شباب جدة هم الأمل
زيارة واحدة لمركز المعارض التابع للغرفة التجارية في مدينة جدة تحيي الأمل في النفوس وتخفف الآلام والحزن الذي غمر جدة وأهلها بعد أن غمرتها السيول، من يرى مركز المعارض اليوم في شمال جدة يخفف عنه ما رأى من مناظر مفجعة في جنوبها، لقد أصبح المركز خلية نحل فقد زحف إليه الشباب والشابات من كل حدب وصوب يحملون في صدورهم قلوبا تخفق بحب جدة وأهلها وفي أعينهم دموع لشهدائها وتلهج ألسنتهم بالدعاء أن يغفر الله للموتى ويعين المتضررين ويرفع عن المصابين.
في كل يوم تجد المركز وقد توافد إليه المئات يرغبون أن يسهموا في المساعدة من خلال اللجنة التي أعلن عن تشكيلها باسم لجنة (أهالي جدة للتكافل)، التي تضم تحتها جميع الجهات واللجان الراغبة في العمل من أجل المتضررين من السيول التي اجتاحت جدة، لقد جاء الشباب والشابات ليقدموا ما يستطيعون من جهد ووقت ومال من أجل جدة، وليؤكدوا أنهم لن يستسلموا لما حدث، وأن هذه السيول وما خلفته من دمار وخراب لن يكون هو نهاية المطاف بل سيكون الدافع لبداية جديدة، بداية صحيحة، تتم من خلال أبناء جدة الذين هم مستقبل جدة.
لقد ذاق أبناء جدة مرارة ما حدث فجاءوا إلى مركز المعارض وهم مشتاقون للعمل الاجتماعي فمنهم من يقوم بتوزيع الأغذية ومنهم من يقوم بتوزيع الملابس ومنهم من يقوم بالعمل الميداني وزيارة المنازل المنكوبة ومعرفة احتياجات أصحابها ومنهم من يقوم بالتنسيق مع الدفاع المدني ومنهم من يقوم بالتنسيق مع الخدمات الصحية، وآخرون عمدوا إلى المساجد وحرصوا على تنظيفها والعمل على إعادة تشغيلها، كما قامت السيدات بجولات ميدانية على الأسر خصوصاً الذين فقدوا أولياء أمورهم للتخفيف عنهم ومعرفة احتياجاتهم.
إن الذي يقوم اليوم بزيارة تلك الأحياء يرى الأمل يشع من تلك المنطقة المنكوبة على أيدي هؤلاء الشباب والشابات فهم مستقبل جدة وهم الذين شمروا عن سواعدهم ونزلوا إلى الميدان يجوبون الشوارع مشياً على الأقدام من منزل إلى آخر لم تثنهم بقايا مياه الأمطار ولم تثنهم الشوارع الممتلئة بمياه الصرف الصحي ولم تقف أكوام مخلفات المنازل من أثاث وملابس ونفايات في وجههم بل حرصوا على أن يتجاوزوا كل ذلك وأن يقوموا بعملهم على أكمل وجه بل إنهم لم يحرصوا على زيارة الشوارع الرئيسية في الأحياء المنكوبة والتي تحسنت أوضاعها كثيراً بل حرصوا على الدخول وسط الأحياء حيث ما زال كثير من المنازل يعاني طفح مياه الصرف الصحي خصوصاً في أحياء غليل والمصفاة وغيرها من المناطق التي على الرغم من أن السيول لم تجتاحها إلا أن غزارة الأمطار وعدم تصريفها أسهمت في طفح مياه الصرف الصحي فعزلت الناس في مساكنهم.
إن أولئك الشباب والشابات يشعرونك بالأمل وبأن جدة مازالت بخير فهم عندما تستمع لأي أحد منهم تجده يتكلم من قلبه فخورا بما يقدمه من عمل حريصا على أن يكون متقنا لا يفكر في أن تظهر صورته في الإعلام أو أن يجده مراسل أحد الصحف فيأخذ منه تصريحا صحفيا أو أن يدعو قناة فضائية لتتابع ما يقوم به، فيكفيه أن يعرف أن الله عز وجل يعرف ما يعمل وأن ما يقوم به من عمل تطوعي خالص لوجهه الكريم.
لن تستسلم جدة ولن يستسلم شباب جدة فقد رأوا ما فعل غيرهم في جدة وجاء دورهم الآن لتكون لهم الكلمة كلاً في موقعه فهذه مدينتهم وهم اليوم يعملون على تخفيف آثار كارثة حصلت بسبب أخطاء غيرهم ودورهم في المستقبل أن لا يقبلوا بتكرار تلك الأخطاء فهم على الرغم من صغر أعمارهم إلا أن الأوطان لا تنمو إلا بعزم شبابها فهم مستقبل الوطن وهم أمل المدينة.