ما هو نوع الحياة التي تريدها!

قد نجد السعادة في المنصب المرموق الذي نحصل عليه أخيراً.. أو في خلو البال، أو في إنجاب أطفال وتكوين أسرة، أو في جمع الكثير من المال، أو في الحب.. وتختلف السعادة وما تعنيه من شخص لآخر، حتى إن الفلاسفة اختلفوا في وضع تفسير لها أو في البحث عن معناها، أو حتى في وصفها.
الطبيب الفرنسي «فرانسوا ليلورد» المتخصص في الأمراض النفسية، وصاحب كتاب «رحلة هيكتور»، الذي يروي قصة طبيب نفسي يبحث عن سعادته الشخصية حتى يمكنه أن يدل مرضاه على طريق السعادة، يتساءل في كتابه على لسان «هكتور»: ما قدر التغيير الذي نحتاج إليه في حياتنا؟.. هل نغير كلياً من حياتنا أم نغير قليلاً منها؟.. أم نتعلم كيف نقدر ما بين أيدينا ونقلل من حجم أحلامنا اللا واقعية ومن تقديرنا المبالغ فيما نحتاج إليه بالفعل لكي تتوازن حياتنا؟
يجيب الطبيب النفسي «ليلورد» عن كل هذه الأسئلة بقوله إن كلاً على حسب ظروفه الخاصة وعلى قدر ما يملكه من إمكانات خاصة يمكنه أن يحدد قدر التغيير الذي يتعين عليه أن يحدثه في حياته. في رأي الطبيب النفسي «ليلورد» أن على كل شخص أن يعيد تقييم مفهومه عن السعادة من دون أن يخالط هذا التقييم قدر من الخطأ أو المبالغة أو الخيال، كذلك يتعين على كل شخص أن يبحث عن نوع الحياة التي تلائمه وعن اللحظة التي يجد نفسه فيها محتاجاً إلى أن يحدث تغييراً في حياته القديمة ليعيد ترتيبها بما يتلاءم مع شخصيته الجديدة.
وإذا كان الذي يسعد الآخرين ليس بالضرورة أن يتسبب في سعادتنا، ومن ثم علينا أن نبحث عن ذلك الشيء الذي يسعدنا داخل قلوبنا، فإن الطبيب النفسي «ليلورد» يؤكد لنا في كتابه أن أولى خطوات الطريق المؤدي بنا إلى السعادة تبدأ من حالة الرضا عن أنفسنا، ولذلك علينا أن ننحي جانباً كل الأفكار والقيم التي لا تلائمنا ولا تفيدنا، بل قد تتسبب لنا في بعض الجراح، التي ربما تكون هي ذاتها الأفكار والقيم المقبولة لدى آخرين وتتسبب في شعورهم بالرضا والراحة.
والخطوة الثانية التي يجب علينا اتخاذها حتى نسلك طريقنا الذاتي إلى السعادة، هي أن نتعلم من تجاربنا الماضية أو على الأقل من تجارب الآخرين، حتى يصبح جرحنا الخاص أقل إيلاماً ونحصل على قدر من الشعور بالراحة.
كذلك يتعين علينا أن ندرك قدر أنفسنا جيداً دون أن نغمطها حقها علينا، وأن نكون رحماء بأنفسنا وعادلين في تقويمنا لأنفسنا وللآخرين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي