تقييم أول 100 يوم لنجيب في منصبه

لا بد أن يكون نجيب عبد الرزاق، رئيس وزراء ماليزيا الجديد، بعد 34 عاماً من العمل في المستويات السياسية العليا، وهو أكبر أبناء ثاني رؤساء وزراء ماليزيا، عبد الرزاق حسين، قد تخيل ظروفاً أفضل لبروزه في الطريق إلى بلوغ القمة.
تسلم نجيب مهام منصبه في الثالث من نيسان (أبريل)، أي قبل نحو 100 يوم، بعد أن قررت المنظمة الوطنية المتحدة للماليزيين، في النهاية أنها لا تستطيع تحمل تنفيذ رغبة رئيس الوزراء السابق، عبد الله بدوي، في قضاء نصف فترة حكمه بعد النكسة التي تعرض لها الحزب وحلفاؤه في انتخابات الثامن من آذار (مارس) 2008.
غني عن القول إن هنالك كثيرا من الممارسات العنيفة التي تضمنتها مغادرة عبد الله. واتضح ذلك في استثناء نجيب لصهر عبد الله، خيري جمال الدين، من مجلس وزرائه، على الرغم من انتخاب هذا الشاب رئيساً لجناح الشباب في المنظمة المتحدة. ولإضافة الملح إلى الجرح، جرى تعيين نائب خيري، رازالي إبراهيم، في منصب نائب وزير، كما جرى تعيين مخريز مهاتير في منصب مماثل، وهو أحد المرشحين اللذين هزمهما خيري.
وبذلت جهود كبيرة لمنح المنظمة المتحدة تمثيلاً مبالغاً فيه في أوساط السلطة. ويوافق معظم المراقبين على أن ولايتي شرق ماليزيا الاثنتين تملكان مفاتيح السلطة في المستقبل المنظور، وتستطيعان تحويل اتجاه الميزان إلى حيث تريدان.
إن ما لاحظه نجيب كذلك هو أن حزبه وحلفاءه لم يكونوا قادرين على الفوز بأي مرتبة مهمة من خلال الانتخابات في الفترة الراهنة، حيث تم تنظيم خمسة انتخابات فرعية خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وتم فوز حزب باكاتان راكيات المعارض بثلاثة من تلك الانتخابات التي شاركت فيها المنظمة وحلفاؤها. وبدت الأمور ميؤوساً منها حتى أن المنظمة، قررت للمرة الأولى، عدم ترشيح شخص في الانتخابات الرابعة.
وتبين أن تعاطف الشعب ما زال قوياً مع المعارضة، ولا سيما في أوساط الشباب. ولم يؤد فوز نجيب الذي تم بصورة فوضوية، وأطاح بحكومة حزب راكيات في ولاية بيراك، إلى جعل نجيب قريباً من قلوب الناخبين.
وإن الدرس الذي كان عليه أن يتعلمه على وجه السرعة هو أن تبادل اللكمات بين الجبهة والمعارضة، سيترك الجبهة وحلفاءها بأنوف تنزف دماً. وبالتالي فإن المجالات التي يستطيع فيها إحراز نقاط في صالح حكمه، وأن يدير الأمور من موقع قوة، هي العلاقات الخارجية، وإدارة الاقتصاد الوطني على المستوى الكلي. وكانت أبرز رحلاته الخارجية إلى سنغافورة، والصين، حيث تضمنت الزيارة اجتذاب استثمارات سنغافورية إلى ماليزيا، ولكنها انتهت بأن تذكرها الناس من خلال الحديث عن إقامة جسرٍ ثالثٍ بين البلدين، ذلك الاقتراح الذي ثبت أنه غير ملائم. وأما رحلته إلى الصين، فتم التخطيط لها لتكون من جميع جوانبها رحلة على خطى والده المشهور الذي توجه إلى الصين كجزء من عملية للاعتراف الدبلوماسي المتبادل بين البلدين، وللحصول على دعم الصين لسياسة ماليزيا غير المنحازة في جنوب شرق آسيا.
واستطاع نجيب أن يكسب بعض نقاط الشهرة من زيارته إلى الصين ولا سيما بين الماليزيين الصينيين، الذين يشكلون بشكل مؤكد هدفه الرئيسي للتودد في الوقت الحالي، ووعد باستقبال الاستثمارات الصينية الكبيرة في البلاد في المستقبل القريب.
وفيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية بشكل عام، فإن حزمتي الحوافز اللتين ربط بينهما كوزير للمالية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 بمبلغ 67 مليار رينمنبي كانتا تفتقران إلى التفاصيل، ولم تخلقا الثقة العامة التي أمل فيها، وفي الوقت ذاته، فإن التوقعات المتعلقة بتراجع في إجمالي الناتج الوطني في البلاد أخذت تصبح سلبية وهي الآن عند 5 في المائة.
وفي الوقت المناسب لتوفير مادة إيجابية للمحللين والنقاد الذين ينتظــرون إعلان حكمهم على أول 100 يوم له كرئيس للوزراء، أعلن نجيب بعض التدابير الكبيرة التي تخلق بلا شك قدراً كبيراً من الاهتمام الوطني والدولي.
وبعد 88 يوماً بالضبط من وصوله إلى السلطة، قلص بصورة كبيرة من القواعد والشروط التي تحيط بملكية ومشاركة المالاويين الأصليين وصفقات العقارات التي تشمل هذه المجموعة، وجاءت هذه الخطوة بعد شهرين من القرار برفع قانون الأسهم بنسبة 30 في المائة لهذه المجموعة من 27 قطاع خدمات، وكان ذلك القرار قد أزال القيود على الاستثمار الأجنبي، في الخدمات الصحية والاجتماعية والسياحة والنقل والكمبيوتر والقطاعات الأخرى ذات العلاقة، وهنالك مبادرة أخرى رفعت السقف على الملكية الأجنبية للبنوك الاستثمارية وشركات التأمين إلى 70 في المائة، وخفف القوانين التي تحكم منح تراخيص للبنوك.
ورغم الشكوك القوية بين الكثيرين، بمن فيهم معلمه المزاجي، مهاتير محمد، بأن مبادراته الأخيرة بتخفيف شروط الاستثمار كانت ترمي إلى تعزيز شعبيته المتراجعة وليس كخطوات أساسية في إصلاح شامل للبنية التحتية الاقتصادية الوطنية، كان هنالك زخم هائل لإثارة النقاد المحليين.
وعلى نقيض ذلك، فإن خطاب تنصيبه الذي ألقاه قبل 100 يوم الذي أعلن فيه الإفراج عن 13 معتقلاً اعتقلوا وفق قانون الأمن الداخلي، وحظر مطبوعتين معارضتين وإعادة النظر في قانون الأمن الداخلي نفسه، لم تفلح كثيراً، واعتبرت تلك المناسبة أنها رمت بشكل صارخ لاستغلال المشاعر العامة لمصلحته.
والسؤال الرئيسي حالياً هو: هل نشهد بداية نهاية برنامج العمل الإيجابي المثير للجدل، السياسة الاقتصادية الجديدة؟ ورداً على هذا السؤال ومعالجة قضايا ساخنة أخرى مثل قانون الأمن الداخلي، فإن نظام منظمة المالاويين الوطنية المتحدة الانتخابي وإصلاحات الشرطة ستبقيه منشغلاً طوال المائة يوم المقبلة.

خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: Opinion Asia

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي