انتخابات الغرف.. إلى الأفضل

لم أشعر بكآبة في غرفة جدة مثلما شعرت بها في مركز جدة للمعارض، حيث أقيمت انتخابات بيت التجارة. والملاحظ وجود المرشحين في الصالة المخصصة لهم إلا أن علامات الاستفهام على وجوههم، يتساءلون في أنفسهم لمن سيصوت هذا الناخب أو ذاك، حتى أعز أصدقائهم لا يعرفون إن كانوا سيصوتون لهم أم لا, حيث إن لكل مؤسسة أو شركة صوتا واحدا فقط.. إحراج تشكر عليه وزارة التجارة والصناعة، لقد حرمتنا من حق لنا يمارس منذ إنشاء الغرفة وتوقعنا مراجعة معاليه قراره الذي يختلف تماما عن توقعات الأغلبية.
والسؤال المتكرر من بعض الصحافيين: لماذا أحجم كثير من أفراد العائلات عن المشاركة في الترشيح لعضوية مجلس الإدارة؟ وكان تعليقي أن الباب مفتوح أمامهم ولم يمنعهم أحد, وإحجام بعضهم عن الغرفة ونشاطاتها قد يكون لآراء شخصية أو علاقات وقضايا خاصة وهذا لا يعني الغرفة أو منتسبيها، وبعضهم أحجم لاعتراضه على القرار الوزاري وحضر بعض كبار رجال الأعمال وغيرهم يتساءلون: لماذا حضرنا اليوم؟ كان الأجدر أن نقاطع الانتخابات أو نحضر ونضع أوراقا بيضاء أو نكتب عليها تفويضا لوزارة التجارة والصناعة بالانتخاب نيابة عنا ونريح أنفسنا ونريح الوزارة, ولكنهم قدِموا مثلي حبا في الغرفة وما تمثله لنا نحن قطاع الأعمال ولمزاولة حقهم الانتخابي مثل بقية دول العالم.
إننا كرجال أعمال لا نفرض رأينا على الوزارة ولا نقبل فرض الوزارة علينا قرارا لا يتفق مع حق حرية اختيارنا لأعضاء مجالس إدارات الغرف. إننا نعمل مع الوزير ومنسوبي الوزارة وكذلك نتحاور معهم ولا يضير معاليه أن تقوم الوزارة، عن طريق مجلس الغرف، بإجراء استبيان لمنسوبي الغرف السعودية في أنحاء المملكة بإرسال استمارة يتفق عليها مع رجال الأعمال تحتوي على جميع نقاط الخلاف وماذا يريد رجال الأعمال في المملكة. فلهم حق إبداء رأيهم سواء كان متفقا أو مخالفا لرأي الوزارة، ويمكن أن تجمع المعلومات المطلوبة، حيث إن رجال الأعمال هم أعضاء الجمعيات العمومية للغرف ولهم الحق في اتخاذ القرارات التي يرون أنها في صالحهم، وهذا الاستفتاء لن تستطيع أقلية أو أكثرية، فردية أو عائلية، أن تتحكم فيه، إنه اقتراح عسى أن يقبله معالي الوزير.
هل تريد أن تصوت لمرشح واحد أم لـ 12؟ أم لـ 18؟ هل ترغب في زيادة عدد الأعضاء لتمثيل الحرفيين والمستشارين والمحامين والمهندسين والمحاسبين القانونيين؟ على أن تصوت كل فئة من المنتسبين لممثليهم فقط. قالوا إن النظام الجديد يمنع التكتلات!! وماذا عن التكتلات إذا كانت بين جماعة منسجمة؟ ومن يجبر الناخب للتصويت على جميع أفراد هذه المجموعة أو تلك؟ أليس للوزير حق تعيين ستة أعضاء؟ ألا يكفي هذا في إدخال الدماء الشابة أو المستقلة؟ وكيف سنمنع التكتلات السرية؟ هل يعقل أن الأصوات التي حصل عليها الصناعيون أكثر من عدد الصناعيين في جدة؟ والسبب واضح لأن بعض التجار أعطوا أصواتهم للصناعيين وبهذا انتفت قائمة التجار والصناع فرضا، وحيث إن النظام يحدد من حصل من المرشحين على أعلى الأصوات هم فقط الذين يدخلون المجلس. بمعنى آخر أن السابع من الصناعيين لديه أصوات أكثر من السادس من التجار. لذلك يجب أن يدرس نظام الانتخابات بمنهجية مقنعة في المستقبل.
إن من يقرأ ما يقترحه كل مرشح للغرفة في جدة يجد بعض الأفكار والأهداف الجيدة التي يجب أن تتحقق أو تدرس على الأقل, وبعضها أفكار تبين أن بعض المرشحين لا خبرة لديهم في أعمال الغرف وما يقترحونه أحلاما بعيدة كل البعد عن الواقع الممكن تنفيذه. لذلك أقترح على كل غرفة أن يقوم مجلس إدارتها الجديد بتعيين فريق لدراسة جميع أفكار ووعود المرشحين الفائزين وأيضا الذين لم ينجحوا في الانتخابات وجدولتها وتقديمها للمجلس لدراستها ومناقشتها وتبني ما يصلح منها.
وأقترح على معاليه أن يضيف شرطا أساسيا في نظام الانتخابات لكل من يرغب أن يرشح نفسه لانتخابات الغرف أن يكون قد شارك بنجاح في دورة على الأقل في لجنة من لجان غرفته أثبت فيها حبه للعمل التطوعي ومداومته عليه واكتسابه الخبرة. كما أقترح على معاليه أن يشترط ألا يسمح لأي شخص بالترشيح إلى مجلس إدارة الغرفة بعد عضويته لفترتين متتاليتين ويسمح له الترشيح في الدورة الرابعة إذا رغب حتى نعطي فرصة للتجديد والتغيير. ويا حبذا لو أمرت وزارة التجارة لجان الانتخابات بأن تكون صناديق أوراق الانتخابات غير شفافة وليس كما كان الحال في جدة. كما يجب عليهم عدم السماح بالتصوير للناخبين والمرشحين وموظفي الغرفة المعنية داخل قاعة الاقتراع. كما يمنع أي عضو في مجلس الإدارة مرشحا نفسه في الانتخابات من أي سلطة أو دور أثناء أيام الانتخابات, وبذلك لا حق له في الإدارة في موقع الانتخابات أو أي عمل يتعلق بها سواء مباشرة أو بتبليغ الغير من موظفي الغرفة وأعضاء مجلس الإدارة، حتى يتساوى جميع المرشحين في الحقوق والمزايا وإلا يلغى ترشيحه. أقترح أيضا عدم استخدام موظفي الغرفة في صالات الاقتراع بل منتدبين من الجامعات وجهات حكومية وغيرهم ويمنعون كما يمنع موظف الغرفة من سؤال أي ناخب لمن ستصوت؟ أو أقترح عليك فلانا إنه جيد.
وأقترح أيضا ــ إن أمكن ــ أن تقوم الغرفة المعنية بتشييد المواقع المخصصة للمرشحين بالحجم نفسه ولا يسمح لأحد بالضيافة بل تقدم الغرفة الضيافة مجانا ويمكن للغرفة أن تحدد، إذا رغبت، مبلغا تتقاضاه من كل مرشح بالتساوي، ولا يسمح بالمواقع الخاصة للقادرين من المرشحين. كما أقترح على كل غرفة أن تهيئ، قبل الانتخابات، يوما لمقابلة المرشحين المنتسبين ولتقديم برامجهم ومناقشتهم وكذلك توزيع هذه البرامج على الصحف المحلية بالمساحات المتساوية لجميع المرشحين، وألا يسمح النظام بالمقابلات الشخصية (صفحة كاملة) لبعض المرشحين دون غيرهم أو إلزام الصحيفة نفسها بتقديم المساحة نفسها لكل مرشح أو عمل ملحق بالانتخابات.
كذلك أقترح إذا ثبتت شراء الأصوات أن يُطرد المُدان من مجلس إدارة الغرفة, وكذلك من أُدين ولم يدخل المجلس ويمنعان من الترشيح مستقبلا.
يجب أن نشكر وزارة التجارة والصناعة وممثليها في انتخابات بيت التجارة للعمل المتميز الذين قاموا به من دقة وانضباط والمتابعة الحثيثة من معاليه ووكيل الوزارة حسان عقيل، وغيرهما من موظفي الوزارة، فشكرا لهم، كما نريد أن نكون عونا لمعاليه وليس عبئا عليه. كما أرجو من أعضاء المجلس عدم التصارع على كرسي الرئاسة.. والله يستر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي