ديوان المراقبة العامة: مركزه القانوني واختصاصاته (2)

أوضحنا في المقال السابق المركز القانوني لديوان المراقبة العامة واختصاصاته، ونوضح في هذا المقال الجهات التي تخضع لرقابة الديوان وكيفية مباشرة الديوان لاختصاصاته المنصوص عليها في نظامه.
لقد حددت المادة (9) الجهات التي تخضع لرقابة الديوان، حيث جاء نصها كما يلي:
(تخضع لرقابة الديوان وفقاً لأحكام هذا النظام:
1- جميع الوزارات والإدارات الحكومية وفروعها.
2- البلديات وإدارات العيون ومصالح المياه.
3- المؤسسات العامة والإدارات الأخرى ذات الميزانيات المستقلة التي تخرج لها الحكومة جزءاً من مال الدولة إما بطريق الإعانة أو لغرض الاستثمار.
4- كل مؤسسة خاصة أو شركة تسهم الدولة في رأس مالها أو تضمن لها حداً أدنى من الأرباح على أن تتم الرقابة عليها وفق تنظيم خاص يعده الديوان ويصدر به قرار من مجلس الوزراء يحدد فيه مدى هذه الرقابة بحيث تتناسب مع طبيعة عملها ومدى علاقتها المالية بالديوان وبحيث لا يعرقل نشاطها.
5- كل هيئة يكلف الديوان بمراقبة حساباتها بأمر من رئيس مجلس الوزراء أو بقرار من مجلس الوزراء).
وأوجبت المادة (23) أن (ترسل إلى الديوان نسخة أصلية من عقود التوريدات والتعهدات والأعمال والخدمات، وعلى وجه العموم كل عقد أو اتفاق تبرمه إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات (1 و2 و3) من المادة التاسعة يكون من شأنه ترتيب حقوق أو التزامات مالية للدولة أو عليها تزيد قيمتها عن (50.000) خمسين ألف ريال سعودي فور إبرامها ويجب أن تكون تلك النسخة مصحوبة بكافة ما يتعلق بالعقد من وثائق ومستندات وبيانات).
وحددت المواد من 10 إلى 14 من النظام المذكور كيفية مباشرة الديوان اختصاصاته فنصت المادة (10) على أن (على جميع الجهات الخاضعة لرقابة الديوان تقديم كافة البيانات الحسابية وغيرها والمستندات والوثائق التي تمكن الديوان من مباشرة اختصاصاته وفقاً لهذا النظام، وكذلك تقديم كافة التسهيلات اللازمة لمندوبيه ومفتشيه وفقاً للوائح التنفيذية التي تصدر بهذا الصدد).
وقررت المادة (11) أن (يبلغ الديوان ملاحظاته إلى الجهة المختصة ويطلب إليها اتخاذ الإجراءات اللازمة، وعلى الجهة أن تخبر الديوان بما اتخذته في خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ إبلاغها).
وأوجبت المادة (12) أن (تفترض مسؤولية مدير الشؤون المالية الشخصية أو من يقوم مقامه في الأحوال التالية ما لم يثبت أن شخصاً آخر بعينه هو المسؤول.
1- أية مخالفة لأحكام المادة الحادية عشرة.
2- تأخر إرسال البيانات المطلوبة والتقارير الدورية إلى الديوان عن مواعيدها المحددة.
ثم عالجت المادة (13) من النظام المذكور كيفية تسوية خلافات الديوان مع الجهات التي تخضع لرقابته، فنصت على أنه (إذا وقع خلاف بين الجهة المختصة وبين الديوان ولم تقتنع الجهة بوجهة نظر الديوان الأخيرة وجب عليه عندئذ عرض الأمر في الحال على رئيس مجلس الوزراء للفصل فيه).
وأوجبت المادة (14) أن (يلتزم الديوان باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة التامة على أسرار الجهات التي يقوم بمراقبتها).
ولم يحدد نظام ديوان المراقبة العامة المخالفات المالية بتعريف جامع مانع لصعوبة ذلك، ولهذا فقد اكتفى بتعداد الأفعال والتصرفات التي تعتبر من قبيل المخالفات المالية، حيث نصت المادة (15) على ما يلي:
(تعتبر من المخالفات المالية ما يلي:
1- مخالفة أي حكم من أحكام هذا النظام أو اللوائح التنفيذية التي تصدر تنفيذاً لأحكامه.
2- مخالفة أي حكم من أحكام أنظمة الدولة ولوائحها المتعلقة بالمحافظة على أموالها المنقولة والثابتة وتنظيم شؤونها المالية كأحكام الميزانية والأنظمة المالية والحسابية ولوائح المستودعات.
3- كل إهمال أو تقصير يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو تعريض مصلحة من مصالح المالية للخطر أو يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك).
وخولت المادة (16) من النظام المذكور ديوان المراقبة العامة اختصاصاً مهماً في شأن المخالفات المالية، حيث نصت على أنه (في حالة اكتشاف مخالفة، فللديوان، أن يطلب تبعاً لأهمية المخالفة من الجهة التابع لها الموظف إجراء التحقيق اللازم ومعاقبته إدارياً، أو أن يقوم الديوان بتحريك الدعوى العامة ضد الموظف المسؤول أمام الجهة المختصة نظاماً بإجراءات التأديب).
وقررت المادة (17) أن (على كل جهة من الجهات المنصوص عليها في الفقرات (1 و2 و3) من المادة التاسعة إحاطة الديوان فور اكتشافها لأية مخالفة مالية أو وقوع حادث من شأنه أن تترتب عليه خسارة مالية للدولة، وذلك دون إخلال بما يجب أن تتخذه تلك الجهة من إجراءات).
وحددت المادتان (18) و(19) كيفية التجاوز عن المخالفات، فقررت المادة (18) أنه (لا يجوز التجاوز عن أية مخالفات مالية إلا بقرار من مجلس الوزراء بعد أخذ رأي ديوان المراقبة العامة في ذلك).
ثم قررت المادة (19) أنه (استثناء من أحكام المادة السابقة لرئيس الديوان سلطة التجاوز عن المخالفات المالية البسيطة التي لا تلحق بالخزينة العامة ضرراً ولا تتجاوز قيمتها 500 ريال، وذلك متى قام الموظف المسؤول بإعادة المبلغ إلى الخزينة ووجدت مبررات للتجاوز يقتنع بها رئيس الديوان).
وتحفيزاً لموظفي ديوان المراقبة العامة على أداء واجباتهم في همة ونشاط وعلى نحو يحفظ المصالح المالية للدولة، فقد أجازت المادة (26) من النظام لرئيس الديوان بناء على اقتراح منه وموافقة رئيس مجلس الوزراء، صرف مكافأة تشجيعية لموظفي الديوان الذين يؤدي اجتهادهم إلى توفير مبالغ ضخمة للخزينة العامة، أو إنقاذ كمية كبيرة من أموال الدولة من خطر محقق، وتصرف تلك المكافأة من الاعتماد الذي يخصص في ميزانية الديوان لهذا الغرض، على ألا يتجاوز ما يصرف للموظف رواتب ثلاثة أشهر في السنة.
أوجبت المادة (20) من النظام على رئيس الديوان أن يرفع تقريرا سنويا عن كل سنة مالية في فترة لا تتجاوز بأية حال من الأحوال اليوم الأخير من الشهر التاسع للسنة المالية التالية، فإذا صادف ذلك اليوم يوم عطلة رسمية وجب تقديم التقرير في اليوم الذي يليه، على أن يشتمل التقرير على ما يلي:
1- تقييم للإدارة المالية للدولة بصفة عامة خلال تلك السنة.
2- تقييم للإدارة المالية لكل جهة من الجهات الخاضعة لرقابة الديوان خلال تلك السنة.
3- بيان عن الحساب الختامي لتلك السنة، فإذا لم يتم تقديم الحساب الختامي من وزارة المالية قبل حلول موعد التقرير السنوي بوقت كاف، وجب أن يشتمل التقرير على بيان بالأسباب التي حالت دون تقديم الحساب الختامي ورأي الديوان في ذلك ولا سيما بالنسبة للخطوات التي يرى الديوان اتباعها لإزالة تلك الأسباب.
4- بيان موجز عن أعمال الديوان خلال تلك السنة.

وقررت المادة (21) أن يرفع التقرير المشار إليه إلى الملك، على أن ترسل صورة منه إلى مجلس الوزراء وأخرى إلى وزارة المالية. وأجازت المادة (22) لرئيس الديوان أن يرفع تقارير أخرى خلال السنة سواء أكانت تقارير عامة أم خاصة بموضوع معين أو قضية معينة.
وكشف التقرير السنوي الـ 49 الذي رفعه رئيس الديوان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عن العام المالي 1428/1429هـ عن عدد من المآخذ والملاحظات أهمها:
1- صرف عدد من الجهات الحكومية مبالغ دون وجه حق أو الالتزام بها دون سند نظامي.
2- تأخر تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية وتعثر بعضها وتدني جودة التنفيذ، وذلك نتيجة لضعف المتابعة الجادة والتراخي في تطبيق أحكام عقود تلك المشاريع.
3- ضعف الرقابة الداخلية الوقائية في كثير من الأجهزة الحكومية التنفيذية.
4- ضعف تحصيل بعض إيرادات الخزينة العامة وتوريدها في مواعيدها المقررة لذلك.
5- عدم تقيد عدد من الأجهزة الحكومية بالأنظمة المالية وتعليمات تنفيذ الميزانية العامة.
6- ضعف أداء بعض الشركات التي تسهم فيها الدولة واستمرار تكبدها خسائر كبيرة.
7- ضعف تعاون عدد من الجهات مع الديوان وعدم تجاوبها في معالجة المخالفات والتجاوزات المتكررة وفق الأنظمة المرعية.
وإزاء ما تقدم فإن الديوان مطالب بأن يمارس صلاحياته النظامية في متابعة الجهات الحكومية من أجل تصحيح الأخطاء ومعالجة التجاوزات الوارد ذكرها في التقرير السنوي، ولعل من أهم هذه الصلاحيات تحريك الدعوى العامة ضد الموظف المسؤول أمام ديوان المظالم إذا تقاعست الجهة التابع لها هذا الموظف عن اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في هذا الشأن.
أما وقد أظهرنا الملامح القانونية لمركز ديوان المراقبة العامة واختصاصاته، فإنه يثور هنا التساؤل: إذا كان الديوان هو الجهة المنوط بها مهمة مراقبة الجهات الحكومية فمن يراقب الديوان؟ بعبارة أخرى هل نفقات الديوان تخضع للرقابة المالية من قبله؟
لم أجد الإجابة عن هذا التساؤل في أحكام نظام الديوان، ولست أدري إن كان يوجد تنظيم خاص في هذا الشأن. ومهما كان الأمر، ففي تقديري أن وزارة المالية هي الجهة الأنسب لمراقبة نفقات الديوان بوصفها الجهة الحكومية المشرفة على تنفيذ أحكام وقواعد قانون الميزانية العامة للدولة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي