Author

رفيدة: علـِّمِي الناسَ الحنـَانـَا

|
* أهلا بكم في مقتطفاتِ الجمعة رقم 311. *** * توفِّي فجر السبتِ الماضي في المنطقةِ الشرقيةِ الشابُ «صالح الشهري»، كأول حالة وفاةٍ في المملكة، وربما في منطقة الخليج، من أثر مضاعفات مرض «إنفلونزا الخنازير». ونطلب اللهَ المتعالِي أن يغمد روحَه الجنة، وأن يمنّ بالصبرِ على أهلِه، وأن ندعو له كلنا بالمغفرةِ وحُسن المآب. وحتى لا تكون وفاةُ هذا الشاب بلا معنى، يجب على المجتمع الكُلـِّي بمنظماتِه وناسِهِ رفع الوعي والاحتراز ضدّ هذا المرض، وحسناً فعلتْ وزارةُ الصحةِ بأن وضَّحَتْ الأمورَ وكيفية تلقي العلاج بالتفصيل، وكيف تمّت وفاته.. فالمكاشفةُ الصريحةُ هي أولُ طرق الوقاية. *** * حافزُ الجمعة: كيف سيكون مستقبلي؟ كيف سيكون مستقبلُ المنشأةِ التي أعملُ فيها؟ كيف سيكون مستقبلُ المكان الذي أعيش فيه؟ أسئلةٌ لن يجيبك عنها أحد، فعلمُها عندَ علاّم الغيوبِ. ولكن هناك شيءٌ نعلمه حقاً، فإن ما نعمله اليوم هو انطلاقٌ في نفق الزمن لما سيكون عليه المستقبل. فكل شيءٍ يرتكزُ على لحظةٍ واحدةٍ: لا لحظة الماضي، لأنها فاتت. ولا لحظة المستقبلِ، لأنها ليستْ موجودة، ولكن كلّ الارتكازِ على لحظةٍ واحدةٍ هي لحظةُ الممكن، لحظة الحاضر.. الآن! فعلينا اغتنام الفرصةِ الحاضرةِ لتحقيق إنجاز المستقبل. ونصيحتي، لا تتقاعسْ، لا تكسَلْ، لا تؤجّلْ، فقد تفوِّتُ على نفسِكَ اللحظةَ الموائمةَ لتصنعَ مستقبلاً كان جديراً أن يكون أكثرَ نجاحاً. *** * موضوعُ الجمعة: المُجَاهِرُ: خرج مقالان أشغلا التفكير، عن المُجاهِر بأفعاله المُعيبة (بأقلِّ صفةٍ، وفي رأيي أن المجاهرة بالأفعال الساقطةِ أحطّ من كل صفات الهبوط الإنساني مجتمعة!) ولا عليك من رأيي، فلكم أن تحكموا بملكاتِكم العقلية ووجدانِكم الإيماني، وإنسانيتكم المطلقة. المقالُ الأولُ من زميلتنا في «الاقتصادية» الكاتبة الكبيرة الدكتورة نورة خالد السعد، ووقفتْ موقفاً صريحاً وفاصلاً ضد المُجاهِر، وأن يُقام عليه العقابُ بلا ترددٍّ حسب نصوص الشريعة، ولامت «الأثرياءَ» الذين يشجعون هذه البرامج التي لا تنتج إلا ثمراتِ السموم. ووقف معظمُ قرائها الذين ملأوا موقعَ مقالِها تأييداً، ويخرج في «عكاظ» مقالٌ في 28 الجاري كتبه السيدُ «صالح إبراهيم الطريقي» بعنوان: «مفهوم المجاهرة», والسيد الطريقي يقف بالطبع ضد المجاهرةِ الدنيئةِ، ولكنه يطلب محاكمةً عادلةً وليست غاضبة ضد الشابّ المجاهر، ويطلب من المجتمع ألا يغضبَ على أبنائِهِ، فعلى حدِّ قولِهِ: «لا ترتقي المجتمعاتُ إنسانياً ما لم يعترف أبناؤها بالأخطاء ليتم تصحيحها»، وانقسم قراؤه بين مؤيدٍ لرأيهِ ومضادٍ بقوة. هل الكاتبةُ والكاتبُ الكبيران هما على الرأي ذاته، وكل منهما اتخذ مسلكاً للوصول نحو الهدف؟ أم هما طريقان بهدفين مختلفين، وأحدهما هو الصحيح؟ أو كلاهما؟.. كما قلتُ: لكم عقولُكم، ولكم رأيُكم.. وطبعا علينا أن نزنَ حجمَ الجرم! *** * وفي كتابهِ الثري «أبجدياتٌ سياسيةٌ على سورِ الوطن»، يكتب المؤلفُ الكبيرُ الدكتور «حسن بن فهد الهويمل» تحت عنوان «سلبيات الإفراط والتفريط» هذه الفقرة: «أن نذعنَ للمرتهنين في شرك الغرب، المرتمين في أحضانه، المروجين لآرائه.. فذلك النكوصُ على الأعقاب.. ولا يقبل بشيءٍ من هذا إلا الذين هم مِن أراذل القوم». عرفتُ الدكتورَ الهويمل باجتماع في الرياض لمدة يومين، ولمستُ فسحة فكريةً فسيحةً عنده، ولكنه من الناس الذين يمتلكون رؤيةً واضحةً للأشياء، وصريحةً برؤيةِ الألوان، كالأحمرِ والأخضرِ في إشارةِ المرور، ولا يعنيهم اللونَ الأصفرَ، لأنه لا يعطي موقفاً، فهو ليس إلا.. محطة بين موقفين! *** * هل تعتقدون أن التمريضَ والتطبيبَ النسائيَّ هو من إنتاجات الغرب؟ أم كان بدءا من المسلمين؟ لقد كتبتْ الكاتبةُ المصرية «سنية قراعة» في مقالٍ قديم في مجلة «العربي» الكويتية عن «كعيبة الأسلمية» التي أنشأت أول عيادةٍ للتمريض، ووصفتها بأنها أول ملاكٍ رحيم يحوم بالحنان في سماءِ يثرب. ثم وجدتُ في كتابٍ «قديم أيضا» وصولا لي من مكتبة العم أحمد الزامل، بعنوان «الإسلامُ والطب» للدكتور شوكت الشطّي: بأن «رفيدةَ الأسلمية» كانت طبيبة متميزة في الجراحة ولذلك اختارها الرسولُ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتقوم بعملها في خيمةٍ متنقلةٍ أثناء المعارك». ويبدو من مقارنة التواريخ أن الطبيبة رفيدة سبقت الممرضة كعيبة، وكلتاهما أسلميتان. ومن يقرأ لابن إسحاق يجد أن الرسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأةٍ من أسلم يقال لها رفيدة كانت تداوي الجرحى. وهناك طبيبة أخرى اسمها موافق لعملها وهي «الشفاءُ بنت عبد الله»، اشتغلت بالطبِّ واشتهرتْ بعلاج مرض يسميه العربُ «النملة»، وأسأل هنا الدكتور «خالص جلبي» لأنـّي أحسب ذاك مرض الأكزيما. فلنتأملَ كثيراً في هذا الأمر. *** * والألطفُ، أني وجدتُ قصيدةً للشاعرِ المصري الراحل «أحمد محرم»، يصف مشهداً من يوم «الأحزاب»، ومطلعُها: رفيدةُ علِّمي النــــــاسَ الحنــانـــا وزيدي قومَكِ العالينَ شانا خذي الجرحى إليكِ فأكرميهم وطـوفي حــــولهم آناً فــآنـــَـا في أمان الله..
إنشرها