الاقتصاد .. والجريمة!
للمرة الخامسة على التوالي يقوم بيت الخبرة العالمي «برايس ووتر هاوس» بدراسة حول الجرائم الاقتصادية وحول دور الأزمة الاقتصادية العالمية في التشجيع على ارتكاب مثل هذا النوع من الجرائم.
وقد حاولت هذه الدراسة الأخيرة استطلاع آراء نحو ستين ألف شخص من مديري كبار الشركات في العالم، وكانت نتيجة هذه المحاولة أن ثلاثة آلاف مدير فقط في أربع وخمسين دولة استجابوا لهذا الاستطلاع الذي أفاد بأن 30 في المائة من الشركات التي شاركت في الدراسة تعرضت لجرائم اقتصادية بصورة متزايدة خلال الاثني عشر شهراً الماضية، وأن معظمها أبدى حرصاً على السمعة، وهو الحرص الذي يزداد أثناء الأزمات، فيتغاضى العديد من هذه الشركات عن الإبلاغ عن الجرائم التي يتم اكتشافها .. وتكتفي بمعالجة الأمر داخلياً بعيداً عن ساحات المحاكم أو وسائل الإعلام لتجنب أي عواقب سلبية فيما بعد.
في تقديمه لدراسة يشير «والف شاتسمان» المدير بمؤسسة «برايس ووتر هاوس» إلى أن الأرقام غير المعلنة لخسائر المؤسسات الكبرى من جراء الجريمة الاقتصادية مرتفعة بدرجة كبيرة، وفي اعتقاده أن ما يتم الإعلان عنه من هذه الجرائم الاقتصادية ما هو إلا قمة جبل الجليد.
ووفقاً للبيانات التي أوضحتها الدراسة التي نشرتها وكالة «رويترز» العالمية للأنباء، فإن ما يقرب من 50 في المائة من المتورطين في تلك الجرائم الاقتصادية يكونون من داخل الشركات، بل إن 70 في المائة منهم يتولون مناصب إدارية وقيادية عليا، في حين أن تلك النسبة لم تزد في دراسة سابقة صدرت منذ عامين على 54 في المائة.
كما أشارت الدراسة إلى أن متوسط الخسائر التي تعانيها الشركة الواحدة من جراء النصب أو التحايل يصل إلى مليون ونصف المليون دولار أمريكي في العملية الواحدة.
أما العقوبات التي يتعرض لها المتورطون في هذه الجرائم الاقتصادية من داخل الشركات الكبرى، فتختلف حسب الدراسة من شركة إلى أخرى، فقد يتم الاستغناء عن 55 في المائة من المتورطين من هذه الشركات أو يتم التحقيق مع 23 في المائة فقط منهم، لكن الدراسة تؤكد أنه كلما كان المتورط في الجريمة الاقتصادية ذا منصب رفيع فإنه لا يتعرض للأذى.
ويقول «جيانفراكو موتون» من مؤسسة «برايس ووتر هاوس» إن 70 في المائة من المتهمين بارتكاب جرائم اقتصادية برروا تورطهم في تلك الجرائم بالرغبة في الحفاظ على مستوى المعيشة المرتفع الذي تعودوه أثناء فترات الازدهار الاقتصادي.