هذا العامُ يا ترى.. لمَن؟
.. هذه المرّة الشبابُ في العالم. كل العالم!
لا أعرف إن كان شبابُنا، أو الدوائر المعنية بالشباب تعرف أن هذا العامَ قد خُصِّص عالميا للشباب. نعم عام 2010 هو عامُ الشباب. وحضرتُ مناسباتٍ، أو دعيت لها بهذه المناسبة في الخليج والخارج.. ولا دعوة هنا ولا ذكر... إلا إن كان فيما لم يقع في علمي.
على أي حال، في سعيٍ لتوظيف وتنمية استغلال طاقة الشبيبة في العالم، وخيالـهم، ومبادراتهم، وليتخطى الشبابُ حاملين معهم هذا الكوكب بمصيره عبر التحديات الكبرى، والتهديدات التي تعترض مسيراً مريحاً للمستقبل.. أعلنت الأممُ المتحدة أن هذا العام سيكون عام الشباب. وإنّي لأميل لكونه واحداً من أهمّ إعلاناتِ هذه المنظمةِ الكونية.
هذا الإعلانُ الأممي يأمل أن يطور ويفعل المساهمة الكاملة للشباب في كل مناحي المجتمعات بلا حدود، ولا مواربة، حتى في الأمن والسياسة والقرار السيادي. وستعمل إذن الأمم المتحدة كما فهمتُ من مقابلات ومراسلات عدة أجريتها في هذا البرنامج، أن تعكف هي ضمن مؤسساتها المختلفة وأذرعتها العالمية والقارية والإقليمية على التواصل والمشاركة مع المنظمات والهيئات المجتمعية والاجتماعية والشبابية في تقييم العمليات الموجودة على الأرض، وتلك التي في طور الحضانة والتخطيط، وتلك التي تكون خاماتٍ في العقول، وما يمكن أن تعمله الأمم المتحدة في سبيل إنماءٍ مباشر، وطويل الأجل مع المنظماتِ الحالية للمجتمع في الاقتصاد والمعاش والصحة والتعليم والوعي بالحقوق، ودورُ الفردِ في إنماء نفسه ومكانه المحيط، ومساعدته على ذلك.. وستتعدى ذلك بقوةٍ إلى التنمية المستدامة، وحماية البيئة، وتهيئة الأبنية التحتية للابتكارات والاختراعات والبرامج العلمية.. والأممُ المتحدة قبل كل ذلك طلبت من جميع أعضائها الاعتراف بالمناسبة، واستغلال العام لاهتمامٍ مكثف ونوعي في إحداث نقلةٍ ذات ثقلٍ نوعي حتى يكون دافعاً لمجمل الحركة الشبابيةِ في القادم من الأعوام.
وستُعقـَد عبر هذا العام ندواتٌ ومؤتمراتٌ ومناشط ومناسبات، منها مؤتمرُ الشباب الخامس في إسطنبول، واسمه بالإنجليزية The Fifth World Congress، وآخر في مدينة مكسيكو في المكسيك، هذان المؤتمران بالذات أشجع مَن يستطيع من الشباب، أو الهيئات الشبابية لانتداب مَن يحضر فعالياتهما، أو حتى يشارك في جلساتهما وورش عملهما، ليتم الانفتاح على الشبيبة العالمية، وعلى البرامج المخصصة من خبراءِ الأمم المتحدة، ولأن الموضوعَ مخصص في المؤتمرَيْن عن إعطاء الدور الرئيس للشباب في مجالات التنمية المستدامة، التي ستكوّنُ نسيجَ شبكة إنقاذ الأرض لو تمّ لها النجاح.
مع ثيمة: «حوارٌ وتفاهم متبادل»، فإن برنامج الأمم المتحدة لهذا العام ستوجه فيه الأنشطة ضمن الحوض النهري للنشاط العريض لتشجيع الحوار والتفاهم عبر الأجيال، الكبار والصغار، وهو من أهم الحوارات المقطوعة، أو تلك التي لم نعتن بها نحن كما يجب. صرفنا التوجه من بدء حوارنا الوطني إلى مواضيع أزعم أنها إمّا عمّقت الصدوعَ، وإما أنها كشفت صدوعاً جديدة، لأنه صار حلبة لمتولعي النقاش من أدمغةٍ تحب المواجهة النظرية والشفاهة الخطابية النارية، بعيدا عن الواقعية العملية التي هي المصعد الوحيد برأيي الذي سيرفعنا عن مستنقعات الوحول التي غطسنا فيها طويلا، ثم لما جاء الحوارُ تراشقنا بوحلها.. الحوارُ الحقيقي والفعّال والبعيد عن كل التشققات النظرية، والأجندة الخطابية، وإبراز الخصومات التي لم نكن نحتاج إليها في الأصل بلـْه النقاش عنها، هو الحوارُ الذي كان يجب أن يكون بين الأجيال، بين الكبار والصغار.. هذا ما فقدناه، فدفعنا ثمناً لم نكن نعرف أننا ندفعه، لأننا لم نجرب البضاعة في الأصل.
إن أفضلَ حواراتٍ هي الحوارات التي تكون في تتابع السباق، فالمسألة ليست تسليم العصا لمن سيأتي من بعد، ولكن الكيفية الأفضل، والآلية الأسرع، والطريقة الأجدى في تسليمها.. نحن نشعر بما كنا نملكه ثم خسرناه، ولا نشعر بما كان مقدَّرَا أن نكسب منه لو ملكناه.. وهنا يتباينُ رقي الأمم.
إن فاتت فرصُ الماضي، فلا تفوت فرص الحاضر لبوابات المستقبل، نتمنى أن يكرس مركزُ الحوار الوطني هذه السنة، بما أنها سنة الشباب، حواراتِ هذا العام، على الأقل، لشعارٍ رئيس يكون عنوانه: «حوارٌ عبر الأجيال».
ونتمنى على باقي الأمّة أن تستعد!