مبادرة الحاسب المنزلي

في نقاش استضيف فيه أحد المستشارين لمعالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، أوضح سعادة المستشار أن أحد نجاحات الوزارة يتمثل في مبادرة الحاسب المنزلي. وكنت في حقيقة الأمر مصدوماً لسماع ذلك، حيث إنني لم أسمع شخصاً واحداً في مجتمع تقنية المعلومات يذكر نجاح تلك المبادرة. ودعني أسألك عزيزي القارئ: هل سبق أن سمعت بمبادرة الحاسب المنزلي (http://www.tawasul.com.sa)؟ إذا لم تكن قد سمعت بها، فثق (بعد بحث مطول) بأنك لم تخسر الكثير. انطلقت مبادرة الحاسب المنزلي برعاية وزارة وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في تاريخ 28 ربيع الأول 1426هـ بهدف تمكين مليون منزل مواطن سعودي من الحصول على جهاز حاسب آلي. وهي مبادرة جميلة جداً لو تم التخطيط والإدارة لها بعناية وتفانٍ، ولكن للأسف فإن هذا لم يحدث، ويتضح هذا بعد إغلاق المشروع قبل سنة كما أن المتصفح لموقع المبادرة يعرف سبب الفشل بمجرد الدخول للموقع الإلكتروني من خلال النقاط التالية:
معظم المعلومات الموجودة قديمة جداً حتى قبل إغلاق المبادرة.
بعد مضي قرابة ثلاث سنوات (حين تم إغلاق المبادرة) منذ بدئها لم تكتمل معظم الأهداف المذكورة في وثيقة المبادرة والموجودة في الصفحة الرابعة.
سوف يجد القارئ للوثيقة أنه كان من المفترض توفير بوابة إلكترونية للمشروع تقدم للمتصفح الكثير من المعلومات، بما في ذلك إحصائيات عن عدد الباقات المبيعة في المملكة بشكل يومي. ولكنني لم أجد أي إحصائيات بذلك! هل هناك أرقام تخجل القائمين على المبادرة ولا يرغبون في إظهارها؟
مواصفات بعض أجهزة الحاسب الآلي المذكورة في موقع المبادرة قديمة جداً، بعكس الجملة المذكورة في الوثيقة، التي تقول إنها توفر «حاسب شخصي بمواصفات ذات جودة عالية»، كما أنني أستغرب كيف سيتم توفير تلك الأجهزة بتلك المواصفات التي تكون شبه معدومة في السوق. وإذا كانت متوافرة لدى القائمين على المبادرة، هل من المعقول أن يتم خداع المشتري الذي من الممكن أن يكون من البساطة بألا يعرف المواصفات المطلوبة في الجهاز؟ ومثال على ذلك، فإن بعض الأجهزة المقترحة في المبادرة هي بنتيوم (4) (هذه التقنية منتهية منذ أكثر من سنتين) ولديها ذاكرة (RAM) بحجم 256 ميجا بيت وبنظام تشغيل إكس بي (XP) الذي يحتاج إلى ذاكرة لا تقل عن 512 ميجا بيت فمن يأخذ حق المواطن الذي كان يظن أنه حصل على أجهزة بمواصفات عالية؟
هل تعلم عزيزي القارئ أنني قرأت في موقع المبادرة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في صفحة الأسئلة المتكررة العبارة التالية: « هل للمشروع موقع على الإنترنت؟ وكيف يمكن الوصول إليه؟» أليس في ذلك استخفاف بعقل المستخدم لهذه الخدمة بأن يتم طرح سؤال وجواب للمتصفح في موقع المبادرة على الإنترنت؟ أتمنى من القائمين على هذه المبادرة أن يوضحوا حقيقة وأسباب فشل المبادرة بشفافية عالية، وألا تكون المبادرة لوحة إعلامية ناقصة توضع بها صور لأشخاص قصروا في أدائهم، وإحصائيات ومعلومات غير صحيحة، وبعد مدة يتم نسيان (أو تناسي) مشاريع استراتيجية . وإذا كان الأمر كما قال معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في تصريح سابق له إنه لا بد من محاسبة المقصرين في مشروع التعاملات الإلكترونية الحكومية، فإنني أرجو من معاليه أن يحاسب المقصرين والمتسببين في فشل مبادرة الحاسب المنزلي، التي تمت برعايته ومباركته قبل أربع سنوات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي