جمعية حماية المستهلك.. لنساند دورها النبيل

صدر قرار مجلس الوزراء رقم 202 بتاريخ 17/6/1428، بالموافقة على إنشاء جمعية لحماية المستهلك في السعودية تحت اسم «جمعية حماية المستهلك» Consumer Protection Association، كأول جمعية أهلية تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة في المملكة، وتنبثق من رحم ما يعرف بمؤسسات المجتمع المدني، لتعنى بشؤون المستهلك، من خلال رعاية مصالحه والمحافظة على حقوقه والدفاع عنها، بما في ذلك تبني قضاياه لدى الجهات العامة والخاصة، وحمايته من جميع أنواع الغش والتقليد والاحتيال والخداع والتدليس في جميع السلع والخدمات، هذا إضافة إلى حماية المستهلك من المبالغة في رفع أسعار السلع والخدمات، ونشر الوعي الاستهلاكي لديه وتبصيره بسبل الاستهلاك المرشد والمسؤول.
المادة الخامسة من نظام جمعية حماية المستهلك، حددت عددا من الاختصاصات المنوطة بالجمعية، التي من بينها على سبيل المثال، تلقي شكاوى المستهلك، المتعلقة بالاحتيال والغش والتدليس والتلاعب في السلع أو في الخدمات والمغالاة في أسعارها، والتضليل عن طريق الإعلانات في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام، هذا إضافة على مساندة الجهود الحكومية المعنية بحماية المستهلك، من خلال إبلاغها بكل ما يمس حقوق المستهلك ومصالحه.
من بين الاختصاصات كذلك، القيام بإعداد الدراسات والبحوث، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستهلك، ونشر نتائج الدراسات والبحوث الخاصة بتوعية المستهلك بطرق ترشيد الاستهلاك.
رغم الفترة القصيرة قياساً بعمر الزمن، التي مضت على إنشاء الجمعية، هذا إضافة إلى محدودية الموارد المالية والبشرية لديها، إلا أنها استطاعت القيام بتنفيذ عدد من المبادرات المتعلقة بحماية المستهلك، التي من بينها على سبيل المثال، مطالبة الجمعية تجار الجملة والتجزئة في بيان صدر عنها بتاريخ 15 كانون الأول (ديسمبر) 2008، بتخفيض أسعار السلع والخدمات انسجاما مع التراجع العالمي الذي شهدته أسعار عدد من السلع والخدمات في ذلك التاريخ، كما أنها طالبت أجهزة الدولة المعنية بالأمر، بممارسة دورها الرقابي على الأسعار، والطلب من التجار رسمياً تخفيضها والبعد عن الجشع، تقديراً لظروف المواطنين والمقيمين وتماشياً مع رغبة الدولة في المحافظة على مستوى أسعار يحافظ على حقوق المستهلكين من أن تكون عرضة للاستغلال.
بهدف منع الاحتكار وبناء التكتلات التجارية، التي تضر بالمواطن والمقيم على حد سواء وتبخس من حقوقه، دعت الجمعية المواطنين والمقيمين، إلى ممارسة حقهم في الضغط على الأسعار وعلى التجار الجشعين، من خلال البحث عن البدائل الأخرى وعدم الرضوخ لأساليب الاحتكار المختلفة.
من بين المبادرات كذلك المرتبطة بحماية المستهلك، التي قامت جمعية حماية المستهلك، بتنفيذها في وقت سابق، التنبيه على المسافرين من المواطنين لقضاء إجازة الصيف، بعدم الانسياق وراء الإعلانات المضللة، بما في ذلك أخذ الحيطة والحذر أثناء الإعداد لرحلات السفر، والتأكد من نظامية المكتب السياحي المنظم للرحلة، وجدية الحجوزات والالتزام بالمادة 14 من قانون مكافحة غسل الأموال، بما في ذلك الإفصاح عن المبالغ المالية والأدوات المالية القابلة للتداول لحاملها أو المعادن الثمينة التي تزيد قيمتها على 60 ألف ريال.
الجمعية أيضاً قد قامت بإصدار عديد من الأدلة ونشرات التوعية، المتعلقة بحماية المستهلك وتبصيره بطرق الوقاية من استغلال وجشع ضعاف النفوس من التجار، فعلى سبيل المثال، أصدرت الجمعية دليلا إرشاديا شرحت فيه 15 طريقة للشراء المسؤول Responsible Purchasing، التي من بينها (1) عدم المبالغة في الشراء، والشراء على قدر الحاجة، حيث إن الإكثار من شراء بعض السلع، قد يجعلها عرضة لأن تفسد أو لأن تفقد قيمتها الغذائية بسبب طول فترة تخزينها. (2) الابتعاد وعدم الإكثار من تناول الوجبات الغذائية السريعة، كالهامبورجر والشاورما وما في حكمهما، حيث إن اتباع هذا الأسلوب سيجعل من تناول الوجبات الغذائية السريعة، التي يتم إعدادها بالمنزل أكثر أماننا من الناحية الصحية وأقل تكلفة بالنسبة لميزانية الأسرة ودخلها. (3) عدم التصميم والإصرار على شراء الماركات من السلع المعروفة والمشهورة، وذلك لوجود كثير من الخيارات والبدائل خاصة في السلع الغذائية، التي تؤدي الغرض الغذائي نفسه، لكن بأقل تكلفة من سعر الماركات المعروفة. (4) متابعة العروض الترويجية بالمجمعات الاستهلاكية، التي تعد فرصة لشراء جميع احتياجات المستهلك أثناء التخفيضات، بما في ذلك الحصول على مكاسب من خلال التوفير، خصوصاً إذا كانت المشتريات كثيرة ومتنوعة. (5) الاقتصاد في كمية الوجبات، من خلال معرفة الكمية، التي تكفي حاجة الأسرة في كل وجبة، وذلك تفادياً لإلقاء الكمية المتبقية غير المستهلكة من الطعام في سلة المهملات، الأمر الذي يوفر كثيرا من المال ويبعد المستهلك عن دائرة الإسراف.
دون أدنى شك أن إنشاء جمعية في السعودية، تعنى بشؤون حماية المستهلك، تعد انطلاقة جيدة للغاية في الاتجاه الصحيح، وبالذات للرفع من مستوى ثقافة الشراء والاستهلاك لدى أفراد المجتمع السعودي، ولا سيما أن إنشاء الجمعية جاء متناغماً ومنسجماً مع توجه وزارة التجارة والصناعة للإعلان قريباً عن مؤشر لأسعار السلع الاستهلاكية والتموينية في عدد من مدن المملكة ومحافظاتها، لتعمل هذه الجهود وتلك جنبا إلى جنب للارتقاء، وكما أسلفت بمستوى وعي المستهلك الاستهلاكي والادخاري، وتجنيبه من أن يكون عرضة للاستغلال من ضعاف النفوس من التجار، ولكن على الرغم من تلك الجهود، فإن نجاح جهود جمعية حماية المستهلك، سيظل أمراً مرهوناً بتوفير الكوادر البشرية المؤهلة لها في مجالات تخصصاتها المختلفة، إضافة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لقيامها بتنفيذ حملات التوعية المطلوبة، وإجراء البحوث والدراسات المختلفة ذات العلاقة بحماية المستهلك، كما أن تعاون المواطن والمقيم مع جهود الجمعية، من خلال الامتثال لإرشادات التوعية التي تصدرها من وقت لآخر، سيساعد بشكل كبير على نجاح تلك الجهود، وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي