كيف ندعم شهداء الوطن؟
أحد الزملاء وبتأثير سوق الأسهم، وضع كل ما يملك في تلكم التجارة المقامرة، حتى أنه باع بيته الخاص من أجل الحصول على أعلى المكاسب، ولكنه في نهاية المطاف خسر كل ما يملك!! أصبح اعتماده (بعد الله) على مرتبه الوظيفي المتوسط... عمره لم يصل الخمسين، حتى اكتشف مصادفة إصابته بمرض السرطان المنتشر (قد يكون نتيجة لصدمة نفسية؟)، فقد كان همه الكبير التفكير في مستقبل أولاده الصغار، أصبحوا بدون بيت يستظلهم، لذا فمرضه الموجع خلال فترة العلاج هو التفكير في أبنائه ومن يكفلهم ويرعاهم، ولكن الله يسر له وبمساعدة ذويه شراء منزل متواضع، حتى أصبحت حالته النفسية بعد ذلك جيدة، على الرغم من صعوبة المرض، ففارق الدنيا شهيداً، ولكن قلبه مطمئن على أولاده.
أردت بتلك التوطئة أن أُذكر بأن هذا البلد (حفظه الله) بلد مستهدف، ذلك إذا أدركنا أن الوضع في دول محيطة بنا يستوجب منا الاستعداد والتهيئة الشعبية، فنحن نواجه لفترة طويلة حرب المخدرات، حيث أبطال مكافحتها هم قوات الأمن والعاملون في الجمارك، وهذه الأيام نواجه التسلل، كما قد يكون هنالك مستجدات مستقبلية!! كل تلك المخاطر تحتاج إلى من يتصدى لها، كما مما لا يختلف عليه اثنان أن الدفاع عن هذا البلد المقدس يعد من أعلى درجات الشهادة.
فالذين نذروا أنفسهم للدفاع عن هذا البلد قد فضلهم أحكم الحاكمين ووضعهم في منزلة عالية... كما نحن نموت ولكنهم حتى بعد استشهادهم فهم أحياء عند ربهم يرزقون، فالله قد أكرمهم ورفع منازلهم، ولكن ما الذي سوف نقدم لهم ولذويهم؟! فكثيراً ما نعطي الأوسمة والمكافآت لمن قام بإنجاز وطني، ولكن الذي قدمه شهيد الوطن يعد أكبر وأسمى الإنجازات والتضحيات... فهل هنالك إنجاز أعلى من ذلك؟!! فهو أحق من أن يُكرم ويعطى أرفع الأوسمة.
فعندما رأيت صورة أبناء أحد الذين استشهدوا خلال التسلل، فكرت كثيراً في دورنا الاجتماعي والأخلاقي تجاه أبناء الذين هم أعلى منا درجة ورفعة، فينبغي علينا جميعاً أن نهتم بهؤلاء وذويهم، فإذا تَذكر المرابط (عسكرياً أو مدنياً) أن هنالك مجتمعاً ونظاماً واضحاً يتكفل أولاده وذريته بعد وفاته، فسيكون أكثر قدره وحماسة على حماية هذا البلد من شر المعتدين، ففي كثير من الدول هنالك جمعيات خاصة تعنى بأسر الشهداء، بل هنالك جمعيات خاصة بالمحاربين القدماء، وهذا عرفان لما قدموه لمجتمعهم وأوطانهم، لذا فمن المقترحات التي قد تُسهم في العناية بأبناء الشهداء وذويهم ما يلي:
1) إنشاء هيئة وطنية تهتم بأسر الشهداء تتكون من جميع القطاعات العسكرية والمدنية المعنية، تقوم بمتابعة أوضاع أبنائهم ومن يعولون.
2) ينبغي أن يكون هنالك مبلغ خاص ومجزي (مخصص من الدولة والمتبرعين) لأسرة أي شهيد.
3) أتمنى أن يعطى ورثته راتبا كاملا مع المميزات الإضافية، فهو لا يزال حياً عند الله.
4) يخصص بيت ملك لأولاده في المنطقة التي قدم منها.
5) العناية الفائقة بتثقيف أبناء الشهداء وإعطائهم أفضلية خاصة في دخول الجامعات والكليات العسكرية والمنح.
هذا وإني على يقين أن قيادة هذا البلد حريصة على هذه الفئة، وكان آخرها اللفتة الكريمة من سمو النائب الثاني (حفظه الله) من استضافة أسر شهداء الواجب خلال موسم الحج، ولكن أتمنى أن يكون مشروع دعم الشهداء وأسرهم يُسهم فيه جميع أفراد المجتمع، فهؤلاء هم المفخرة الحقيقية لهذا البلد، بل إنهم يمثلون الوطنية الصادقة، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!!!