خادم الحرمين يختصر الزمن بتعدد الإنجازات في المجالات كافة

تحل ذكرى مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملكاً على المملكة العربية السعودية وقائداً لمسيرتها التنموية ورائداً لنهضتها في مختلف جوانب الحياة العلمية والاقتصادية والصحية والاجتماعية، تحل هذه الذكرى حاملة معها عبق التحديات التي خاضها، وضخامة الإنجازات التي حققها - حفظه الله - في بضع سنوات يكاد يخالها المرء دهرا، غير مصدق لما يلمسه ويراه قد أنجز على أرض الواقع.
إن تحليلاً منصفا لسجل الإنجازات الذي تمكنت المملكة العربية السعودية من تحقيقها على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد المسؤولية في بلادنا، يقدم أدلة لا لبس فيها على أن هذه البلاد قادرة على اجتياز أصعب العقبات وأدق التحديات التي فشلت في عبورها دول كثيرة أخرى فاقت مملكتنا قدرات وإمكانات وطاقات وخبرات وثروات. هذا النجاح الذي تغبطنا عليه أمم هذا الكون الفسيح لم يكن ليتحقق دون توفيق الله - عز وجل - ثم بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتنا الرشيدة التي أولت شعبها ثقتها الذي بادلها الثقة والإخلاص.
يأتي هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعضده الأيمن وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبد العزيز، ليضع أركاناً تحديثية وتطويرية في بناء هذه الدولة الفتية التي اختار لها ولاة الأمر الإسلام منهجاً والوسطية والاعتدال قواماً، وذلك في امتداد طبيعي للعهود السابقة منذ عهد الملك المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومن تلاه في حكم البلاد من أبنائه البررة، بعد أن وضعوا بصماتهم العظيمة - طيب الله ثراهم - جميعاً على صعيد تأسيس الدولة وبناء الإنسان فيها.
تتسم قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بسمات حضارية تتميز بتحديث الأنظمة وسن الجديد منها وبناء الدولة الحديثة – دولة المؤسسات التي تعتمد على التقنيات المتطورة وتعتبر عصر المعلوماتية فرصة ينبغي الاستفادة منه في تطوير معايير حياتنا، كما تتسم قيادته - حفظه الله - بتميزها بصفاته الإنسانية التي جعلته أحد أبرز القيادات العالمية وملك الإنسانية لما يلمسه العالم من تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه في كافة أرجاء المملكة وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني حول العالم.
إن السياسة التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والتي تعتمد على التوازن في التعاطي مع القضايا المختلفة المحلية والإقليمية والدولية مكنت المملكة العربية السعودية من تبوؤ مكانتها المستحقة ضمن الدول ذات التأثير الأكبر في مجريات عالم اليوم. ولقد قام – حفظه الله – بمهمة جسيمة ألا وهي الدفاع عن الدين الإسلامي إزاء ما يتعرض له من هجمة شرسة لم يسبق لها مثيل في العصور الأخيرة، مما ارتد سلباً على المسلمين كافة في مختلف أنحاء المعمورة. فعمل - رعاه الله - بكل دأب واضعاً كل طاقته وما حباه الله لهذه البلاد من قدرات مفكريها وعلمائها في الذود عن حياض هذا الدين العظيم. وقيض الله للملك عبد الله النجاح والتوفيق في هذه المهمة، حتى لمسنا بالأمس القريب مدى تأثير هذا الجهد الوجداني والفكري الذي قام به - حفظه الله - متمثلاً في اعتراف زعماء العالم بعظمة الدين الإسلامي وإنسانيته، مقرين بفداحة الخطأ الذي وقع فيه من حاول أن يقرن الإسلام بالعنف والإرهاب، ساعين للحوار والتكامل مع المسلمين، في انسجام تام مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين الحضارات والأديان.
ملك الإنسانية، وصف لا يفي الملك عبد الله حقه، لكنه تعبير صاف لا بد وأن أطلقته نفوس لمست اليد الحانية للمليك المفدى، ووجدت في إنسانيته الملاذ بعد الله في الفقر والمعاناة والمرض والظلم والقهر الذي يميز الحياة المادية التي تصبغ عالم اليوم. لقد امتدت مكارمه حفظه الله لتغطي العالم كله بلا مبالغة، فمن يصدق أن زعيماً بحجم الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية يجد الوقت ليتابع علاج حالة مرضية لطفل أو كهل، بل ويجد الوقت ليزوره في سريره في أحد مستشفيات المملكة. من يفكر في طفل يعاني في إفريقيا أو أوروبا ويشعر معه، كما يفكر ويشعر مع معاناة طفل في الرياض، ويعطي للطفلين فرصة العلاج والرعاية، لا بد وأن يكون ملكاً للإنسانية. من أطلق مبادرة ( الطاقة من أجل الفقراء) وخصص الأموال لصندوق (الطاقة والبيئة والتغير المناخي ) ويرعى مبادرة ( تطوير المحتوى العربي في الشبكة المعلوماتية)"، لا بد وأن يكون ملكاً للإنسانية. حريّ بكل سعودي أن يحمد الله - عز وجل - كثيراً أن قيض لبلادنا مليكاً ارتضته الإنسانية ملكها، وأن يدعو الله أن يجعل جهوده الإنسانية الخيرة في ميزان أعماله ودافعاً عنه وعن بلادنا من كل شر وحسد.
هذا الملك يؤمن بأن الله - عز وجل - استخلف الإنسان لعمارة الأرض. وهذا هو نهجه الذي لم يحد عنه منذ ريعان شبابه - حفظه الله - حتى آلت إليه مقاليد الحكم في المملكة. ومن هنا يسهل على المرء أن يتتبع خطى الملك عبد الله بن عبد العزيز وسياسته في رعاية مواطن هذه البلاد، فلا شيء لديه - يرعاه الله - يعلو المواطن أهمية، ولا أهمية لديه - حفظه الله - فوق أهمية التعليم والتدريب وتهيئة المواطن لخوض غمار الحياة متسلحاً بأفضل ما يمكن من العلم والمعرفة والإعداد والتأهيل. لقد خصصت الدولة من منطلق هذه الرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين للعام المالي 1430 – 1431 هـ نصيب الأسد من ميزانيتها العامة لقطاع التعليم والتدريب، راصدة له أكثر من 122 مليار ريال، وبهذا يقود الملك عبد الله بن عبد العزيز مشروعه لتهيئة المواطن السعودي شاباً كان أم فتاة، مفتتحاً الجامعة تلو الأخرى في أرجاء مملكتنا، حتى جاءت درة العقد (جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية) لتجسد تحويل حلمه - حفظه الله - في إعادة أمجاد العرب والمسلمين في العلم والمعرفة في عهد صدر الإسلام إلى حقيقة ملموسة في بداية القرن الحادي والعشرين. كما تمثل مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز - رعاه الله - في إنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن كأكبر جامعة نسائية في العالم، مدى اهتمامه بتعليم الفتاة السعودية دون إخلال بمرتكزاتنا الإسلامية التي لا تتعارض مع الحداثة والسعي لطلب العلم.
ويتجسد التزام الملك عبد الله بن عبد العزيز واهتمامه بالعلم والتعليم جلياً من خلال رعايته الشخصية - حفظه الله - لبرنامج الابتعاث الخارجي الذي يستفيد منه عشرات الآلاف من أبناء وبنات المملكة الذين أتاح لهم البرنامج فرصة الحصول على درجات علمية متقدمة من أفضل الجامعات في العالم، مخالطين ثقافات مختلفة ومؤثرين فيها - بحول الله - إيجابياً ومقدمين صورة حقيقية عن مواطني هذه البلاد المتمسكين بثوابتهم الدينية والوطنية والمنفتحين على الحضارات الأخرى، مع ما سيوفره ذلك للمملكة من كفاءات مؤهلة تحتاج إليها بلادنا في هذه المرحلة التي تشهد نهضة فائقة في مختلف مناحي الحياة مما يستتبع وتيرة الحاجة إلى المزيد من الطاقات الشابة.
ويتواصل اهتمام المليك المفدى بالعلم وأهله، مكرماً الأفذاذ من أساتذة الجامعات والباحثين ممن يبرزون في أنشطتهم محققين نجاحات علمية ومسجلين براءات اختراع لمنجزاتهم العلمية، حيث يكرمهم - حفظه الله - بمنحهم وسام الملك عبد العزيز ويشرفهم باستقباله مسدياً لهم توجيهاته الكريمة وباثاً فيهم روح الحماسة ومشجعاً أقرانهم على التميز. وامتد اهتمامه ورعايته - حفظه الله - لجميع أساتذة الجامعات فوضع لهم الحوافز الكريمة التي سوف يكون لها أكبر الأثر في إحداث نقلة نوعية في جامعاتنا التي تمكنت بفضل مبادراته الكريمة التي خصها التعليم العالي والجامعي من تحقيق إنجازات عالمية المستوى تمثلت في بلوغها مراتب متقدمة في تصنيف الجامعات العالمية، ومنها على سبيل المثال تصنيف جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المرتبة 338 بين أفضل 400 جامعة عالمية من بين آلاف الجامعات في العام الحالي مسجلة بذلك المرتبة الأولى عربياً، وذلك بناءً على معايير تقويمية أكاديمية وبحثية ممنهجة.
إن سجل الإنجازات التنموية التي تسجلها إرادة ومتابعة وتوجيه مليكنا المفدى يصعب إحصاؤها أو متابعة وتيرتها، فهي متتابعة بقدر كرم صاحبها وإخلاصه لوطنه ومحبته لشعبه. لكن هذا غيض من فيض فكر وإرادة الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي وضع الاهتمام بأمن المواطن وطمأنينته نصب اهتمامه، نتقدم بهذه المناسبة بعميق التهنئة لمقام لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز والأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي النبيل، داعين الله العلي القدير أن يعيدها أعواماً مديدة بالخير والرفاه على قيادتنا الحكيمة وبلادنا العزيزة وقد تحققت تطلعات خادم الحرمين الشريفين وآماله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي