المحاسبة في المملكة ورياح التغيير (4 من 4)

إكمالاً لرياح التغيير قد نرى قريباً تعديلات جوهرية في نظام الشركات السعودي، الذي تحت المناقشة، ومن هذه التعديلات المواد المتعلقة بمالية الشركات ومسؤولية الأطراف المتعددة حيالها؛ إضافة إلى ربط عدالة القوائم المالية بتطبيق معايير المحاسبة السعودية. كما قد نرى تحديداً دقيقاً لمسؤولية كافة أطراف نماذج الأعمال من ملاك حاليين ومتوقعين، ومديرين وإداريين حاليين ومتوقعين، وموظفين وموردين وغيرهم؛ إضافة إلى المحاسبين والمراجعين القانونيين؛ كما سنرى توضيحاً دقيقاً للعقوبات المدنية والجنائية لكافة الأطراف عند إهمالهم العادي أو الجسيم، وسنرى تطبيقاً دقيقاً لحوكمة الشركات، حيث صدرت لائحة الحوكمة للشركات السعودية، وسيشمل نظام الشركات الجديد مواد تحدد مسؤولية جميع الأطراف عن فعالية نظام الرقابة الداخلية وعدالة منتجاته. وقد نرى قريباً رفع قضايا على المحاسبين القانونيين في حال الإهمال العادي أو الجسيم، وقد بدأت بوادر تلك القضايا في الظهور. فحالياً تنظر قضيتان لدى ديوان المظالم، ولا شك أن القضاء كان له دور في تأسيس قواعد تطوير مهنة المحاسبة في الغرب، كما قد نرى الاستثمار في تطوير نظم المحاسبة في الشركات عامة والمساهمة خاصة، في الاستفادة القصوى من التطور التكنولوجي؛ حيث لاحظنا أخيرا أن بعض الشركات المساهمة تصدر قوائمها المالية بعد يوم واحد من إقفال حساباتها.
كما قد نرى ضغطاً اجتماعياً على الجامعات السعودية لتطوير خريجيها بما يتلاءم مع حاجات السوق، وذلك بالرفع من مستوى مناهجها ومتابعة التطورات التكنولوجية وتطوير أساليب تعليمها والرفع من مستوى أعضاء هيئة تدريسها؛ وهنا يجب أن نشير إلى دور اختبار زمالة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين في إذكاء روح التنافس بين الجامعات لترقى بخريجيها إلى مستوى ذلك الاختبار. وقد نرى تشكيل مجلس جديد تابع لهيئة السوق المالية يعنى بالمحاسبة والمراجعة للشركات المساهمة المدرجة في سوق المال على غرار مجلس الإشراف على محاسبة الشركات العامة التابع لهيئة الأسواق والأوراق المالية الأمريكي SEC . كما قد يتم العمل بشكل جدي على مواءمة معايير المحاسبة السعودية مع المعايير الدولية، بحيث تبقى اللغة العربية أساساً لتلك المعايير، وأن يعدل ما يتعارض مع المعايير الدولية (إن وجد)، حتى يتم الوصول إلى الهدف في كون معايير المحاسبة السعودية أساساً لإعداد القوائم المالية للشركات في المملكة، وأن هذه المعايير تحت إطار المعايير الدولية؛ مع إبقاء المعايير المحلية والتي تلائم المحيط الاجتماعي والاقتصادي في المملكة، مثل الإفصاح عن الفوائد الربوية سواء في صافي الدخل أو توزيعات الأرباح، وأساليب معالجة الزكاة الشرعية باعتبارها مصروفاً أو توزيعاً للدخل وغيرها الكثير؛ وأعود إلى أن إعداد المعايير باللغة العربية يعتبر ذا أهمية، نظراً لكونه ذا ميزة تنافسية للشباب السعودي والعربي عند التوظيف، وإلا أدى إلى دخولهم في منافسة عارمة مع غير العرب، وقد يصبحون غرباء في أوطانهم.. والله أعلم...

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي