التعليم العالي .. (أزمة النجاح)!
تمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لمدة خمس سنوات أخرى، وكذلك توقع عودة الآلاف من الخريجين هذا العام، إضافة إلى من يتخرج في جامعاتنا، كل هذا العدد يتطلب منا أن نطرح هذا السؤال: ما التصور الوطني الذي لدينا لاستيعاب الأعداد الكبيرة التي سوف تتخرج من مؤسسات التعليم العالي سواء في الداخل أو الخارج؟
نحن توسعنا بقوة في التعليم العالي ونخشى أن يقودنا هذا النجاح إلى أزمة وطنية عندما لا نكون مستعدين لاستيعاب الخريجين وتحويلهم إلى قوى وطنية عاملة تعود علينا بالعائد الاستثماري الذي نتوقعه.
الذي نخافه هو أن تتكرر لدينا تجارب دول سابقة، حيث تخرج آلاف الطلاب وعندما لم يجدوا عملا في دولهم، (هاجروا) إلى الخارج، فالمتعلم المؤهل لا يستطيع أن يبقى دون عمل، وربما يتكرر معنا هذا الوضع خصوصا مع الخريجين الذين تم تأهيلهم في جامعات عالمية مرموقة، فهؤلاء تم إعدادهم حسب المواصفات الدولية المطلوبة في الموارد البشرية، لذا قد لا يجدون صعوبة في تأمين فرص عمل لهم في الخارج.
نتوقع أن نكون إزاء مشكلة حقيقية لأننا نعرف أن اقتصادنا الوطني ليس لديه القدرة على توليد الوظائف، فالقطاع العام متشبع جدا في أغلبه، والقطاع الخاص الفرص التي يولدها أقل من طموحاتنا، وأهم قطاع في اقتصادنا وهو قطاع تجارة التجزئة، مع الأسف الشديد وجود السعوديين فيه لا يتجاوز (5 في المائة) من القوى العاملة وجزء منهم يمثلون الملاك، وبعثرة هذا القطاع تفوت علينا فرصة وطنية كبيرة للوظائف ولتوليد الثروة عبر بناء جيل من التجار.
السعودي لن يستطيع العمل، أو حتى التجارة لوجود بيئة تنافسية عالية تصعِّب أن يجد طريقه كموظف أو كتاجر صغير.
فسياسات السعودة فشلت ولم تؤت ثمارها، وفتح المنشآت الصغيرة والمتوسطة للسعوديين هي الأخرى تفشل ولن تتجاوز التحديات الكبيرة التي تواجهها، وهكذا سيظل السعودي تواجهه تحديات عديدة كبيرة في بلده لكي يعمل أو لكي يكون تاجرا صغيرا في بقالة أو ورشة، لذا من حقنا أن نطرح هذا السؤال للحوار الوطني: هل سنشهد هجرة للقوى الوطنية التي علّمناها وخسرنا عليها في الداخل أو الخارج.. وهل هذه هي ضريبة النجاح التي يجب أن ندفعها؟