الضمان والأسئلة المتناثرة
تخيلوا لو أن وزارة الصحة أو أحد أركانها خرجت علينا شهريا ببيان وتصريح تعلن وتبشر بصرف رواتب العاملين فيها، ومثلها فعلت وزارة التربية، واقتفت أثرهما وزارة الزراعة أو الخدمة المدنية، طبعا سنقول إن الجماعة «طبوا الفيضة»، والمقصود أفترض أنه مفهوم، مع التأكيد أن لا علاقة للفيضة المذكورة في هذه السطور بالفياض البرية التي تدمر بمخلفات نفايات المتنزهين وتفحيط مراهقيهم بعد كل طشة مطر.
على كل حال، الافتراضات التي سقناها هنا لا يمكن أن تكون حقيقة لعدة أسباب لعل من أهمها أن صرف الرواتب إجراء شهري معتاد وأمر طبيعي جدا، بل غير الطبيعي أن تتأخر الرواتب أو تتعطل لو عدة ساعات. بل إن الغريب فعلا هو الإعلانات المتكررة من وزارة الشؤون الاجتماعية التي تخص صرف مساعدات الضمان الاجتماعي شهريا والتي كان آخرها الخبر الذي نشر أمس الأول في أغلب الصحف المحلية.
شخصيا أفسر الأمر على افتراضين مع إحسان الظن بالجميع: أولا إما أن الوزارة ترى في ذلك منة وهذا افتراض بعيد ولا يمكن أن نتخيل من يفكر هذا التفكير، أو أن الوزارة لديها مشكلة مع جهة أخرى وتحاول الإثبات للمشمولين بالمساعدات وأنها هي التي تصرف لهم شهريا وليس أي أحد آخر.
أمر آخر جدير بالتأمل، ففي كل بيان شهري تعلن الوزارة ضم أعداد كبيرة من «المتعففين»، والتي كان آخرها ضم 13 ألف حالة .. هذا يثير لدي أسئلة كثيرة أيضا .. أولا: هل هذه الطريقة المثلى في التعامل مع المستحق المتعفف بالإعلان على رؤوس الأشهاد ضمه بهذا الشكل المحزن؟ ثم هل فرق الوزارة هي من اكتشفت حالة هؤلاء المتعففين أم هم من بحث عن مكاتب الضمان الاجتماعي في المناطق. برأيي أن الإجابة عن هذا السؤال مهمة ومحورية لأنني أقرأ داخل سطوره أموراً أخرى.
والأمر الآخر: ماذا يعني شمول هذا الرقم الكبير.. هل الفقر في بلادنا في ازدياد؟.. إن كان كذلك فماذا يفعل الصندوق الخيري الذي هو تحت إشراف الوزير وأين برامجه؟ هذا ما نريد أن تعلنه الوزارة باستمرار وتكشفه بشفافية، وليس إعلان المبالغ الشهرية بهذا الشكل الغريب الذي أصبح محل استهجان كثير من المستفيدين.