نادي خدمات مساندة لكل حي

قديماً - وفي غالبية مدن المملكة وقراها - استخدم سكان الأحياء التقليدية الساحات والطرق المظللة المتكونة بين المساكن لمزاولة أنشطتهم الجماعية اليومية، ولإقامة مناسباتهم الاجتماعية، وللاحتفال بالأعياد، ولإحياء المناسبات الشعبية والمحلية، كما كانت ملعباً آمناً ومفتوحاً للصغار والأطفال.
ولكن اختراق السيارات بشكل مكثف أخلَّ بخصائص الفراغات المفتوحة في الأحياء السكنية المعاصرة، وحرم السكان من التمتع بمزاولة أنشطتهم الجماعية في الفراغات الخارجية المشتركة؛ لذا اضطر كثير من سكان الأحياء الحديثة إلى توفير فراغات كبيرة في مساكنهم لإقامة الحفلات واستقبال أعداد كبيرة من الضيوف في مناسباتهم الخاصة، كما أضيفت داخل بعض المساكن مساحات خاصة للعب الأطفال، وقاعات مجهزة بأدوات التدريب الرياضي، ومسابح وغيرها من العناصر التي تضيف عبئاً مالياً على الأسرة، ويكون هناك هدر دائم لنفقات العناية والصيانة المستمرة، على الرغم من أن هذه العناصر لا تستغل من قِبَل الأسرة بالشكل الأمثل، ولا يستفاد منها باستمرار.
ولأن الحصول على جميع هذه العناصر والخدمات في المسكن غير ممكن لعدد كبير من الأسر؛ فإنها تجد صعوبة في مزاولة كثير من أنشطتها الاجتماعية، وإقامة حفلاتها الخاصة، وتمتع أفرادها بمزاولة الأنشطة الرياضية والترفيهية؛ لذا لجأ السكان - الذين لا تحوي وحداتهم السكنية العناصر اللازمة لإقامة المناسبات الاجتماعية أو مزاولة الرياضة والترفيه - إلى استئجار الاستراحات بوصفها بديلاً لإقامة حفلاتهم الخاصة أو للترفيه عن أبنائهم. فظهرت نتيجة لذلك مشاريع الاستثمار في مجال الاستراحات، وتطورت مع الأيام إلى أماكن مخصصة للترفيه العائلي، أو لإقامة الولائم والحفلات. ولكن مساحة كثير من الاستراحات وتجهيزاتها تفوق احتياجات الأسرة الواحدة، ومن ثم يصبح تكلفة إيجارها باهظة وغير اقتصادية لإقامة وليمة واحدة لعدد غير كبير من الضيوف، أو لقضاء أفراد الأسرة يوماً أو بعض يوم في المتعة والترفيه. كما أن أكثر الاستراحات تتواجد على أطراف المدن وخارجها، وهو ما يستدعي القيام برحلات تنقل لمسافات طويلة للوصول إليها والعودة منها.
من هذا المنطلق قد يكون توفير نوادٍ للخدمات المساندة ضمن مراكز الأحياء السكنية وداخلها، بتجهيزاتها المخصصة لإقامة الحفلات والولائم، وبالعناصر الترفيهية والرياضية (المشتملة على: المسابح، وأماكن التدريب، والملاعب المخصصة للأطفال)؛ عاملاً مهماً يدفع بالأسر إلى القبول بمساكن صغيرة ذات تكلفة تنفيذ وصيانة وتشغيل أقل، واختصار عناصر المسكن على ما يفي باحتياج الأسرة في حياتها اليومية، والحد من العناصر ذات المساحات الكبيرة التي تُخصَّص عادة لاستقبال الضيوف في المناسبات التي لا تقام إلا في مرات معدودة خلال العام، والاستغناء عن إنشاء ناد رياضي أو ترفيهي مصغر في كل مسكن، وسيكون في ذلك خفض لتكلفة الحصول على المسكن وامتلاكه، وهو ما سيمكن كثير من الأسر من الحصول على المسكن الملائم لمتطلباتها الأساسية، وامتلاكه ضمن مقدرتها المالية. وسينتج من ذلك وفر اقتصادي كبير على مستوى الأفراد وعلى مستوى الاقتصاد الوطني بشكل عام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي