وزير التجارة والمشاريع الصغيرة
في فترة وجيزة يحرص وزير التجارة على دعم مناسبتين مهمتين تساندان أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، فقد كانت المناسبة الأولى في جدة، وذلك من خلال تنظيم المنتدى الأول للأسر المنتجة، والمناسبة الثانية من خلال افتتاحه أحد فروع باب رزق جميل التابع لبرامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع في مدينة الرياض. ويأتي هذا التشجيع والحرص من قبل معاليه على دعم هاتين المناسبتين ليؤكد أن هناك توجهاً واهتماماً من قبل الدولة لتشجيع شباب وشابات الأعمال، فهم محور الاقتصاد، وهم مَن يشكل الأغلبية في معظم اقتصادات الدول.
إن حرص وزارة التجارة على تبني مثل هذه المبادرات يجب أن يستمر ويتواصل، بل يجب أن يتطور يوماً بعد يوم بحيث يصبح هاجس الشاب أو الشابة بعد التخرج ليس البحث عن وظيفة، بل يكون تأسيس عمل خاص به وفتح مشروع صغير، خصوصاً، أن هناك عديداً من العوامل التي أصبحت مساعدة على هذا التوجه، وفي مقدمتها توفير رأس المال، فعلى الرغم من إحجام البنوك عن تمويل أصحاب المشروعات الصغيرة إلا أن هناك جهات أخرى، مثل بنك التسليف وصندوق المئوية وباب رزق جميل، وهي جهات تقوم بدعم الشباب والشابات بقروض حسنة يستطيع الشاب من خلالها أن يؤسس مشروعه. أما مصروفات تشغيل المشروع الصغير، وفي مقدمتها رواتب الموظفين، بل راتب صاحب المشروع فقد تكفل بها، في مبادرة متميزة، صندوق الموارد البشرية الذي يقوم بتقديم مكافأة شهرية لصاحب المشروع خلال السنتين الأوليين، كما يقوم بدعم الموظفين الموجودين في المشروع خلال السنتين الأولين أيضاً وهي فترة التأسيس الحرجة التي قد يتعرض فيها المشروع إلى مخاطر إضافة إلى وجود عدد من الجهات، وفي مقدمتها الغرف التجارية، التي تسهم في تقديم دورات تدريبية وكذلك استشارات مجانية لشباب الأعمال، ومنها دورة كيف تبدأ مشروعك الصغير. وعلى هذا الأساس، فإن نجاح وزارة التجارة في تشجيع الشباب والشابات على إطلاق مشاريعهم الصغيرة سيمثل ركيزة قوية لدعم اقتصادنا الوطني، ولن يتم هذا الأمر من خلال الندوات أو المؤتمرات فقط، بل يتطلب الأمر عملاً ميدانياً متواصلاً ولصيقاً لأصحاب المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة بحيث يعرف المسؤول طريقة تفكيرهم وما هي طموحاتهم وما هي احتياجاتهم الحقيقية وكيف يمكن توفيرها، فالعمل الميداني مع هؤلاء يكشف حقيقة الوضع ويساعد على التغلب على المعوقات التي من ضمنها تسويق المنتجات، خصوصاً في بداية تأسيس المشاريع الصغيرة ما يسهم في استمرارها ونجاحها مستقبلا.
إن دعم المشروعات الصغيرة والحرص على تطويرها سيسهمان بشكل كبير في توفير فرص العمل للشباب والشابات، فكلما كبر المشروع احتاج إلى عمالة، وهنا يأتي دور آخر للوزارة، إذ يجب عليها أن تسعى إلى إلزام أصحاب هذه المشاريع بأن دعمنا لكم سيوقف إن كان هناك تستر أو عمالة أجنبية في مشاريعكم، فهدف الوزارة دعمكم من أجل استقراركم، من جانب، ومن أجل توفير فرص عمل أخرى لشباب وشابات الوطن من جانب آخر. ولذلك فإن من الشروط الأساسية التي يجب أن تفرضها وزارة التجارة على أي مشروع صغير يتم دعمه، هو أن تكون نسبة السعودة فيه لا تقل عن 80 في المائة.
المشروعات الصغيرة أشبه ما تكون بالبذرة التي يجب أن يتم غرسها لتصبح شجرة كبيرة يستمتع بظلها الجميع ويسعد برؤيتها، وهذه البذرة تحتاج إلى أرض خصبة وإلى رعاية وعناية وفي بعض الأحيان إلى حماية من ظروف المناخ، وخير من يقوم بهذا الدور وهذه الرعاية هي وزارة التجارة، التي نأمل أن تصبح قضية المشاريع الصغيرة جزءاً لا يتجزأ من نشاطها، إذ لا يكفي إنشاء أقسام لها في الغرف التجارية الصناعية، بل يجب أن تكون من صميم عمل الوزارة، وأن تصبح هاجساً تسعى إلى تطويره يوماً بعد يوم.