ورقات : أو ليلى من الباز !
قبل عدة سنوات , أقام قريب لي مأدبة نحر فيها جزوراً و دعى لها الأقارب – الحقيقة زوجته تكفلت بالمأدبة - , و أعلن فيها توقفه عن هواية " الصيد بالصقور " و هي هواية استهوته أوائل دراسته الجامعية وتعلق بها ما يزيد على عشرين سنة .
إذا كان في الأسبوع سبعة أيام , فخمسة منها يخصصها لهذه الهواية و يومان لصلة الرحم و القيام بالشأن الخاص .
و قد تنوعت السيارات التي اشتراها , و لم يكن معيار الاختيار مناسبتها لوضعه الأسري أو ملائمتها لقدرته المالية بل مدى ما تعينه السيارة في هواية الصيد بالصقور.
لو لتصفحت قائمة المكالمات في جواله , ستجد أغلب ما فيها يتعلق بهذه الهواية , و لو جلست معه فلن يكون حديثه سوى عنها , يمكن القول أنها الهواء الذي يتنفسه و الماء الذي يشربه!
يمرض أحد أبنائه فيهتم به و يقلق عليه , لكن ليس مثل قلقه على (صقره) , يعلل ذلك أن الصقر لا أم له يهتم به فهو أمه و أبوه , أيضاً الصقر أعجم لا يستطيع أن يعبر!
هناك من فسر إقلاعه عن الهواية بعد هذه الفترة الطويلة , أن في شخصية كل واحد منا عدة جوانب : الطفولة , المراهقة , العمل , الأسرة , الهواية . ., و الفترة التي قضاها في هذه الهواية أشبعت هذا الجانب من شخصيته , فلم يعد محتاجا لها.
و لما سئل عن نظرائه في الهواية , هل لو رجع الزمان بهم , هل يزاولونها أو يبتعدون عنها ؟ فأجاب يختلف ذلك من شخص لآخر , فالحكم على الهوايات بالعموم يكون بناءً على التجربة الشخصية , و أشهر مثال في ذلك هواية لعب كرة القدم , بعد الاعتزال يُعبر أحدهم عن ندمه بدخول المجال الرياضي و آخر يتمنى لو يدوم له شبابه حتى يستمر فيها.
ثم مضت السنون , و ركبت سيارته ذات يوم , فإذا بها صقران , فقلت و قد أشرت على أحدهما من هذا ؟ فقال : " براق" قلت لمن : قال : لي , ثم أشرت إلى الصقر الثاني , و قلت : من هذا : فقال : " ثنيان " قلت لمن ؟ فقال : لي ! و لما أظهرت الاستغراب , قال : انقطعت فترة ثم رجعت أشد مما سبق , فابتسمت و قلت في نفسي :
كل يغني على ليلاه متخذاً . . . ليلى من الناس أو ليلى من الباز!.