال غير التقنية التي يقع ضحيتها آلاف الأشخاص حول العالم كما تثبت الدراسات والتي تهدف إلى سرقة الأموال وترويج المخدرات واستدراج الأطفال والشباب لجرائم الاغتصاب والشذوذ الجنسي، والسؤال الأهم بعد معرفة هذه الحقائق: كيف يمكن أن نجعل الإنترنت أكثر أماناً لأبنائنا ولأعمالنا؟
الحقيقة المُرة هي أنه يستحيل أن نتلافى مخاطر الإنترنت علينا وعلى ذوينا بشكل كامل 100 في المائة كما تُثبت ذلك الدراسات العلمية ولكن يمكننا تخفيفها إلى الحد الأدنى عبر الإدارة الواعية لتلك المخاطر وتخفيف آثارها «Internet Threats and Risk Mitigation»، ويبدأ ذلك من خلال نشر الوعي بطبيعة تلك المخاطر وأساليب الاحتيال واختراق الخصوصية والتقنيات المستخدمة في ذلك، ثم توضيح كيف يمكن للمستخدم العادي بشكل بسيط ومُيسر أن يحمي نفسه وذويه منها، وهذا ما سيتم تسليط الضوء عليه بصورة عامة عبر هذا المقال وسلسلة من المقالات القادمة في هذه الصحيفة الغراء إن شاء الله، ويمكن تقسيم الموضوع إلى أربعة مقالات حسب الأسئلة التالية:
1- إلى أي مدى هذا الموضوع خطير في العالم بشكل عام وفي بلادنا بشكل خاص؟
2- ما أكثر أساليب الاحتيال عبر الإنترنت انتشاراً؟ وأكثرها خطورة؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟
3- ما الأساليب والتقنيات الشائعة لاختراق الخصوصية وكيف يمكن الحماية منها؟
4- إلى أي مدى يمكن أن تتطور التقنيات الحديثة لتحد أو تهدد الخصوصية الشخصية؟
وهنا في بقية المقال يمكن أن نكتفي بالإجابة عن السؤال الأول، فكثير من الإحصائيات والدراسات حول العالم توضح خطورة وتأثيرات الاحتيال واختراق الخصوصية عبر الإنترنت، فقد صرح «Mike Cherry» أحد كبار المسئولين في اتحاد الأعمال البريطانية الصغيرة «the Federation of Small Business - FSB» أن نسبة الاحتيال والجرائم الإلكترونية الذي يستهدف قطاع الأعمال الصغيرة يزداد بشكل جدي في المملكة المتحدة والذي يكلف تلك القطاعات نحو 800 مليون جنية استرليني كخسائر سنوية بحسب الدراسة التي أعدت بواسطة «FSB»، التي أشارت إليها مجلة «Newbusiness» الإلكترونية البريطانية في 18 شباط (فبراير) 2009. من جهة أخرى يوضح تقرير للمركز الأمريكي لتلقي الشكاوى لجرائم الإنترنت Internet Crime Complaint Center (IC3) لعام 2008 أن الشكاوى المقدمة عن طريق المركز بلغت 275.284 بزيادة 33.1 في المائة مقارنة بعام 2007 حيث بلغت الشكاوى 206.884 شكوى وذلك عن طريق المركز فقط على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد بلغت الخسائر نتيجة الشكاوى من الاحتيال وجرائم الإنترنت لعام 2008 مبلغ 264.59 مليون دولار أمريكي. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة 25.5 في المائة من الشكاوى هي من جرائم الاحتيال عبر حراجات الإنترنت، بينما تشكل جرائم بطاقات الائتمان 9 في المائة من الشكاوى، و2.8 في المائة منها بسبب رسائل الاحتيال النيجيرية عبر البريد الإلكتروني، ويبلغ متوسط خسائر الاحتيال عبر الإنترنت للفرد في هذا التقرير بين ألف وخمسة آلاف دولار لـ 85 في المائة من المشتكين بينما الــ 15 في المائة الباقين تتجاوز خسائرهم خمسة آلاف دولار أمريكي.
ختاماً، إن أضرار ومخاطر الاحتيال واختراق الخصوصية وجرائم الإنترنت بشكل عام لا تختلف من بلد إلى بلد إلا من حيث وعي المجتمع بها وبطرق الوقاية منها، وهنا مربط الفرس ومكمن الخطورة حيث تشير كل الاحصائيات إلى أن أعداد مستخدمي الإنترنت في السعودية تتسارع معلنة اقتراب ردم الفجوة الرقمية في بلادنا من حيث الاستخدام إلا أن نسبة الجهل بأساسيات الاستخدام الآمن والوقاية من الاحتيال تزداد حيث كان الاستخدام سابقاً يقتصر على المثقفين والمهتمين بالمعلوماتية، فبحسب مقارنة بين الدول من حيث عدد مستخدمي الإنترنت منشورة في وكيبيدا ازداد عدد مستخدمي الإنترنت في السعودية إلى 17.8 مليون مستخدم في عام 2009 وهو ما يعادل نسبة 72.7 في المائة من عدد السكان وهي بذلك تتقدم على كل من كندا والمملكة المتحدة، أما حسب الإحصائية الرسمية المنشورة في موقع إنترنت السعودية التابع لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الذي اكتفى بإحصائية عام 2004 وما قبله فقد بلغ العدد 4.8 مليون مستخدم!!، وفي المقال المقبل إن شاء الله سوف أخوض في مزيد من الإحصائيات والدراسات وأتطرق إلى أشهر أساليب الاحتيال عبر الإنترنت وطرق الوقاية منها.
،، ودمتم بخير وسعادة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي