«تداول» وضوابط السلوك

في الأسبوع الماضي احتفلت شركة السوق المالية السعودية «تداول» بافتتاح أول مركز إعلامي لها, ما يعد خطوة جيدة في سبيل الارتقاء بشفافية السوق، وفتح نافذة جديدة للتواصل مع وسائل الإعلام وعموم الجمهور. وإذ نرحب بتلك الخطوة، نتطلع من «تداول» إلى أن تضع برنامج توعية للمتعاملين في السوق عن الخدمات التي يقدمها المركز الجديد وكيفية الإفادة منها لمساعدة المستثمر في بناء قراراته على أسس أكثر موضوعية مما هي متاحة أمامه الآن. ذلك أن كفاية السوق تعتمد إلى حد كبير على مستوى وعي المشاركين فيها إلى جانب مهنية إدارتها. تلك الكفاية لها معايير تقاس بها وبات الحصول على معدل عال منها يشكل تحديا وهدفا لكل إدارة سوق مهما كان حجمها، فما بالنا بالسوق السعودية التي تعد واحدة من بين كبريات الأسواق الناشئة على مستوى العالم، والأولى على نطاق دول مجلس التعاون الخليجي إذ تستأثر بنسبة 61 في المائة من أسواق المجلس مجتمعة.
لكن ذلك الإنجاز وغيره من الإنجازات التي حققتها «تداول» منذ تأسيسها ينبغي ألا تصرف نظرنا عن مطلب مهم لا بد من الوفاء به عاجلا غير آجل. فقد مضى عامان على تعيين أول مجلس إدارة لشركة السوق المالية السعودية «تداول» ولم يعلن حتى الآن عن معايير السلوك المهني التي يخضع لها أعضاء ذلك المجلس، المدير التنفيذي، وبقية موظفيها، على الرغم من أن مسؤولية وضع تلك المعايير أسندها «نظام السوق المالية» إلى مجلس إدارة الشركة. ليس ذلك فحسب بل أسند إليه أيضاً وضع الإجراءات والعقوبات التأديبية بحق المخالفين. بمعنى آخر أن الأمر برمته يسأل عنه مجلس الإدارة وإن كان إقراره يتطلب موافقة مجلس هيئة السوق. تلك الحالة من الفراغ نتيجة غياب المعايير التي نص عليها النظام تدعونا لنتساءل عن ماهية الضوابط التي تحكم تحركات أعضاء مجلس إدارة السوق طوال العامين المنصرمين وما هو قادم من الأيام إن لم تكن الأعوام.
وكنت قد أشرت في مقالين نشرتهما «الاقتصادية» الأول بتاريخ 22/12/1428هـ، والآخر بتاريخ 16/1/1430هـ إلى ضرورة وضع ضوابط صارمة لحماية الجمهور خوفاً من إساءة استخدام الصلاحيات المطلقة التي منحها النظام لمجلس إدارة السوق. ذلك أن صلاحيات مجلس الإدارة، كما وردت في المادة الثانية والعشرين من النظام، تمتد إلى جميع مفاصل السوق كشروط إدراج وتداول الأوراق المالية، رؤوس أموال شركات الوساطة والضمانات المالية المطلوبة منها، تسوية المنازعات بين أعضاء السوق، متطلبات عضوية السوق، وغيرها. أي أن مجلس إدارة السوق الذي يضم في عضويته شركات وساطة وشركات مساهمة مدرجة يتمتع باطلاع غير مقيد على معلومات ليست متاحة للعموم أو حتى للمنافسين الآخرين من شركات الوساطة والشركات المساهمة.
إننا نتطلع لتحرك سريع من هيئة السوق وشركة «تداول» ، لإصدار معايير السلوك المهني وإعلانها للعموم على أن تشمل تلك المعايير إلزام كل عضو في مجلس إدارتها بالإفصاح عن علاقاته المالية والمهنية مع الشركات المدرجة وغير المدرجة في السوق, وكذا الأدوات والأوراق المالية بأنواعها التي يملكها أو التي تحت تصرفه، وإحاطة الجمهور بتداولاته وتداولات أقاربه المنصوص عليهم في نظام السوق وعدم استبعاد غير القصر من الأولاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي