الإعلام عندما يخطئ الرسالة

الإعلام بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمشاهدة يعد إحدى السلطات الأربع المكونة للدولة وأحد القطاعات الخمسة التي تمثل الدولة أيضا, ولهذا يعد شريكا أساسيا في بناء الرؤية السليمة عن الدولة والمجتمع, الذي يعكس أخباره وأحداثه. وفي عالمنا اليوم لم يعد الإعلام برسائله المختلفة مغلقا على ذاته, بمعنى أن من يتابعه هم أهل البلد أو الجزء من البلد الذي تصدر فيه تلك الصحيفة أو غيرها, وإنما أصبح أي خبر ينشر في جريدة لا يتجاوز قراؤها أقل نسبة خبرا عالميا يمكن أن تتناقله وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية ومواقع الصحف كخبر مهم, وهذا أمر طبيعي, ولكن عندما يصبح الخبر المنشور ضمن إحدى الصحف الوطنية يسيئ إلى سمعة واحترام وتقدير البلد الذي تصدر منه الجريدة أو القناة أو غيرها ويستغل للإساءة إليها, وهذا الخبر في الغالب لا يعتمد على المعايير الصحافية العلمية الأخلاقية التي تحترم المصدر وتحرص على دقة الخبر.
إن المطلع اليوم على ما ينشر من أخبار عن المملكة وما يحدث فيها أو لها يلاحظ حجم الخطأ الإعلامي السعودي في نقل الأخبار والأحداث, بحيث إن الإعلام ينظر إلى الجانب السلبي للحدث ويعظمه بشكل يعطي القارئ أو المستمع أو المشاهد الانطباع السلبي عن المملكة, ومثل هذا الخبر يصبح مادة دسمة للمنظمات والجمعيات العالمية التي تبحث عن السلبيات في العمل السعودي واستغلال ذلك في التقارير التي تكتبها عن المملكة, وتستعمل مثل تلك الأخبار للإساءة إلى سمعة المملكة وإظهارها بمظهر المجتمع المتخلف, وأيضاً تكون سببا في عدم تقدير جهود المملكة ما يجعلها في أغلبية الأحيان في مراتب متأخرة في عديد من التقارير التي تصدر عن الدول والمنظمات والهيئات والجمعيات العالمية, والمتابع لتلك التقارير يلاحظ أنها تعتمد بشكل كبير على ما ينشر في الصحافة العالمية أو ما تتناقله وكالات الأنباء العالمية ومحطات التلفزيون, وهذا كله يعتمد على ما ينشر في الصحافة والإعلام السعودي أو الممول بأموال سعودية.
إن المتابع لما يطرح في الإعلام المرئي يلاحظ التركيز على الجوانب السلبية في المجتمع السعودي, ويحاول هذا الإعلام إبرازه كظاهرة شاملة لكل أفراد المجتمع السعودي بشكل يسيئ إلى الإنسان السعودي, وهو ما يترك الأثر السلبي عن الإنسان السعودي في نظر المجتمعات الأخرى العربية والإسلامية والعالمية, وفي الوقت نفسه تعد مثل هذه البرامج ابتزازا للمال السعودي من خلال ما نشاهد من حجم الاتصالات بتلك القنوات, وهو انعكاس سلبي آخر يشارك فيه ـ مع الأسف ـ بعض المواطنين من الجنسين, ولكن ما يهمني في هذا الطرح هو قيام صحافتنا والقنوات الفضائية الممولة بأموال سعودية بالإساءة والاستغلال للإنسان السعودي ودولته وما نشاهده يومياً يؤكد حجم الخلل المؤثر في سمعة المملكة.
إن الإعلام الصحافي بشكل خاص يعد أكثر تأثيراً في سمعة وموقع المملكة الإقليمي والعالمي, ولهذا فإن إصرار بعض الصحف ومراسلوها على تصيد الأخطاء ونقلها مع تضخيم تلك الأحداث, أو ربما فبركتها بشكل مثير, والهدف منه إثارة الرأي العام واستقطاب مزيد من القراء للجريدة دون الاهتمام أو العناية بالأثر السلبي الذي يحدثه ذلك الخبر أو النقل على سمعة الفرد والأسرة والمجتمع السعودي بشكل عام, ولو راقبنا من اليوم بعض تلك الصحف وأخبارها ونظرنا إليها من خلال الأثر السلبي من الخبر في سمعة المملكة فسنكتشف حجم المعلومات المغلوطة المسيئة للمملكة التي نقدمها لمن يحاول الإساءة إلى المملكة, وهم - مع الأسف - كثر, لأن كل ذي نعمة محسود, ولو نظرنا إلى الخبر المسيء للمملكة، المنشور في بعض صحافتها لوجدنا لذلك الخبر جانبا إيجابيا عظيما لم يتم التطرق إليه وإنما أغفل على أساس أن العمل الإيجابي الناجح لا يجذب القراء, وهذا يعكس الجهل الإعلامي لبعض الصحف ومراسليها عن حقيقة إبراز التجارب والأحداث الناجحة لكل بلد, ومنها السعودية, وكيف أن تلك الأخبار والأحداث الإيجابية يمكن أن تكون إحدى الوسائل التي تتم الاستفادة منها للارتقاء بالعمل والسلوك الإنساني المؤثر في السلوك العام بين سكان البلد من مواطنين ومقيمين.
الإعلام سلطة وقطاع مؤثر تأثيرا مباشرا في سلوكيات الناس وتعاملاتهم, وبقدر عطائه الإيجابي أو السلبي يكون حجم الأثر إيجابيا أو سلبيا, حتى إن الإعلام في بعض الأحيان يجمل ويبسط القبيح السلبي السيئ ويجعله في أعين المشاهدين والقراء جميلا ومقبولا, وربما يقبح الفعل الجميل, وهذا ما نشاهده في سلوكيات بعض أبناء الجيل الجديد.
الإعلام قوة عظيمة ومؤثر جبار وأداة حادة تؤثر تأثيرا مباشرا في كل فئات المجتمع كبيرها وصغيرها رجالها ونسائها, مواطنين ومقيمين, وفي مختلف مؤسساته الحكومية والخاصة والأكاديمية والمجتمع المدني والخيري وغيره, ولهذا فإن العاملين فيه يجب أن يكونوا مختارين بعناية تفوق عناية اختيار أي عامل في القطاعات الأخرى في الدولة, كما يجب أن يكون مستوى الكفاءة والثقة والولاء في أعلى درجاتها بحيث يعي العامل فيه أثره الإيجابي والسلبي في الجميع, كما يجب أن نستوعب حقيقة أن الإعلام لم يعد السلطة الرابعة, كما كنا نعتقد ونقول, وإنما انتقل إلى مستوى أعلى مع تطور أدواته ووسائله. اللهم انفعنا بإعلامنا واجعله عونا لنا لتحقيق ترابط مجتمع سعودي الانتماء عربي اللسان, إسلامي المعتقد, وعالمي الطموح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي