المعادلة الضرورية الصعبة: الاقتصاد والأمن

إحدى أهم ركائز الاقتصاد الأولية ذلك الدور المنوط بالحكومة في حماية الحقوق – الحقوق الاقتصادية الخاصة. فمن دون الطمأنينة على الحقوق تصبح كل الاتفاقيات والعقود بين المشاركين والمستفيدين من الحركة الاقتصادية في مهب الريح. القاعدة الأرضية لحماية هذه الحقوق هي الأمن ولكنها تمتد إلى ما هو أبعد من الأمن إلى أن تصل إلى القضاء وربط ذلك بالمؤسسات المكملة لحماية المال والعباد. في ظل هذه العلاقة الوثيقة بين الأمن والاقتصاد أتى تعيين الأمير محمد بن نايف كعضو في المجلس الاقتصادي الأعلى كإشارة واضحة إلى فهم وهضم هذه العلاقة الوثيقة.
هناك أطروحات تقول إن هناك علاقة بين الأوضاع الأمنية على اختلاف طبيعتها وبين الحالة الاقتصادية. يصعب رسم علاقة مباشرة إحصائية وخاصة لبعض الجوانب الأمنية وبين الحالة الاقتصادية ولكن لابد أن هناك علاقة في بعض أنواع المخالفات الأمنية والحالة الاقتصادية في بعض الأحيان. ولكن الجانب الأهم في المعادلة الأمنية هو مدى قوة المحرك الاقتصادي لتمويل استحقاقات الدفاع عن الحقوق والنفس والقدرة على تفريخ التقنية اللازمة لذلك، فمن دون حيوية اقتصادية لن تستمر القوة الأمنية. برز اسم الأمير محمد بن نايف مع تصاعد الإرهاب وقدرات الفريق العامل معه على تحقيق إنجازات ملموسة.
هناك جدل واسع في علم الاجتماع والإدارة حول الظروف المواتية لبروز القيادات. قلما يكون حادث واحد سببا في بروز العناصر القيادية في شخص، ولكن قد يكون الحادث بالجسامة والمعنى ليكون مؤشرا واضحا على تحول ما. يقوم الحادث بالتنبيه إلى نتيجة تراكم تجربة تاريخية وممارسة في العمل المنضبط قبل الظهور. تعيين الأمير محمد بن نايف في المجلس الاقتصادي الأعلى ذكرني بحديثه مع غادره المفترض. الغادر شاب في أول سلم الجهاز التنفيذي في تنظيم القاعدة بينما الأمير في أعلى سلم قيادة جهاز الأمن، ولذلك فإن الحديث بين الاثنين يقطع مسافات السلطة ويلامس رغبة كل سعودي في اهتمام القيادة بالقاعدة الشعبية.
الرجل الهادئ الرصين اليقظ تمكن باستحقاق من كسب عقول وقلوب الأغلبية العظمى من المواطنين. استطاع ''الانتظار'' بالصمت والعمل إلى أن أوصلنا ذلك الحادث الشنيع إلى نقطة أعلى في الوعي. غالبا ما تغيب عن مجتمعنا بناء القيادات بل أكاد أجرم أن هناك تقصيرا في إعداد الكوادر القيادية في جميع المجالات ولذلك لعل نجاح الأمير محمد بارقة أمل كبيرة للمجتمع السعودي في نواحي الحياة كافة. لعل أول خطوة قام بها وهو خريج علوم سياسية الانخراط في الدورات الأمنية الفنية لمعرفة ما يواجه رجال الأمن والحديث معهم بحرفية المهني المسؤول المهتم. وهذه نواح مفقودة في الكثير من القيادات المفترضة في أغلب المجالات لدينا. تحدي التطرف اجتماعي وسياسي بينما تحدي الإرهاب أمني ولذلك أتى حديث الأمير ساميا في معانيه واعيا بنقاط الانعطاف والمطلبات ليس فقط بهدف التعامل الأمني، بل إلى أعمق من ذلك. الاهتمام التنموي عامة والاقتصادي خاصة له دور مركزي في محاربة، ليس الإرهاب فقط، ولكن الجهل والتطرف والدفاع عن البلاد. لعل إحدى الخطوات الأولى في هذا الاتجاه هو ظهور أمثل يحتذى به مثل الأمير محمد. تواجد الأمير محمد كأحد أقطاب السلطة الأمنية في أعلى مجلس اقتصادي سوف يساعد على التوافق بين كافة الاستحقاقات المهمة المترادفة لحماية المكتسبات الاقتصادية. علينا تعظيم الاستفادة من النجاحات القيادية مجسدة فيما ظهر عليه سمو الأمير محمد من تفان وجدية وخلق. حان الوقت لتعميم نجاح سمو الأمير إلى القطاعات الأخرى التي تتخفى خلف الأجهزة البيروقراطية الخادعة متذاكية لشراء الوقت والمصلحة الضيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي