الوزراء ومخافة الله

الحمد لله أننا نعيش في وطن مسلم بجوار الحرمين الشريفين، تقوده حكومة رشيدة تحرص على تطبيق أحكام الشرع. وعلى الرغم من وجود بعض التجاوزات التي نسمع عنها بين فترة وأخرى، إلا أن هذا لا ينفي حرص ولاة الأمر على تطبيق النظام ومحاربة الفساد بجميع أنواعه وأشكاله.
هذا الأسبوع وقف أحد الوزراء ليقول إنني أرتجف خوفاً كلما آوي إلى فراشي أتساءل هل سيحاسبني الله عن كل عاطل وعاطلة؟ ويضيف الوزير قائلاً، وماذا سأقول إذا وقفت أمام الله في يوم الحساب فقال لي: ماذا فعلت من أجل عبادي الباحثين والباحثات عن العمل؟
هذا الشعور الجميل وهذا الخوف هو رأسمال المسؤولين الذي يجب أن يتمسكوا به في كل لحظة، إذ إن الأنظمة والسياسات والقواعد واللوائح وغيرها من التنظيمات الأخرى يمكن أن يتم اختراقها، وكل ما سبق يمكن أن يتم التفاهم بشأنه ومعرفة ثغراته وتلمس جوانب الضعف في كل نظام موجود، ولكن الأهم من هذا كله وصمام الأمان في محاربة الفساد والحرص على الإنجاز هو مخافة الله عز وجل ومراقبته، وأن يسأل كل منا نفسه ماذا فعل فيما أوكل إليه من مهام وفيما تحمل من مسؤوليات قبل أن يسأله الآخرون وقبل أن يسأله الله يوم يلقاه.
إن هذا الشعور الذي عبّر عنه معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي في الحفل الختامي لبرامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع لعام 2008م، هو الشعور الذي يجب أن يكون سائداً لدى كل الوزراء خصوصاً والمسؤولين عموماً، إذ إن الإجابة عن هذا السؤال في الدنيا للبشر قد تكون ميسرة من خلال ما يرفع من تقارير، وما يقدم من توصيات وما يتم استعراضه من فعاليات وما ينشر في وسائل الإعلام، أما أمام خالق السماوات والأرضين ومن يعلم السر وأخفى فإن مثل هذه الأمور لا تجدي، فهو عالم الغيب ويعرف حقيقة الأمور ولن ينفع شيء في هذا الموقف إلا رحمة الله عز وجل، ثم العمل الصالح المتقن الذي يتمسك به الإنسان ليكون عوناً له في ذلك الموقف.
إن الشفافية والوضوح يجب أن تكونا شعار كل مسؤول اليوم، فلم يعد هناك شيء يمكن أن يخفى، ففي ثوان تنتشر الأخبار وعلى مواقع الإنترنت، ولذلك فإن ما يساند مخافة الله عند كل مسؤول هما الوضوح والشفافية اللذان تميز بهما معاليه في ذلك الحفل، إذ كان شفافاً وواضحاً في حديثه، مشيراً إلى أنه لم يذق طعم الراحة منذ تقلده هذا المنصب الذي وصفه بالابتلاء.
لقد شملت كلمة معاليه في ذلك الحفل جانبي الخوف والرجاء، فهو وإن كان يرتجف خوفاً من سؤال المولى عز وجل له عن العاطلين وماذا فعلت بهم، فإن رجاءه في الله كبير فهو أعدل من أن يعذب أحداً بجريرة أحد، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ومع ذلك يؤكد (هل قمت بكل جهدي، هل قام زملائي بكل جهدهم، هل استطعنا أن نقوم بكل ما نستطيع العمل به، هل هناك تقصير، حتى إن الإنسان يتمنى أن يخرج في النهاية من هذه المهمة كفافا لا له ولا عليه، وإن تم ذلك فهو فضل من الله).
إن التعامل مع المنصب من هذه الزاوية أمر ينقص كثيرا من المسؤولين، وهو أساس يجب أن يتمسك به الجميع، فلا شيء بعد مخافة الله عز وجل وتقواه، فإن وجد هذا المفهوم وحدثت بعده أخطاء فهو خطأ المجتهد الذي كان يطمح لتحقيق المصلحة إلا أنه لم يتمكن لأمر يعلمه الله، ولكنه على أقل تقدير قد بذل جهده وحرص على إنجاز عمله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي