المتوكلون.. والمتواكلون!

مر «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه بقوم يجلسون حول الكعبة فسألهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون.. قال «عمر»: لستم المتوكلين ولكنكم المتواكلون.
والفارق بين الكلمتين في الكتابة حرف.. ولكن في المعنى ما بين السماء والأرض.. فالمتواكلون قوم اختاروا البطالة كأسلوب حياة.. اعتماداً على الصدقات أو الهبات دون أن يسعوا في الأرض للكسب.. أما المتوكلون فقوم بحثوا عن عمل يقتاتون منه وتوكلوا على الله في بحثهم عن لقمة العيش وكرامة العمل.
ونحن – في طريق السعودة – عندنا من المتواكلين أكثر بكثير من المتوكلين.. والمتواكلون عندنا هم الذين قبعوا في منازلهم حتى يأتيهم الطارق بعمل في الحكومة.. يتضمن لصاحبه المرتب المجزي والوجاهة الاجتماعية.. والمكتب والسيارة والسكرتارية والتليفون.. وهي كلها أوهام أو أضغاث أحلام.. فالحكومة – كما قال وزير العمل - لن تعين موظفاً فيها الآن ولا في المستقبل المنظور بعد أن تضخم الجهاز الإداري للدولة وأصبح عبئاً على الميزانية.
ثم تطلع علينا «عكاظ» بموضوع عن أن ثمة 32 ألف وظيفة عمل مؤقت في موسم الحج، بمرتب قدره 3500 ريال في الشهر.. وأن الإعلان عن هذه الوظائف بدأ منذ 15 شعبان الماضي، ولم يتقدم لشغل هذه الوظائف سوى 76 شخصاً فقط من السعوديين.. وهؤلاء الذين يجلسون على شاطئ السعودة ينعون حظهم وعدم وجود فرصة عمل لهم لا بد أن يكونوا قد عملوا بهذه الوظائف، ولا بد أيضاً أنهم هزوا أكتافهم لأن الوظائف الجديدة هي وظائف عمل شاق ومؤقت.. وهم يريدون الوظائف الناعمة التي تحقق لهم كما قلت آنفاً الراحة والوجاهة الاجتماعية.
إنهم المتواكلون.. وهم لا يدركون أن الحظ والفرص الحقيقية في الحياة تأتي عن طريق العمل الشاق مهما كان نوع العمل.. فالعمل البسيط الشاق هو السبيل الوحيد إلى المستقبل بل وإن العمل الناعم المجزي.. وقصص أصحاب الملايين والبلايين بدأوا من تحت السلم قبل أن يصعدوا هذا السلم إلى القمة ولولا أنهم اشتغلوا أولاً تحت السلم لما صعدوه.
إن الجالسين حول الكعبة في انتظار أن تنزل عليهم الوظائف الناعمة سينتظرون عبثاً أو كما قال الدكتور «غازي القصيبي» إن السماء لن تمطر وظائف حكومية بعد الآن.. ولو كنت أصغر سناً لتقدمت إلى إحدى هذه الوظائف.. من أجل السعودة.. ومن أجل أن أصبح مليونيراً فيما بعد.. قل يا رب!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي